مقالات

ومضة التجديد-الفكر القومي العربي-أنموذجاً بقلم د-عزالدين حسن الدياب.

بقلم د-عزالدين حسن الدياب.

ومضة التجديد-الفكر القومي العربي-أنموذجاً
بقلم د-عزالدين حسن الدياب.
يدعون إلى تجديد الفكر العربي،وتلك الدعوة مهمة مستقبلية لاتقبل التأجيل.لكن من أين نبدأ التجديد؟ ذلك السؤال المصيري.والإجابة عليه،يتطلب منا في وطننا العربي أن نبحث في أولويات التجديد ومهامه،على ضوء التحديات التي يتعرض لها الوطن العربي، وفي العمق الإنسان العربي.
الإنسان العربي أولا لماذا؟
لأنه المستهدف من جهات عدة،وهذا الاستهداف يطرح نفسه بوصفه تحديات تعمل على منع الإنسان العربي من بلوغ أهداف أمته في التوحيد والتقدم والظفر بدورها الحضاري.
ويأتيه الاستهداف أولا:
من مكونات ثقافته العربية المسكونة بقيم وولاءات وانتماءات، وقيم الحلال والحرام والعيب،تلك الولاءات والانتماءات والقيم التي تشكل محددات لسلوك الإنسان العربي، التي تجعله في كثير من الأحيان،على سبيل المثال، يغلب ولاءاته وانتماءات العائلية،والقبيلية،والجهوية، والمذهبية الطائفية،على ولاءاته الوطنية والقومية،وحتى الدينية،وهذه الغلبة محكومة أولا واخيرا لعوائده،على حد تعبير ابن خلدون”الإنسان ابن عوائده”
وسؤال هذه المعطيات الثقافية،كيف لك أيها الإنسان العربي أن تكون ابن بلدك وأنت تغلب ولاء جهتك على ولاء بلدك،وكيف تكون ابن وطنك وأنت تناصر جهتك وعشيرتك ومذهبك على ولاء وطنك،وكيف تكون وحدويا وأنت تعلي ولاءاتك وانتماءاتك الجهوية والمذهبية والقبيلة،على ولائك وانتمائك الوحدوي؟
ثم يأتيه الاستهداف الخارجي من خلال قانون تواصل الثقافات وتجاورها وتعايشها وتناقضها بل قل صراع قيمها،حيث يكون الانتصارا فيها في ظل عالم الانترنت للثقافات المتقدمة وقيمها، وما مالكت من محددات ،تآزرها وتقويها،فلسفة تلك الثقافات، والعناصر الفكرية والمادية و المسافة الحضارية للأمم المتقدمة، التي تجعل التواصل الثقافي،في ظلِّ قانون تخلي الثقافات واكتسابها،لصالح ثقافات المجتمعات المتقدمة.
فما بالك أيها المجدد من آلاف من أبناء الأمة العربية يجلسون الساعات أمام هواتفهم النقالة،وهم يتابعون ويتغذون بما تقدم لهم ثقافات الأمم المتقدمة من غث وثمين،وخاصة ثقافة العدوانية الغربية،وثقافة الصهيونية العالمية، من قيم ومحددات، سلوكية تعادي في الأصل توجهاتهم الوطنية والقومية،ومالها من ولاءات وانتماءات تعلي من سقف الوحدة ومستلزماتها من قيم وثوابت فكرية؟
وسؤال تكمن فيه أسئلة وأجوبة كم عدد الأفراد من أبناء الأمة العربية أجازوا طلب المعونة من الغرب ضد العراق،وكم عدد الأفراد الذين شمتو بانكسار مصر أمام الكيان الصهيوني عام 1967؟وكم …وكم في كثير من الأحداث والواقعات البنائية الوطنية والقومية خرجنا عن ثوابتنا العربية ؟
عن سؤال يخص التخلي والاكتساب في الثقافات،أثناء تواصل الثقافات المتقدمة مع الثقافات المتأخرة ،ومايملي هذا التواصل،بما يحكمه، من قوانين ومحددات ،لصالح الثقافات المتقدمة.ونستانث بقول ابن خلدون في هذا الشأن حول هيمنةثقافات الاقوى على الأضعف وذهاب الأضعف لتقليد الأقوى.
وتوحي الأفكار التي قالتها هذه المداخلة،مؤكدة صحة قولها بأن التجديد في الفكر العربي مهمة مصيرية مستقبلية لا تقبل التّأجيل،لكن الأهم من أين نبدأ على ضوء أولويات الأمة العربية في معركة مصيرها،الذي تقرره ثوابت الوحدة العربية التي تعد المحدد الموضوعي للنهضة العربية،وبلوغ المستقبل الذي تنشده وتسعى إليه.
إنً البدء في هذه الحالة ليس اختيارا يحكمه منطق الرغبة الذاتية،وما تتوفر من جاهزيات فكرية لاعلاقة لها بقانون الأولويات ومكوناته ومحدداته،بل هو اختيار الإرادة الشعبية بما ملكت واستحوذت من عفوية تشكل دالتها عن أولوياتها في معركة مصيرها.
ويظل الصدق في صحة تجديد الفكر العربي، إمتلاك الوعي في معرفة الأولويات في هذا التجديد،إذا أصغينا السمع لم يجري في البناء الاجتماعي العربي،في مستوياته الجهوية،والوطنية،والقومية من جدل قائم، بين مكونات البنى الاجتماعية،وخاصة البنى الثقافية وفي مقدمتها الولاءات والانتماءات،”المفهوم الانثروبولوجي.”
قال صديقي،وأنتم تدعون للتجديد في سياق التحديات التي تواجهها الأمة العربية،لم تلتفتوا إطلاقا لوظيفة عصبية القربى،العائلية،والقبيلية والجهوية والمذهبية،وآلياتها في تفكيك وشرذمة البناء الاجتماعي العربي،داخل مستوياته المحلية والوطنية والقومية،وفق آلية الصراع بين مستوياته،ومالها من عصبيات متصارعة متقاتلة.
ألست أنت القائل حول صراع العصبية في مستويات القربى:أنا أبن أسرتي قبل أن أكون ابن عشيرتي، اذا تناقضت مع عشيرتي وابن عشيرتي قبل أن أكون ابن قبيلتي،ومع بلدتي قبل وطني وأمتي ..إلخ ،أليس هذا قانون صراع عصبيات مستويات القربى الذي اغفلناها كثيرًا،وأغمضنى العين عن حيويتها”ديناميكياته”التقسيمية داخل البناء الاجتماعي العربي.
كم شيخ عشيرة أتى بأبنائه ،ومن ثم أبنا عمومته،وكم من حاكم عربي جاء بأقاربه إلى دفة الحكم،وكم من حاكم عربي جاء بابناء عشيرته،وصحبه،وحزبه،بغض النظر عن الامكانات والكفاءات،اللهم،ماعدا كفاءات القربى،على اختلاف مضامينها،وفاعلياتها،وعصبياتها.*
* العصبية عند ابن خلدون ليست عصبية قربى الدم وإنما هناك عصبية العقيدة والمذهب والمهنة…إلخ.وفي هذه المقاربة إشارة إلى من كان يريد بدعوته للتجديد،إخراج الفكر القومي العربي من ثوابته،التي جاءت في أطروحة معالم:” الجيل العربي الجديد”
د-عزالدين حسن الدياب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب