مقالات

 أن نكون أو لا نكون بقلم د. منال حسن مختار

بقلم د. منال حسن مختار -السودان -

 أن نكون أو لا نكون
بقلم د. منال حسن مختار
الحديث عن التوافق السياسي في السودان كاد أن يكون ضربا من ضروب المستحيل، وذلك لاعتبارات عديدة، أهمها المسافة التي تفصل بين مكونات الحقل السياسي، سواء على مستوى التصور، أو الممارسة، أو الأفق السياسي، فضلا عن الأجواء المشحونة التي خلفتها التجارب السياسية السابقة.
وجميعنا يدرك بأن النظام البائد قد استخدم مِعْول التفرقة لفرض سياسته التمكينية، هذا المعول الذي يستخدمه أثناء هذه الحرب. وهو أمر يضعنا أمام مسؤولية وطنية تجاه الوطن .
وأول أجندة هذه المسؤولية هي البحث عن أفق سياسي يسمح لنا باستشراف حقيقي لتوافق سياسي يؤسس به بعداً منطقيا لتلاقي موضوعي حول مائدة سياسية، يكون هدفه إخراج البلاد من دوامة الاحتراب و الشتات والعداوة .
ويكون كفيلاً بتأسيس جبهة سياسية وطنية موحدة و مسؤولة.
وحتى نستطيع إيجاد أفق سياسي يشمل جميع المكونات السياسية لابد من دلالات لهذا التوافق السياسي، باعتبار أنه سيؤسس لاصطفاف أو تكتل سياسي فعال .
وأول هذه الدلالات أن يكون أفقاً سياسيا وطنيا غير مؤدلج لإيجاد صيغة سياسية تمكننا من الوصول إلى تفاهم مشترك، وحقيقي، حول مشكلات البلاد المزمنة والعالقة.
كذلك يجب إعادة هيكلة النسق السياسي ليستوعب مفهوم التعددية السياسية.
إن التأسيس لأفق سياسي بالتأكيد يحتاج للبحث عن آليات تدبيرية يكون الغرض منها خلق جو سياسي، تسود فيه قيم ومبادئ المصلحة الوطنية مثل حرية التعبير والاختيار والتنظيم وغيرها، وجعلها اللبنة لبناء قوة مجتمعية وطنية، تستطيع الإجابة عن سؤال: ما المطلوب لبناء الوطن؟
وبجانب الدلالات يحتاج تأسيس الأفق السياسي لثوابت مثل الاتفاق
بأن الاختلاف هو سنة كونية وليس نقطة خلاف حتى نجعله عامل قوة بدلا من ضعف. وآلية توازن لا اختلال و تكاملا لا تضادا.
و إذا أردنا إيجاد مثل هذا الأفق السياسي التوافقي لابد من الاتفاق على التدابير والإجراءات والمراحل التي بواستطها يتم خلقه .
إن التعايش الوطني يحتاج لوطن حاضن يعيش فيه الجميع دون تمايز يؤدي للفرقة والشتات، وبما أفرزته من ظواهر سلبية في مفهوم الانتماء الوطني تضع الكرة في مرمى السياسيين الوطنيين وأصحاب الضمائر الحية، بعد أن أصم النظام البائد الآذان، وتكالب على الاستبداد والآن بعد أن سقط القناع عنهم بهذه الحرب وفشلت كل مؤامراتهم الانتقامية، علينا الاعتصام بحبل الوطن عبر التوافق والاتفاق الذي يحدث التغيير الحقيقي .
وعند الحديث عن التغيير الحقيقي يجب أن لا نغفل عن الجانب التنظيمي والتأطيري حتى لا نقع في دائرة الإرباك والإنهاك، أو العنف والعنف المضاد بسبب استخدام الأدوات الخاطئة وهو أمر يستوجب وجود الضمانات والشروط التي تؤطر للمعنى وتحقق المضمون وتضمن الاستمرارية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر :
علاج أسباب الخلافات ومسببات عدم التوافق التي تتمثل في الآتي:
– القطع بعدم السماح للنظام البائد بالمشاركة في كافة المجالات وإسقاطه كلياً .
– التسليم بعدم قدرة أي طرف، مهما كانت إمكانياته، بالعمل منفردا.
– ترسيخ مبادئ السلمية والوضوح والشفافية.
– وضع ميثاق شرف يحدد المبادئ التي على الجميع الالتزام بها (العلاقة بين الأطراف…).
– بناء توافق على مرأى ومسمع من الشعب تمهيدا لجعل التوافق، والتعايش ثقافة شعبية، وسلوك سار .
– ترسيخ مبدأ النقد الذاتي والموضوعي للعملية التوافقية وهو من أهم الضمانات التي تقف في وجه التشكيك فضلاً عن كونه أدة لتقييم وتقويم المسار .
_ والوقوف على مكامن النقص والتراجع عن سبل الخلاف.
وهو شأن يحدو بنا للحديث عن محاذير التوافق السياسي التي تستطيع تقويض التوافق مثل :
– القفز على المراحل والمقصود به
التجاوز والاختزال، فالمطلوب خطوات آمنة ومؤمنة.
– القفز على الواقع، والمقصود به العمل المؤسس و عدم استعجال النتائج .
إن التوافق السياسي هو المخرج المناسب من الأزمة الحالية، فدولة السودانية اليوم تخطو بخطى سريعة نحو الانهيار الذي لا يمكن التنبؤ بنتائجه بسبب تطور الأحداث على المستويين الإقليمي والعالمي.
# لا للحرب
# والثورة مستمرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب