
أثر الحرب على هجرة رأس المال الوطني
بقلم د. معتصم الزاكي
رأس المال الوطني أو ما يعرف بالقطاع الخاص الوطني، هو أحد الروافد المهمة المساهمة في الاقتصاد والموازنة العامة ويشكل قوة دفع رئيسة في توفير فرص العمل وسد حوجة المجتمعات من السلع والخدمات، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي.
يحدث هروب رأس المال عندما يفقد المستثمرون الثقة في الوضع الاقتصادي أو السياسي لبلدانهم ويبدأون في نقل أصولهم إلى بلدان أخرى. ويمكن أن يحدث لأسباب مختلفة، مثل ارتفاع التضخم، أو انخفاض قيمة العملة، أو الاضطرابات السياسية، والحروب وعدم الاستقرار الاقتصادي.
من هذا التعريف المختصر نسعى لرصد هروب رأس المال السوداني وتأثير ذلك على الاقتصاد الوطني ومستقبلة.
يستخدم المقال نظام النمذجة الاقتصادية لتعويض شح البيانات خلال فترة الحرب. وإحصاءات لأعوام سابق، وربطها بحركة الأفراد ونشاطهم في الوقت الحالي.
ظاهرة هروب رأس المال السوداني بدأت قبل الحرب خاصة بعد انقلاب “25” أكتوبر 2021م.
ولكن الشاهد الآن بعد إشتعال الحرب تزايدت بكثافة نسبة هروب رأس المال الوطني، نسبة للدمار الكبير الذي حدث لرأس المال ممثلا في المصانع والمؤسسات والشركات
فهرب ما تبقى منها إلى خارج السودان،
حتي وصل الأمر إلى تفكيك ماكينات بعض المصانع وتهريبها إلى خارج السودان.
تشير المعلومات إلى رأس المال السوداني المستثمر في إثيوبيا ياتي في الترتيب الثاني بعد استثمار دولة الصين، ويقدر بأكثر من “3”مليار دولار لعدد “800” مستثمر سوداني (المصدر 1 ).
والشاهد الآن نتيجة للحرب هنالك تزايد مستمر لهروب رأس المال السوداني لإثيوبيا للاستثمار عبر شركات ذات نشاطات مختلفة وسط اهتمام واحتفاء من الحكومة الإثيوبية.
هروب رأس المال السوداني إلى مصر.
هنالك أعداد كبيرة من السودانيين خاصة أصحاب الدخل الفوق للوسط هاجروا إلى مصر ومنهم أصحاب الأعمال والأنشطة التجارية المختلفة التي كان لها تأثير كبير في النشاط الاقتصادي داخل السودان فهاجرت رؤوس أموالهم معهم ونقلت مالها و نشاطها إلى مصر، وبدأ واضحا حركة النشاط التجاري الخاص بالسودانيين مما ساهم في انعاش مقدر لحركة التجارة في مصر.
يقدر النشاط الاقتصادي لرأس المال السوداني الحالي بأكثر من نصف مليار دولار بعدد شركات يفوق “382” وفي تزايد مستمر كل عبر أنشطة تجارية متعددة سواء كانت كبيرة شركات أو صغيرة في شكل محلات تجارية،
( المصدر 2 ).
رأس المال السوداني في القطاع العقاري في مصر
تشير المعلومات إلى دخول “20” مليار دولار إلى القطاع العقاري في مصر بالشراء بغرض السكن أو الاستثمار (المصدر 3)
وصل الاهتمام المصري بهذا الجانب لتخصيص مؤتمر للاستثمار العقاري مخصص للسودانيين في مصر )
هروب هذه الأموال الضخمة، تشير إلى أن من يقوم بالشراء العقاري هم أصحاب الأموال والدخول الكبيرة،
ويتحرك هولاء في شراء العقار وبالتالي الرغبة في الاستقرار ونقل أنشطة اقتصادية لأطول فترة.
كما أن هنالك روؤس أموال كبيرة هربت إلى دولة يوغندا وجنوب السودان وكينيا وتشاد ودولة رواندا وبعض الدول الإفريقية لم نتمكن من الوصول إلى أرقام حقيقية بخصوصها ولكن المشاهد في الاستثمارات التي تقوم بها أو استثمارات تحت الإجراءات أنها أموال كبيرة هربت من السودان بعد الحرب.
تأثير هروب رأس المال على الاقتصاد الوطني
الاستقرار السياسي والأمن من العوامل الرئيسية التي تساعد في تطوير النشاط الاقتصادي.
لذلك الحرب هي أول معول هدم للنشاط الاقتصادي نسبة للمخاطر الكبيرة التي تولدها بعد إشتعالها.
حرب “15” ابريل والدمار الكبير الذي حدث للمستثمرين سواء كان وطني أو أجنبي خلف خسائر كبير وهدد من تبقى منها، ويقدر الخسائر في هذا الجانب ب “15” مليار دولار خلافا للخسائر في البني التحتية والتي تقدر ب”60″ مليار دولار المصدر (4 ) .
هذا بالتأكيد محفز للنجاة بما تبقى من رأس المال .
الهروب كان أفضل الخيارات بالنسبة لروؤس الأموال.
إذ استمرار الحروب يعني فقدان السودان لهذا الكم الكبير من رأس المال الوطني الذي يرفع الناتج المحلي الإجمالي ويساعد في سد الفجوة في السلع والخدمات وتوفير الوظائف لآلاف السودانيين وتفعيل السلوك الاستهلاكي وزيادة الإيرادات الداخلية والخارجية ودفع الصادرات وتراكم الاحطياطي من النقد الأجنبي وانسياب حركة الاقتصاد وعجلة النمو الاقتصادي ..
هذا القطاع المسمي (قطاع خاص) له اسهامات اقتصادية كبيرة في مختلف أنماط الأنشطة زراعية وصناعية وخدمية ويعد رافد مهم في النشاط الاقتصادي وموازنة الدولة.
كل ذلك سوف يفقده الاقتصاد السوداني وهو واحد من المؤشرات الرئيسية للاقتصاد الكلي مما يوثر على الاقتصاد ويهدد تماسكه وحركته التي تساهم في تماسك الوطن ككل إذا استمرت الحرب لأكثر من ذلك.
لذلك يحتاج إلى إيقاف الحرب واستقرار بأسرع مما يمكن، وعمل حوار جامع مع أصحاب رؤوس الأموال لحثهم على عدم مغادرة أرض الوطن لمن تبقي منهم، وفتح حوار واسع مع الذين غادرو إلى خارج السودان وتشجيعهم للعودة إلى الوطن في أقرب وقت بعد إيقاف الحرب، وعمل مؤتمر اقتصادي خاص برأس المال الوطني وكيفية تطويره وتحفيزه للمساهمة في البناء الاقتصادي.
المصادر
1/ الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة مصر .
2/ وكالة الإذاعة والتلفزيون إثيوبيا
3/ اتحاد أصحاب العمل السوداني .
4/ قناة القاهرة والناس
5/صحيفة الراكوبة
6/ دراسة د. البدوي وزير المالية الأسبق، أثر الحرب على الاقتصاد في السودان.
7/صحيفة اليوم السابع المصرية