إندبندنت: قنصل بريطانيا السابق في القدس يدعو بلاده للاعتراف بدولة فلسطين أسوة بأيرلندا والنرويج وإسبانيا

إندبندنت: قنصل بريطانيا السابق في القدس يدعو بلاده للاعتراف بدولة فلسطين أسوة بأيرلندا والنرويج وإسبانيا
إبراهيم درويش
نشرت صحيفة “إندبندنت” مقال رأي للقنصل البريطاني العام السابق في القدس، ومدير جمعية “مشروع بلفور” السير فينست فين، حث فيه بلاده بريطانيا على الاعتراف بدولة فلسطين أسوة بأيرلندا و140 دولة أخرى.
وقال فين في بداية مقاله، إن حق تقرير المصير للفلسطينيين هو مفتاح السلام في الشرق الأوسط، وأضاف: “حرمت المملكة المتحدة الفلسطينيين من هذا الحق، عبر سوء تصرفها في فلسطين الانتدابية قبل أن نهرب سريعا في 1948. مضت 57 عاما على احتلال إسرائيل غزة والقدس الشرقية وبقية الضفة الغربية، وقد حان الوقت لكي نعترف بدولة فلسطين على هذه الأراضي”.
وقال إن إسبانيا وأيرلندا والنرويج هي آخر الدول التي فعلت ذلك، وأعلنت عنه في الأسبوع الماضي. و”بهذا انضمت لقائمة طويلة من الدول التي اعترفت رسميا بدولة فلسطين. وقدمت مثالا كان ينبغي على المملكة المتحدة تقديمه فيما يسمى حل الدولتين، والذي يتعين علينا تشجيع الآخرين على اتباعه”.
وقدم فين في البداية توضيحا حول الدولة الفلسطينية التي يجب تصورها، وهي التي تقوم على حدود ما قبل 1967، وبسيادة كاملة على أراضيها وحرية حركة السكان والبضائع والسيطرة الإدارية الكاملة مثل تسجيل الولادات وغير ذلك. ويعتبر الأمن جزءا أساسيا في الدولة.
وفي كانون الثاني/ يناير، قال وزير الخارجية ديفيد كاميرون إن السنوات الـ30 الماضية كانت قصة فشل لإسرائيل لأنها لم تقدم المطالب الأمنية البسيطة لمواطنيها. وسبب هذا الفشل هو بنيامين نتنياهو ونظراؤه الذين حرموا الفلسطينيين من حقوقهم، بما في ذلك حقهم بالأمن، من خلال ترسيخ الاحتلال العسكري والحصار وبناء المستوطنات غير الشرعية. وأضاف: “إن إدارك أن أمني مضمون من خلال أمن جاري وعبر أمن متبادل وضمانات دولية يعني توقف دوامة العنف، لأن الاضطهاد ليس شرا فقط، ولكنه لا يجدي”.
ويقول فين إن الجدال المقدم بشأن رفض الاعتراف بفلسطين زائف. فتأكيد على أنها دولة إلى جانب إسرائيل ليس كما زعم بنيامين نتنياهو الأسبوع الماضي بأنه “مكافأة للإرهاب”، مضيفا أن دولة فلسطينية ذات سيادة ستكون “دولة إرهاب” و”تحاول مرارا القيام بمذابح مثل 7 تشرين الأول/ أكتوبر” على حد زعمه.
ومع ذلك، فمن بين 193 دولة في الأمم المتحدة، اعترفت 140 منها بدولة بفلسطين، وأكد فين: “حكومتنا تعترف بدول وليس بحكوماتها، ويجب أن يكون في هذا تمييز واضح. ولن يكون هناك اعتراف بحماس أو فتح أو أي فصيل آخر. ولو أرادت حماس محو إسرائيل من الخريطة، فستخسر عندما تؤكد الدول على اعترافها بإسرائيل على خطوط ما قبل حزيران/ يونيو 1967. ويعود اعتراف بريطانيا بإسرائيل لأكثر من 70 عاما، ولم يتأثر بالاعتراف بفلسطين”.
ولن يكون الاعتراف سابقا لوقته أو متعجلا. فمنذ عام 2011، كانت سياسة الحكومة هي الاعتراف بفلسطين “في الوقت الذي نختاره، وعندما يدعم قضية السلام بشكل جيد”، وهذا هو الوقت، كما يقول.
فمن الخطأ ربط الاعتراف بمفاوضات سلام محتملة، في وقت تؤكد الإدارة الإسرائيلية أن لها الحق فقط بالأرض ما بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن. وينص اتفاق نتنياهو ومن معه في الائتلاف على أن اليهود لهم الحق فقط بتقرير المصير. وطالما ظل رئيسا للوزراء فلن تكون هناك مفاوضات، وعليه فالمنظور سيظل غير واضح.
ويرجع الأمر إلى الأمم المتحدة للعمل مع شركائها في المنطقة وخلق إطار لتحقيق السلام والعدالة. ففي عام 1948، حاولت بريطانيا غسل يديها ونقلت المسؤولية التاريخية للأمم المتحدة. وهناك واجب على بريطانيا لأن تعمل أمرا أفضل. لقد ولّت الأيام المشؤومة التي كانت فيها بريطانيا سلطة انتدابية، لكنها لا تزال تحتفظ بنفوذ يمكن أن تمارسه للخير أم الشر.
وبريطانيا هي عضو دائم في مجلس الأمن الدولي إلى جانب فرنسا التي تعتبر لاعبا مهما في السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي. ويجب على بريطانيا العمل بشكل قريب مع فرنسا، الولايات المتحدة وجيران إسرائيل العرب والشركاء في رابطة الكومنولث والذين يفكرون بالاعتراف، وتحديدا أستراليا ونيوزلندا.
ويمنح الاعتراف أمرين نادرين: أمل واحترام. أمل بأن هناك جهدا مستداما وحقيقيا، تلعب فيه بريطانيا دورا كاملا لمعالجة عدم المساواة والظلم وانعدام الأمن بالطرق السلمية وبناء على القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي. وأمل بأن الإسرائيليين سيعيشون بأمن واعتراف كل جيرانهم العرب بهم وتحقيق حق تقرير المصير للفلسطينيين.
أما الإحترام، فلم تُظهر بريطانيا أي لمحة احترام لحقوق الفلسطينيين على مدى قرن وأزيد، كما يقول السير فين. مضيفا أن الاعتراف بفلسطين إلى جانب إسرائيل سيظهر التكافؤ في الاحترام بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي. وهذه ليست كل الإجابة ولكنها البداية الصحيحة.
– “القدس العربي”: