الأخبارتحقيقات وتقارير

“إنذار إستراتيجي” إسرائيلي عن “كسر داخلي” جراء التشريعات القضائية.. وغداً “يوم شَلل قومي”

“إنذار إستراتيجي” إسرائيلي عن  “كسر داخلي” جراء التشريعات القضائية.. وغداً “يوم شَلل قومي”

الناصرة- أكد معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب أن التصدّعات السياسية الناتجة عن التشريعات القضائية داخل إسرائيل تعادل هزة أرضية سياسية تتجاوز ست درجات على سلم ريختر.

وتوافق الباحثون في معهد الأمن القومي، في ندوة سياسية لهم، على أن إسرائيل تواجه اليوم سلة من التهديدات الخطيرة، تتمثل في تردي الأوضاع الاقتصادية في ظل أزمة اقتصادية عالمية، ونتيجة التشريعات القضائية، وتصدعات في العلاقات الثنائية بين إسرائيل وبين الولايات المتحدة، وتورط إسرائيل في نزاع داخلي غير مسبوق، نتيجة دفع “الإصلاحات القضائية” التي تفاقم كل هذه التهديدات وتضعف مناعة وقوة إسرائيل على مواجهتها.

باحثون: تغيير عميق لقواعد اللعبة الخاصة بالنظام السياسي والقضائي المعتمد حتى الآن منذ قيام إسرائيل، الأمر الذي تعتبره أوساط واسعة تهديداً مباشراً للديمقراطية.

وقال الباحثون في “المعهد”، في ورقة جامعة لكل مداخلاتهم، ضمن ندوة بعنوان: “إنذار إستراتيجي: الكسر الداخلي جراء التشريعات القضائية التي تهدد إسرائيل”، إنه من دون الدخول في مضامين هذه التشريعات الإشكالية الخلافية لا شك أن الحديث يدور عن تغيير عميق لقواعد اللعبة الخاصة بالنظام السياسي والقضائي المعتمد حتى الآن منذ 1948، الأمر الذي تعتبره أوساط واسعة من الإسرائيليين تهديداً مباشراً على الديمقراطية، وبشكل سريع جداً.

واعتبر المعهد أن كل ذلك يفسّر تزايد الاحتجاج الشعبي، الذي سيبلغ، غداً الخميس، ذروةً جديدة بإعلان قادة الاحتجاج عن كونه “يوماً للشلل القومي”.

وحذر الخبراء من أن أخطر ما تشهده السجالات الداخلية تسللها للجيش ولبقية مكونات المؤسسة الأمنية، بعد أن أعلن عدد من قادة الاحتجاجات من ضباط الاحتياط أن إمعان حكومة نتنياهو بتشريع القوانين، خاصة قانون تعديل تركيبة لجنة تعيين قضاة المحكمة العليا، يعني توقف عشرات الآلاف من جنود وضباط جيش الاحتياط عن أداء الخدمة العسكرية.

واليوم، كشفت الإذاعة العبرية العامة أن 300 ضابط في وحدات الكوماندوس البحرية قد أبلغوا وزير الأمن يوآف غالانت أنهم لن يتمكّنوا من الخدمة العسكرية، بسبب تحوّل إسرائيل جراء الإصلاحات القضائية من دولة ديمقراطية إلى دكتاتورية.

أزمات متزامنة

ولفت المحاضرون إلى أن إسرائيل شهدت، قبل عقدين، أزمات متزامنة في عدة جبهات، منها الانتفاضة الثانية، وتمكنت من التغلب عليها بفضل لحمتها الداخلية. واليوم، تواجه وضعاً مختلفاً، إذ هناك ثلاث جبهات (أمنية، دبلوماسية، واقتصادية) تدفع “الإصلاحات القضائية” للمزيد من الاستقطاب والانقسامات في صفوف الإسرائيليين، وهذا يمس بالمناعة الاجتماعية التي تعتبر ركناً أساسياً من أركان الأمن القومي.

يبلغ الاحتجاج الشعبي، غداً الخميس، ذروةً جديدة بإعلانه “يوماً للشلل القومي”.

وتابع الباحثون: “أكثر من ذلك، فإن دفع هذه التشريعات واستمرار الاحتجاجات تصرف الأنظار وتبدّد الطاقات الجماعية نحو هذه الخلافات، وسط إهمال لمواجهة التهديدات الخارجية المتعاظمة تزامناً مع الضعف الداخلي”.

التهديدات الأمنية

ويرى هؤلاء الخبراء، ومعظمهم خريجو المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، في ندوتهم التي تم إيجازها في تقرير واحد، أنه بعيداً عن “الإصلاحات القضائية” تفاقمت التهديدات الأمنية جداً في الفترة الأخيرة، وأهمها تزايد مستوى الخطر من جهة إيران التي تحولت إلى دولة على حافة النووي العسكري، وتكتسب خبرات عملية من مشاركتها غير المباشرة في الحرب على الأراضي الأوكرانية اليوم، علاوة على تلقّيها سلاحاً متطوراً من روسيا مستقبلاً.

كما أشاروا لخطورة التمدد الإيراني في المنطقة، وتوثيق علاقات طهران مع جاراتها في الخليج برعاية الصين، وحالة تصاعد التوتر والاحتقان في الجبهة الفلسطينية، المتمثل في عمليات متواصلة في ظل ضعف السلطة الفلسطينية، ونمو جماعات مسلحة على غرار “عرين الأسود”، فيما بات رمضان وراء الباب، مع كل دلالات ذلك على الناحية الأمنية، مع احتمال انفجار جديد في المسجد الأقصى، ويضاف لذلك أن “حزب الله” يبدي تجرؤاً متزايداً يدلّل على تراجع قوة الردع الإسرائيلية.

ونبّهَ الخبراء أنه على إسرائيل التصدي لكل هذه التهديدات الخطيرة، لكن الانقسام الداخلي يمسّ بقدرتها على ذلك.

ورأى الخبراء في معهد دراسات الأمن القومي أن الضرر الأكثر فداحة يكمن بما يتعرض له الجيش، الذي طالما كان محط إجماع إسرائيلي، وفوق كل الحسابات والانقسامات. وينبهون أيضاً أن فاعلية الجيش لم تنبع من واجب الجنود على الخدمة في صفوفه، بل من الشعور المشترك بالانتماء والحلم الجامع.

رأى خبراء أن الضرر الأكثر فداحة يكمن بما يتعرّض له الجيش الذي طالما كان محطّ إجماع إسرائيلي فوق كل الحسابات والانقسامات.

ويضيفون: “ليس صدفة أن الضربة الأصعب هي ما يجري في جيش الاحتياط، خاصة في الوحدات الخاصة التطوعية وطواقم الطيارين العسكريين أصحاب الخبرة والتجربة الكبيرتين، وضباط الاستخبارات ووحدات النخبة، ممن يحتجون على تغيير النظام السياسي ووقف الديمقراطية وفتح الباب أمام مقاضاتهم مستقبلاً في محكمة الجنايات الدولية، علاوة على سخطهم ضد إعفاء جارف، ومن خلال قانون جديد لليهود الأرثوذوكس (الحريديم)، من الخدمة العسكرية، مما يثقل كاهل الأوساط التي تؤدي الخدمة العسكرية”.

وحذر معهد دراسات الأمن القومي من أن استمرار هذه التشريعات الخلافية سيؤدي إلى حدوث أضرار بالغة للجيش وقدراته على العمل، ولجاهزيته لمواجهة أي حالة طوارئ.

كما حذر من أن الانشغال في النزاع الداخلي سيغرق القادة وصنّاع القرار السياسيين والدبلوماسيين والأمنيين في قضايا أخرى محلية، ويصرف أنظارهم عن معالجة قضايا أمنية حارقة مثل إيران والجبهة الفلسطينية والجبهة الشمالية.

“القدس العربي”:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب