دراساتمقالات

الصهيونية -الجزء الرابع – الموسوعة الفلسطينية ( 4 – 5) إعداد وتلخيص : علي رهيف الربيعي

إعداد وتلخيص : علي رهيف الربيعي

الصهيونية -الجزء الرابع –
الموسوعة الفلسطينية ( 4 – 5)
إعداد وتلخيص : علي رهيف الربيعي
فإن صياغة الفكرة الصهيونية ذاتها بين اليهود قد تأثرت بكثير من الأفكار السائدة في الحضارة الغربية آنذاك :
( ا) واول المؤثرات هي الصهيونية غير اليهودية. وقد بينا ان عناصر الفكرة الصهيونية ( نقل اليهود إلى فلسطين والتخلص من الفلسطينيين وتأسيس كيان مستقل أو شبه مستقل بمساعدة إحدى الدول الغربية في مقابل ان تخدم مصالحها) كانت قد اكتملت ملامحها في كتابات الصهاينة غير اليهود، وبينا ان بعضا منها كان ينشر في الصحف الموجة إلى اليهود. وقد ترجمت بعض كتبهم إلى العبرية، وكان من اكثرها ذيوعا في أواخر القرن التاسع عشر ترجمه سوكولوف لكتاب أوليفانت أرض جلعاد.
( ب) تبنى الصهاينة كذلك كثير من مقولات الفكر العنصري الغربي الذي كان موجها اساسا ضد الشعوب المغلوبة في آسيا وأفريقيا لتبرير العملية الإمبريالية . وكان هذا الفكر ينطلق من افتراض التفاوت بين الأجناس، ولكنه في أواخر القرن التاسع عشر، ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية في أوربا الانفجار السكاني، وبخاصة بين يهود شرق أوربا، بدا المفكرون العنصريون يتوجهون صوب المسألة اليهودية، وافرزوا كثيرا من الدراسات عن ” اخلاق اليهود وطبيعتهم وهامشيتهم وانحطاطهم وتركزهم في الأعمال الاستغلالية وعدم انتمائهم إلى مجتمعاتهم” ( وهي كلها أنماط كانت تتواتر من قبل في كتابات الصهاينة غير اليهود).
( ج) كان الفكر العنصري أيضا فكرا عضويا في كثير من مناحيه، فهو يرى ان لكل أمة شخصيتها المستقلة وعبقريتها الفذة وإسهامها الحضاري المستقل ومنطقها الداخلي الخاص الذي يتحكم في مسارها التاريخي. وقد تم تعريف اليهود من هذا المنطلق على أنهم شعب له عبقرية خاصة ، ولذا فهو غريب عن الحضارة الغربية – ” إنهم جماعة معادية أدى وجودها داخل الحضارة الغربية إلى بؤس وشقاء استمرا دهرا من الزمن. فتلك الحضارة لم يكن في مقدورها طردهم أو استيعابهم (1) ( على حد قول اللورد آرثر بلفور ١٨٤٨ – ١٩٣٠). وجاء المشروع الصهيوني فانطلق من فكرة اليهود كشعب عضوي هامشي منبوذ ( وهو الأساس الفلسفي الذي يجمع بين الصهيونية ومعاداة اليهود).
(د) كما تكتسب الدولة في الفكر الصهيوني دلالة أخرى هي فكرة الدولة الراعية الغربية . فقد أدرك الصهاينة من اليهود في مرحلة هرتزل انه لن يتأتى لهم تحقيق مشروعهم القومي إلا من داخل مشروع استعماري غربي. ومن هنا كان البحث عن دولة غربية عظمى تقوم بعملية نقل اليهود وتوطينهم وتامين موطئ قدم لهم والدفاع عنهم ضد السكان الأصليين.
( هه) ومن الأفكار الأخرى التي كانت مطروحه في أوربا في القرن التاسع عشر الفكرة الاشتراكية بتنوعاتها المختلفة . وقد تبنى بعض الصهاينة من اليهود بعض اطروحات الفكر الاشتراكي ومصطلحاته وطريقة تحليله للمجتمع وحولها إلى ديباجة اشتراكية للصهيونية . ومن الجدير بالذكر أن الفكر الاشتراكي قد توجه نحو المسألة اليهودية وقدم تحليلات مختلفة لها، ومن اهمها تحليلات ماركس الذي رأى ان واقع اليهودية هو ” المتاجرة والمال” وان إله إسرائيل هو المال . وهو يرى ان الانتماء اليهودي لم يكن انتماء دينيا وحسب ، وإنما هو انتماء اقتصادي أيضا ، وبالتالي فهو يذهب إلى أن حركة المجتمع التي أدت إلى ظهور الرأسمالية وانتصار اليهودية سيؤدي هو نفسه إلى تحرر المجتمع من الرأسمالية وبالتالي من اليهودي. (1).
وهذا التحليل كان قد سبقه إليه شارل فورييه Charles Fourier الذي كان يرى ان اليهود فاسدون اخلاقيا وأنهم ” المستغلون الاقتصاديون الرئيسيون لأوربا”. ولذا طالب بطردهم من فرنسا وتحويلهم إلى ” شعب معترف به في فلسطين”. وطرح في كتابه الصناعة الزائفة ( ١٨٣٦) رؤية لفلسطين ( ومن ضمنها سوريا ولبنان) تتحول بموجبها إلى منطقة تجارب واسعة لنظامه الاجتماعي الاقتصادي الخاص المبنى على التعاون، وذلك ” بمساعدة من مليونير يهودي يمول المشروع”. ( ٢).
وآراء فوريه تقدم الحل الصهيوني الذي توصل إليه الصهاينة غير اليهود مع إضافة ديباجة اشتراكية له، وهذه هي الخلطة التي اعتمدها بعض الصهاينة من مدعي الاشتراكية الذين حاولوا تبرير صهيونيتهم على اساس اشتراكي.
يتبع..
(١)الموسوعة الفلسطينية، القسم الثاني، الطبعة الأولى، بيروت ١٩٩٠، ص٢٥٠، عبد الوهاب المسيري.
(٢)نفس المصدر ص٢٥١.
2024 أيار 19

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب