مقالات

لماذا يتنكّر بعض الأمازيغ المغاربة للقضية الفلسطينية؟ بقلم يحيى اليحياوي

بقلم يحيى اليحياوي

لماذا يتنكّر بعض الأمازيغ المغاربة للقضية الفلسطينية؟

بقلم يحيى اليحياوي

يبدو كما لو أنّ ثمّة صمتًا رسميًا للحركة الأمازيغية بالمغرب بإزاء ما يجري في غزّة، وفي فلسطين عمومًا، منذ السابع من تشرين أول/ أكتوبر الماضي وما قبله. وعلى الرغم من تصدّر بعض الفعاليات الأمازيغية للمشهد، بالتعبير عن تضامنها المبدئي مع أهل غزّة ومع قضية فلسطين، فإنّها تبقى تعبيرات فردية، معزولة وغير ذات بال للقياس عليها.

إنّ التيمة الغالبة التي تؤّسس للموقف الناظم للحركة الأمازيغية من غزّة ومن القضية الفلسطينية عمومًا، إنّما تتكثف حول ثلاثة توجهات كبرى:

ـ التوجه الأول، ويعزي تبرمه عن تبني قضية فلسطين إلى ما يسميه التوظيفات الإيديولوجية للقضية وصهرها في خلفيات عرقية ودينية، تجعلها حكرًا على جهة ووقفًا على تيار.

يقول بعض من يدفع بهذا الطرح: إنّ “الحركة الأمازيغية تتحفظ على الخطابات السائدة حول فلسطين، إذ ترفض الانخراط في خطاب القومية العربية الذي يعتبر فلسطين قضية العرب. كما تتحفظ على خطاب الإسلاميين حول فلسطين وترفضه، لأنّه يعتبر الموضوع دينيًا ويخلط بين اليهود وإسرائيل”.

ويتابع: “كان هذا هو السبب الذي يجعل الحركة منذ 2002، تتجنّب المشاركة في مسيرات الرباط التي تؤطرها شعارات (الدين) واليسار القومي العربي. إنّ إيمازيغن لا تقبل سماع من يقول “خيبر خيبر يا يهود”، لأنّ هذا استغلال لمسيرة فلسطين من أجل تمرير خطاب الكراهية الدينية لليهود. كما لا نقبل من يتحدث عن الدم العربي الذي يغلي في الرباط تضامنًا مع فلسطين، لأنّ هذا ركوب أيضًا على القضية، لتمرير خطاب عنصري ضد المكونات الجوهرية للهوية الوطنية”.

أمّا ما يقع بغزّة، فلا يتردّد صاحب هذا الطرح في القول: “نعتبر ما قامت به حماس من استهداف المدنيين وقتلهم، وأخذ بعضهم رهائن، والتهديد بقتلهم أيضًا، أفعالًا إجراميًة ولا علاقة لها بالمقاومة”.

ــ التوجه الثاني، يتبنى الموقف التالي: “إنّ الذين يتساءلون لماذا لم يخرج إيمازيغيون للتظاهرات التضامنية، لم يبيّنوا لنا الجهة التي يجب التضامن معها، هل حماس ضد إسرائيل أو حماس ضد الفلسطينيين أو عباس ضد حماس أو من بالضبط. لذلك، لا يمكن لإيمازيغيين الانخراط في مظاهرات من هذا النوع”، أي لا يمكنهم الاصطفاف حول خط سياسي، الفلسطينيون أنفسهم مختلفين حوله. بالتالي، فإنّ “الأمازيغ يعتبرون القضية الفلسطينية قضية سياسية إنسانية، وليست لا عربية ولا إسلامية”.

ــ أمّا التوجه الثالث، فهو موقف الحياد السلبي من القضية الفلسطينية. يقول أصحاب هذا الموقف: إنّ الأمازيغ “يظلون بعيدًا عن صراعات تدور بين العرب والعبريين في منطقة بعيدة تسمى الشرق الأوسط. إنّ المغرب لم تكن له علاقة تاريخية بهذا الصراع بين إسرائيل وفلسطين، ولكن الفكر القومي الناصري ورط العديد من البلدان في نزاع هي بعيدة عنه. الحركة الأمازيغية هي حركة مجتمعية مدنية حقوقية، نطاق نضالها الترابي هو المغرب وعموم شمال أفريقيا”.

ولذلك، فإنّ الحركة الأمازيغية، يقول الطرح إياه “لا يمكنها التضامن مع فلسطين العربية، الإسلامية والأممية، لأنّ الحركة الأمازيغية ليست عربية، بل هي ضد خطاب وأهداف القومية العربية، وليست إسلامية، بل هي حركة مدنية علمانية، وليست أممية، بل هي مع الشرعية الدولية”. التضامن هنا يأخذ صبغة إنسانية صرفة ولا يتعداها.

ثم يختم بنبرة تحدي: “لا أسمح شخصيًا، لأي يساري عروبي أو متأسلم إخواني أو وهابي في المغرب، أن يفرض عليّ قناعاته الإيديولوجية. من حقهم المطالبة بإغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي في الرباط، ومن حقي أن أطالب بطرد سفير الكيان الفلسطيني خارج المغرب. من حقهم التضامن مع فلسطين ومن حقي التضامن مع إسرائيل”!.

عروبة 22

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب