بعد تفاقم الغضب بسبب انقطاع التيار الكهربائي… الحكومة مضطره لرفع الأسعار مجددا
بعد تفاقم الغضب بسبب انقطاع التيار الكهربائي… الحكومة مضطره لرفع الأسعار مجددا
القاهره /حسام عبد البصير
ليس لليأس موضع قدم على أرض فلسطين.. هكذا خلق الله شعبها عصيا على الهزيمة، وغير قابل للانكسار، أو المهادنة، مهما كانت التكلفة، ومهما بلغ مستوى الخذلان الذي يتجرعه من الأشقاء والعالم على حد سواء.
وبينما تسببت الإنجازات المتتالية للمقاومة في حالة من الفرح في أوساط الرأي العام، تسود كذلك حالة من القلق بسبب مستجدات الأوضاع في رفح. وقد أدان رونالد لامولا وزير العدل في جنوب افريقيا، ما ترتكبه إسرائيل من جرائم ومخالفتها للقرارات الصادرة من محكمة العدل الدولية، وعدم احترام القانون الدولي. وأضاف خلال مداخلة عبر شاشة “القاهرة الإخبارية”: “ندين كل جرائم إسرائيل فهي تضرب بكل القرارات الدولية والقوانين عرض الحائط، موضحا أنه على الجميع اتخاذ كل الإجراءات القانونية تجاه إسرائيل، وألا يصمت العالم أمام ما ترتكبه إسرائيل، واتخاذ إجراءات مضادة.. وأكد الدكتور أيمن محسب عضو مجلس النواب، ومقرر لجنة أولويات الاستثمار في الحوار الوطني، أن إدخال موضوعات الأمن القومي والسياسة الخارجية ضمن مناقشات الحوار، خطوة مهمة، تستهدف توحيد أطياف الشعب المصري كافة خلف الدولة المصرية، وما تتخذه من مواقف وقرارات تتعلق بحماية الأمن القومي المصري، في ظل الأوضاع الخطيرة التي خلقها العدوان الإسرائيلي الدموي على قطاع غزة.
وحول أزمة انقطاع التيار الكهربائي، أكد المستشار محمد الحمصاني المتحدث باسم مجلس الوزراء، أن هناك شرائح من المواطنين تستفيد من دعم الكهرباء، خاصة محدودي الدخل، موضحا أن قطاع الكهرباء يعاني من أعباء متزايدة؛ نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج «وعدم توافر» الموارد الدولارية اللازمة لاستيراد الوقود، التي أدت إلى لجوء الحكومة إلى برنامج لتخفيف الأحمال. وقال إن الحكومة تعمل على وضع خطة لإنهاء أزمة تخفيف الأحمال بشكل كامل نهاية العام الجاري، من خلال توفير المزيد من الموارد لقطاع الكهرباء، قائلا: «سيتم وضع خطة للانتهاء تماما من تخفيف الأحمال نهاية العام خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني أو ديسمبر/كانون الأول من العام الجاري؛ بهدف رفع هذا العبء عن كاهل المواطنين». وأوضح أن الهدف الرئيسي من رفع الدعم عن الكهرباء على مدى 4 سنوات؛ هو توفير الموارد الكافية لقطاع الكهرباء؛ من أجل القضاء على أزمة تخفيف الأحمال، وضمان عدم تكرارها مستقبلا. وأشار إلى أنه سيتم الإعلان عن مواعيد رفع أسعار شرائح الكهرباء بشكل شفاف وواضح، مؤكدا أن الزيادة ستكون تدريجية؛ لتجنب الإثقال على المواطنين بزيادات كبيرة يصعب تحملها.
حماس سلمت يداكِ
أنْ تنجح حماس في أَسْر عددٍ من الجنود الإسرائيليين في جباليا شمال قطاع غزة السبت الماضى، فهذه واقعة يصفها أحمد عبد التواب في “الأهرام” بأنها نوعية فاصِلة في تطورات الحرب الأخيرة، منذ بدأت قبل أكثر من 7 أشهر. ذلك أن أحد أهم الأهداف التي أعلنت عنها إسرائيل، وفشلت تماما في تحقيقه، كان، ولا يزال، تحرير أسراها لدى حماس الذين أسرتهم في ضربة 7 أكتوبر، وهو الفشل الذي لا يزال يشعل المعارضة ضد حكومة نتنياهو في تظاهرات ذوي الأسرى ومؤيديهم، إضافة إلى رفضها خوض مفاوضات جادة للإفراج عنهم. أما أن يُضاف عددٌ آخر من الأسرى الإسرائيليين لدى حماس، بالتفاصيل التي أعلنها المتحدث الرسمي باسم حماس، فهذا يشين جنود جيش إسرائيل، الذين بدوا في الواقعة غير مؤهلين ولا مدربين بالمستوى الذي تُرَوِّجه الدعاية الإسرائيلية، فقد جرى استدراجهم في كمين مُحكَم خططت له حماس، ثم جرى الإيقاع بقوة الإسناد التي جاءت لإنقاذهم، وسقطوا جميعا بين قتيل وجريح وأسير وهكذا، وفي وقت لا يزال كبار المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية وقادة جيشها يَعِدُون جماهيرهم بقرب الانتهاء من تدمير حماس، وبأنه لم يبقَ منها سوى جيب في رفح، إذا بحماس تؤكد أن قوتها الضاربة لا تزال نشيطة، وأنها قادرة على أن تضيف عددا آخر من الأسرى في حوزتها، بما يعزز موقفها في أي مفاوضات مقبلة. سؤال فرض نفسه منذ إعلان خبر الأسرى الجدد، وهو: ما دام أن حماس قادرة على أسر جنود إسرائيليين إضافيين، فلماذا لم تَقُمْ بهذا منذ اقتادت مجموعة أسراها في 7 أكتوبر/تشرين الأول؟ وهناك تفسير في إجابة هذا السؤال، بأن حماس كانت تخشى أن يكون مزروعا في أجساد الجنود الإسرائيليين، بصورة ما، أجهزة تتبع، يُخشى أن تقود الجيش الإسرائيلي إلى حيث يكون أسراه، أي كشف مخابئ حماس، التي لم تفلح الأجهزة الإسرائيلية حتى الآن في كشف أسرارها. ولكن يبدو أن حماس لم تعد تخشى هذا الاحتمال الآن، ربما تكون قد طوَّرَت لديها أساليب كشف هذا النوع من أجهزة التتبع المحتملة في أجساد الجنود الإسرائيليين. وعموما، فهذا التفسير مجرد اجتهاد غير مُؤكَّد من خارج حماس.
مجرمة منذ نشأتها
لم تعرف الولايات المتحدة الطريق إلى قلوب العرب يوما، بسبب انحيازها الكامل ضد القضايا العربية، ومواقفها المعادية وقتلها الملايين ممن تجمعنا بهم العروبة والدين والإنسانية، حتى باتت كل سياساتها وتصرفاتها وحتى نواياها محل شك، ووصل الأمر إلى قياس مدى صحة مواقفنا بمدى تعارضها مع توجّهات الحكومات الأمريكية المتتابعة، التي لم تعرف الحق ولو مصادفة. تابع صلاح البلك في “الوطن”: كل ما ترتكبه إسرائيل من جرائم برعاية وتمويل أمريكي مهما بلغت تكلفتها، فالخزائن مفتوحة على مصراعيها أمامها، والتأييد السياسي بلا حدود في مواجهة كل القرارات الأممية والتوجّهات الشعبية.. لا شيء يهم حتى أمن المنطقة.. المهم إسرائيل وما تريد، والسعي لتسجيل انتصارات وهمية، رغم سقوط مفهوم النصر العسكري وتحقّق الهزيمة بمفاهيمها الكاملة في ظل الفشل التام وتعذّر تحقيق أي هدف من الحرب على غزة. يُمثل استهداف خيام الإيواء للنازحين في منطقة تل السلطان «محرقة الخيام» أكبر انتهاك إسرائيلي للقانون الدولي، وتحديا لقرار محكمة العدل الدولية، ولا نظنه الأخير في سلسلة من المذابح تُرتكب كل يوم. الدولة «المارقة» تستهدف النازحين العزل في المخيمات، بما يخالف كل ما تدعيه أمام حليفتها الولايات المتحدة والعالم أجمع حول حرصها على أرواح المدنيين، وهي تستهدفهم بالفعل منذ الأيام الأولى من حرب الإبادة الجارية هناك. صمت الولايات المتحدة ودعمها غير المشروط لم يعد مقبولا على كل المستويات الرسمية والشعبية في جميع أنحاء العالم المتحضّر، بل بات يُهدّد ما تدّعيه من كونها حامية القيم الإنسانية، فيما لا تكلف نفسها استخدام قدرتها غير المحدودة للضغط على إسرائيل لوقف القتل وأعمال الإبادة.
عار على الجميع
مسؤولية أمريكا عن كل ما يحدث تتساوى، بل تفوق من وجهة نظر صلاح البلك المسؤولية الجنائية للنظام المتطرّف الذي يحكم إسرائيل ويضع العالم أجمع أمام سلوك أمريكي إسرائيلي مشترك، يستوجب المحاسبة بخصوص أسلحة ومساعدات بالمليارات تُستخدم في قتل الحياة وإبادة شعب وتجويعه، بما يمثل وصمة عار على المجتمع الدولي ويتطلب سرعة التدخّل لحماية ما تبقى في قطاع غزة. الجريمة المستمرة على أرض الواقع والمجازر، التي لا تتوقف تؤكد أننا أمام طرف لا يحترم كل التحذيرات والمخاوف من تفجير أوضاع المنطقة، بل تحاول فيه إسرائيل توسيع نطاق المواجهة، واستدراج أطراف أخرى في حرب لا تلوح لها نهاية على المدى القريب. لن تكسب إسرائيل الحرب، ولن تتوقف عن جرائمها طالما استمرت أمريكا في دعمها على المستوى الدبلوماسي في المحافل الدولية، وترفض القيام بدورها في العمل على وقف الحرب، ما يثير التساؤلات عن توافق ما يحدث مع إرادة أمريكية ترقى إلى درجة الشراكة في كل ما يُرتكب من جرائم. الدولة التي لا تهتم بحياة مواطنيها من الأسرى، الذين يموتون تباعا خلال عمليات القصف وتواجه ذويهم بالعنف خلال المظاهرات المطالبة باتفاق هدنة وتحريرهم، لا تقيم للأرواح وزنا.. يموت من يموت.. المهم أن تحيا الجماعة المتطرّفة وتبقى في السلطة. إسرائيل تتعمّد تحدي كل من حولها، تحتل معبر رفح وتحوله إلى قاعدة عسكرية، وتمنع وصول المساعدات في الوقت الذي تُحمّل فيه تبعات تصرفاتها للأطراف الأخرى الضالعة في الوساطة، في سبيل الوصول إلى هدنة حقيقية ووقف إطلاق النار وإنقاذ الأبرياء. المقبل خطير جدا على السلم العالمي والاستقرار.. نحن أمام دولة «مارقة» لا تقبل أي حلول مطروحة ولا تلتزم بأي قرارات أممية وتسعى إلى فرض إرادتها، مستعينة بحليفتها في مواجهة دول المنطقة والعالم أجمع.. دولة تحتكر الحقيقة ولا تُفضي المفاوضات معها إلى أي حلول.. وجهاتها ثابتة ولا تنوي وقف الحرب أو الاعتراف بدولة فلسطينية، ولم يعد أمام العالم سوى بحث سُبل فرض السلام على كل الأطراف.
الإمارات محظوظة
يتعجب الناس هذه الأيام من توالي إعلان أرباح شركات مملوكة للشعب بعد بيعها للإمارات بعام واحد، والتفريط فيها على حد رأي كارم يحيى في “المشهد” بأبخس الأثمان وبلا شفافية وبالصدمات. ويجري تداول قائمة بأكثر من 140 شركة بيعت خلال فترة زمنية أقل بكثير مما استغرقته موجة “خصخصة مبارك” على مدى نحو عقدين اعتبارا من 1991. وفي الموجة الجديدة الأضخم والأخطر، ذهب العديد من الشركات ضحية الإغلاق والبيع أرضا سائغة لكبار المستثمرين لبناء عقارات للأغنياء والأجانب، ما حرم البلد من إنتاج سلع أساسية تضطر لتعويضها استيرادا بالدولار، فتزيد الأعباء الكارثية للديون الخارجية. بين 2011 و2016، أتيح لي ولغيري من الكتاب النشر في الصحف القومية عن فساد موجة خصخصة القطاع العام زمن “مبارك”، مع المطالبة بتنفيذ أحكام عودتها وتشغيلها، واستنادا إلى أحكام للقضاء الإداري، قبل ضرب استقلاليته وتهميشه إثر أحكام مصرية تيران وصنافير. وكذا جرى نشر انتقادات لبداية عهد 30 يونيو/حزيران 3 يوليو/تموز 2013 بتشريع يجرد المواطن من حق اللجوء للقضاء دفاعا عن المال العام.. اليوم اتذكر كتاب “الخصخصة الفاسدة ومخططات بيع مصر” المرجع المعتبر للقاضي الجليل حمدي ياسين عكاشة، رحمه الله، وما نشر عنه في “أهرام” 20 أغسطس/آب 2014 بعنوان “مدفعية ثقيلة ضد الخصخصة الفاسدة”. انتبه اليوم، مقدرا سماح الزميل رئيس التحرير الأستاذ محمد عبدالهادي علام وقتها، لعبارات منشورة نقلا عن كتاب القاضي الجليل من قبيل: “التجربة المصرية في الخصخصة شابتها كل مظاهر الفساد والرشوة والمحسوبية والانسياق إلى تنفيذ الأوامر الأمريكية.. وانتهت في المحصلة الختامية إلى استهلاك رصيد الأصول، الذي بنته أجيال وحكومات سابقة”. وكذا: “تجريف الاقتصاد المصري على هذا النحو يمثل جرائم جنائية يجوز للنيابة العامة رفع الدعاوى بشأنها بغير شكوى أو طلب”. وأفرك عينيّ، وأنا استرجع التحذير المنشور في “الأهرام” لقاضي أحكام عودة شركات الشعب: “التراخي في تنفيذ أحكام القضاء هذه تترتب عليه إشاعة الفوضى وفقدان الثقة في سيادة القانون وسقوط المشروعية”. وأتساءل: هل كانت عودة الخصخصة الآن وبهذه الخطورة ممكنة، دون ضرب الحريات واستقلالية القضاء والصحافة؟
هل جننتم؟
«هل جننتم، وهل صدقتم أنفسكم، كيف تتجرأ المحكمة الجنائية الدولية على التفكير في إصدار مذكرات توقيف لمحاكمة بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة، هذه المحكمة خلقت ونشأت وتأسست فقط لمحاكمة قادة افريقيا السود، أو أي رئيس أو مسؤول آخر يفكر في تحدي الغرب مثل نموذج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وليس لأي مسؤول أمريكي أو أوروبي أو إسرائيلي». ما سبق ليس كلاما تخيليا أو بلاغيا، بل حدث فعلا. وكشفته مصادر داخل المحكمة الجنائية الدولية، وقالت إن رئيس المحكمة كريم خان قد تلقاه فعلا من بعض المسئولين الأمريكيين والأوروبيين. للموضوعية، لم يصدق عماد الدين حسين في “الشروق” هذا الكلام حينما سمعه للمرة الأولى منسوبا إلى أحد المصادر العربية، وهو يقوم بالتعليق على الأمر في إحدى الفضائيات الإخبارية العربية، لكن ثبت أنه صحيح، إذ لم يتم نفيه من قبل كريم خان، أو المحكمة ثم جاءت بعض التعليقات الأمريكية والأوروبية لتكشف أن ذلك هو الحقيقة. حتى وقت قريب كنت أعتقد أن هناك فعلا ما يسمى “القانون الدولي”، وأن هناك عدالة دولية فعلا، حتى لو كانت ناقصة ومبتورة ومشوهة، لكن ما حدث منذ بداية العدوان كشف حقيقة واحدة مؤكدة، هي أن تعبير «القانون الدولي» كلمة مطاطة جدا، ولا تطبق إلا إذا كانت لصالح الأقوياء، أما إذا كانت في مصلحة الفقراء، فهي مجرد أوراق يعلوها الغبار على رفوف المؤسسات الدولية، مثلما هو الحال في كل قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن وسائر المؤسسات والهيئات الدولية التي صدرت لصالح الفلسطينيين. ومن الواضح أن هذا هو القانون الحقيقي للحياة طوال الوقت أي قانون الغابة أو البقاء للأقوى، لكن كان يتم تنفيذه معظم الوقت بطريقة ذكية وناعمة، لا يلاحظها كثيرون، ثم جاء العدوان الإسرائيلي الهمجي ليكشف كل الأوراق ويزيل المساحيق الرخيصة من على وجوه من يقولون عن أنفسهم إنهم الكبار. سقطت الأقنعة تماما وتعرت الوجوه لتكشف عن وجه قبيح وعنصرية مقيتة، ونفوس ضعيفة وأرواح شريرة، ربما تكون الحيوانات المفترسة في الغابات أكثر رحمة منها بمراحل كثيرة.
فلتذهب للجحيم
بعد العدوان الإسرائيلي اكتشفنا أن غالبية المسؤولين في الغرب يؤمنون فعلا بأنهم أكثر رقيا وتحضرا وسموا ورفعة وتفوقا من بقية البشر. الطريقة التي يتحدث بها غالبية المسؤولين الأمريكيين عن المؤسسات الدولية تؤكد، حسب عماد الدين حسين هذه الحقيقة الرهيبة. حينما أصدرت محكمة العدل الدولية قرارها الجريء يوم الجمعة الماضي بضرورة أن توقف إسرائيل عدوانها العسكري على مدينة رفح الفلسطينية، فإن السيناتور الأمريكي المعروف ليندسي غراهام هاجم المحكمة وقال: «فلتذهب هذه المحكمة إلى الجحيم»، وعلى إسرائيل ألا تلتفت إلى قراراتها، وأن تواصل عمليتها في تدمير المقاومة الفلسطينية. غراهام هو نفسه الذي طالب إسرائيل قبل أسابيع قليلة باستخدام القنبلة النووية وتسوية غزة بالأرض. ما قاله غراهام كرره عدد كبير من المسؤولين الأمريكيين، خصوصا أولئك الذين يؤيدون ويدعمون إسرائيل، ربما حتى أكثر من بلدانهم، ورأينا بعض أعضاء الكونغرس يدرسون إصدار قانون يلزم الرئيس الأمريكي جو بايدن بعدم تجميد أي أسلحة لإسرائيل. حينما صدر قرار المحكمة الجنائية الدولية وبعده قرار محكمة العدل الدولية، رأينا العديد من الحكومات الأوروبية إضافة للولايات المتحدة تكشف عن احتقار كامل لهذه المؤسسات القانونية الدولية، بل تجرأ بعضهم على المطالبة بالغاء هذه المؤسسات القانونية طالما أنها فكرت في المساس بهم أو بإسرائيل.العدوان الإسرائيلي على غزة، كان وحشيا وقتل وأصاب مئات الآلاف وشرّد أكثر من مليون فلسطيني، لكن كانت له ميزة عظيمة جدا وهو أنه كشف لنا حقيقة هذه العنصرية والعنجهية والاستعلاء، بعد أن كدنا نصدق أنهم يؤمنون فعلا بالحرية والمساواة وحقوق الإنسان.
خراب إسرائيل
على الجبهة الفلسطينية، والكلام للدكتور مدحت نافع في “الشروق” أنفقت إسرائيل ما يقدّر بنحو 1.4 مليار دولار على الذخيرة والوقود (حوالي 6% من موازنتها الدفاعية السنوية) لصد الهجوم الإيراني المخطط، الذي لم تتجاوز تكلفته 30 مليون دولار وفقا للتقديرات. ما يعيد إلى الذاكرة الهجمات الإرهابية في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001، التي تكلفت أقل من 500 ألف دولار، لكنها أدت إلى خسائر تقدّر بتريليونات الدولارات، عند أخذ تكلفة الإنفاق الدفاعي والأمني المتزايد في الاعتبار. يمكن للكميات الكبيرة من الأسلحة «الغبية» منخفضة التكلفة أن تجبر القوات – المجهّزة بشكل أفضل- على إنفاق موارد كبيرة لتحقيق مكاسب عسكرية محدودة. الهدف هو إضعاف العدو اقتصاديا، وتمديد الصراع ضد رغبة المعارضين لخوض حروب طويلة الأجل. من الصعب، مثلا، تشغيل وصيانة طائرات إف-35 التي تبلغ تكلفتها حوالي 150 مليون دولار. كما تبلغ تكلفة أنظمة الدفاع الجوي باتريوت أكثر من مليار دولار، ويكلّف كل صاروخ اعتراضي ما بين 6 ملايين إلى 10 ملايين دولار إضافية. الدبابات القتالية الثقيلة يكلّف كل منها 6 ملايين إلى 10 ملايين دولار. وكثيرا ما تكون تكلفة الأسلحة الغربية ضعف تكلفة نظيراتها الروسية والصينية. وقد أثبت الكثير منها عدم فعاليته في ظل ظروف المعركة الفعلية، عندما يقوم العدو بتعديل تكتيكاته. ذكر تقرير صادر عن وكالة موديز للتصنيف الائتماني أن الحرب المستمرة تكلّف إسرائيل 269 مليون دولار يوميا. واستند التقرير إلى دراسة أولية أخذت في الاعتبار تقديرات وزارة المالية الإسرائيلية. وهذا يعني أن الحرب كلّفت إسرائيل قرابة 62 مليار دولار منذ اندلاعها في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى اليوم.
من صنع أيديهم
انكمش الاقتصاد الإسرائيلي بنسبة تصل إلى 20%. وتخطط الحكومة الإسرائيلية لجمع حوالي 60 مليار دولار من الديون هذا العام، وزيادة الضرائب لتلبية احتياجاتها المالية العامة. وكشف الدكتور مدحت نافع تضاعف متوسط مبيعات السندات الشهرية ثلاث مرات بعد اندلاع الحرب، حسب تقديرات بلومبرغ، التي أشارت إلى أن الحكومة جمعت نحو 55.4 مليار دولار منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، من الأسواق المحلية والدولية. وذكر البنك الدولي في تقرير حديث أن الوضع المالي للسلطة الفلسطينية التي تدير الضفة الغربية تدهور في الأشهر الثلاثة الماضية «مما يزيد بشكل كبير من خطر الانهيار المالي». وأضاف أن «الفجوة الآخذة في الاتساع بسرعة بين الإيرادات والنفقات العامة الأساسية، تؤدي إلى أزمة مالية». وحتى نهاية عام 2023، وصلت هذه الفجوة التمويلية إلى 682 مليون دولار. ومن المتوقع أن تتضاعف خلال الأشهر المقبلة لتصل إلى 1.2 مليار دولار. إن حرص قوات الاحتلال على محو غزة المجهدة والفقيرة بالموارد، لا وزن له من الناحية الاقتصادية، باستثناء طرد السكان لتمهيد الطريق أمام الاستيطان الصهيوني. وقد أدى فقدان الأيدي العاملة الفلسطينية رخيصة الأجر، إلى الإضرار الشديد بأعمال البناء والزراعة في إسرائيل. كما أدى استدعاء جنود الاحتياط للخدمة العسكرية وهروب الخبرات، بسبب تداعيات الحرب، إلى تعطيل الصناعة وحركة الإنتاج. وقد استلزمت المناوشات على الحدود الشمالية إجلاء حوالي 60 ألف إسرائيلي، ما أدى إلى خلل اقتصادي وارتفاع تكاليف إعادة التوطين. كما أدت تكلفة الصراع إلى زيادة كبيرة في رصيد الدين العام الإسرائيلي وخفض تصنيفها الائتماني. وإذ تعتمد أوكرانيا وإسرائيل على الداعمين الغربيين للاستمرار في الحرب الدائرة اليوم على الجبهتين، فذاك دليل آخر على الدور المتزايد لتدفقات الأموال والمساعدات الذكية (الموجّهة نحو نوعية معينة من التسليح والتجهيز) في إعادة توجيه دفة الصراعات.
لا تفرطوا في الأسرى
صنف جيش الاحتلال منطقة تل سلطان الواقعة في رفح بأنها منطقة آمنة، وذهب إليها المدنيون، ومع ذلك قام بغارة وحشية استهدفتهم، وقتلت حوالي 50 شخصا، وأصابت العشرات ليرتفع عدد ضحايا الاعتداءات الإسرائيلية على مدار 24 ساعة إلى ما يقرب من 190 شهيدا. تابع عمرو الشوبكي في “المصري اليوم” أدى القصف إلى تدمير وإحراق عدد كبير من الخيام في منطقة لم يطلب الجيش الإسرائيلي إخلاءها في مدينة رفح، حيث لا يزال يقيم ما يقرب من نصف مليون شخص. ولم يكتفِ جيش الاحتلال بقصف مخيمات وبيوت المدنيين، إنما قام في الساعات الماضية بقصف أكثر من 10 مراكز نزوح تابعة للأونروا، يوجد فيها 100 ألف، واعتبرها الاحتلال آمنة. نظرية حماس تقول: «العدو يستهدف المدنيين للتعويض عن الفشل الذي مُني به في الميدان»، وهو صحيح، لكن المؤكد أن العقلية الثأرية التي يعيشها المجتمع والنخب الإسرائيلية، تجعلها تتعمد استهداف المدنيين عقب أي عملية تقوم بها المقاومة. والحقيقة أن هناك عمليات تفرضها طبيعة المعركة الدائرة في قطاع غزة بين حماس وإسرائيل من قتل جنود إسرائيليين أو أسرهم أن أمكن أو تدمير مركبات، وهو أمر طبيعي، بل مطلوب ما استمرت إسرائيل في عدوانها، أما استهداف تل أبيب بحوالي 7 صواريخ من رفح فلا تترتب عليه أي إصابات، ويكون من نتائجها رد فعل ثأري يدفع ثمنه المدنيون، وهو أمر يحتاج إلى مراجعة. صحيح أن إسرائيل لا تحتاج إلى ذرائع لكي تقتل وتستهدف المدنيين، ولكن أيضا يجب عدم إعطاء عقليتها في الثأر والانتقام مادة، لكي تكثف من عدوانها، خاصة إذا كان هذا النوع من العمليات ليست له مكاسب عسكرية بما فيها الردع. حان الوقت أن تعتبر المقاومة أن عمليتها العسكرية الكبرى في 7 أكتوبر/تشرين الأول قد حققت أهدافها، وأنها لن تحقق أي مكاسب جديدة في الوقت الحالي عبر السلاح، إنما صمودها الكبير هو الذي سيُبقيها طرفا في أي معادلة جديدة بعد توقف الحرب، وأن استراتيجية المقاومة يجب أن تركز فقط على استهداف قوات الاحتلال في غزة. أبدت حماس مرونة في مفاوضات وقف إطلاق النار، وقبلت فيها بهدنة على ثلاث مراحل تؤدي إلى وقف كامل لإطلاق النار. لا يمكن لحماس أن تقبل بتسليم كل الأسرى في مقابل هدنة تستأنف بعدها إسرائيل العدوان.
الأبرياء يدفعون الثمن
نسمع طول الوقت عن سباقات المسافات الطويلة في ممارسة الرياضة، ونسمع في المقابل عن سباقات المسافات القصيرة.. ولكن هذا كان ولا يزال من وجهة نظر سليمان جودة في “المصري اليوم” في مجال الرياضة.. ولم نكن نتوقع أن نسمع عنه ونراه في ميادين القتال من حولنا. فالحروب الطويلة تبدو وكأنها شيء يلازم حروب الحروب في عصرنا، مع أنها ليست حروبا عالمية من نوع الحرب العالمية الأولى، التي اشتعلت في 28 يوليو/تموز 1914، ودامت أربع سنوات، أو الحرب العالمية الثانية، التي انطلقت في أول سبتمبر /أيلول 1939، واستمرت الفترة نفسها تقريبا. الحربان العالميتان كانتا بين فريقين على امتداد العالم كله، لا بين دولتين، فاستمرارهما لأربع سنوات كان له ما يبرره. ولكن ما المبرر المعقول في حرب بين روسيا وأوكرانيا دخلت عامها الثالث في 24 فبراير/شباط من هذه السنة، وهي مرشحة لأن تدخل عامها الرابع لأن كل مبادرات السلام التي سعت إلى وقفها كان الإخفاق نصيبها. ما المبرر المعقول في حرب بين قوات الدعم السريع في السودان، وقوات الجيش دخلت عامها الثاني في 15 أبريل/نيسان؟ لقد تحول معها السودانيون في غالبيتهم إلى نازحين، أو لاجئين، أو جماعات هاربة من الحرب في انتظار المساعدات الإنسانية. ما المبرر المعقول في حرب وحشية من جانب إسرائيل على قطاع غزة دخلت شهرها الثامن في 7 من هذا الشهر؟ حرب أحد طرفيها الدولة العبرية، ومن ورائها الولايات المتحدة الأمريكية بكل سلاح ممكن، بينما الطرف الآخر سكان القطاع الذين لا سلاح في أيديهم ولا قوة تحميهم. هذه حروب ثلاث بين دولتين مرة.. وبين جيش وقوة خارجة عليه مرة ثانية.. وبين دولة وسكان عُزل مرة ثالثة.. وكلها حروب ماضية في سبيلها كأنها في سباق من سباقات المسافات الطويلة.. ولا فارق سوى أننا في سباقات المسافات الطويلة الرياضية نرى المعجبين على جانبي التراك يصفقون، ولكننا في سباق المسافات الطويلة في هذه الحروب الثلاث لا نعرف إلا الضحايا يتساقطون على الجانبين.
سماسرة ضيوف الرحمن
مع اقتراب موسم الحج، تتجدد المعاناة مع ظاهرة انتشار السماسرة والوسطاء، الذين يصرون على فرض سطوتهم، والتحايل على القانون، حتى أصبحوا وفق ما أخبرنا به رضا سلامة في “الوفد” كيانات واسعة الانتشار يمارسون العمل دون صيغة قانونية. وكلما اقترب موعد الركن الخامس من أركان الإسلام، تزداد الأمنيات لزيارة الأراضي المقدسة، والتقرب إلى الله، ومعها يزداد التفكير في أداء المناسك، وهنا نجد أن البعض لديه من الوفرة التي يستعين بها على دفع نفقات الحج والعمرة التي أصبحت بأسعار مرتفعة، لا تناسب الكثير من الفئات والطبقات من البسطاء وليس فقط البسطاء ماديا، ولكن البسطاء ممن ليس لديهم خبرة أيضا في التعامل مع شركات السياحة الرسمية المعترف بها من الدولة، ما يجعلهم صيدا سهلا وفريسة متاحة في أيدي سماسرة الحج والعمرة ومكاتب الخدمات والكيانات الموازية غير الشرعية. قد لا يكتشف الحاج أنه وقع في يد من يستغل جهله بتلاعب سماسرة السياحة، إلا عندما يفاجأ بعد سفره أنه يسافر على طيران اقتصادي ولا يوجد مشرف معه داخل المطار، أو أنه لا يوجد حجز له في الفنادق، وربما وجد حجزا في أماكن نائية وبعيدة، تزيد من أعبائه المادية في التنقلات، فضلا عن عدم وجود مشرفين أثناء أداء الشعائر، مما يكون سببا آخر في أن كثيرا من الحجاج لا يقومون بأداء المناسك بسبب تلاعب سماسرة الحج والعمرة. أضف إلى ذلك وجود كبار السن الذين لا يستطيعون التصرف بعد وقوعهم في أزمة، وأنهم بلا سند إلا همسات الأغراب المحيطين بهم، ونصحهم بأن يتوجهوا لفروع وزارة الحج والعمرة المنتشرة في كل أنحاء المسجدين النبوي والمكي. لذلك هناك أمور أخرى يجب البحث والتحري عنها قبل أن يبدأ الشخص رحلة الحج من مصر، حتى لا يقع فريسة لسماسرة الحج والعمرة التي تجبر الحجاج والمعتمرين على تحمل مشقة وصعاب لا يحتملها أي إنسان. آن الأوان، لتشديد الرقابة والعقوبة، تزامنا مع حملات موسعة، على مدار العام، لتوعية المواطنين الراغبين في أداء العمرة أو الحج، باتباع الطرق القانونية السليمة للسفر، من خلال التسجيل في البوابة المصرية للعمرة والحج، كونها ضمانة للحفاظ عليهم من عصابات النصب والتلاعب.
أوبر وشقيقاتها
قبل أن تنزل ستاير النسيان على واقعة حبيبة الشماع أو «فتاة الشروق» كما لقبها الإعلام، التي ماتت قفزا من سيارة «أوبر»، بعد أن حاول اختطافها الذئب البشري الذي كان يقود السيارة ظهرت ضحية جديدة في التجمع، اهتم بها عبد العظيم الباسل في “الوفد”، حيث طلبت المجني عليها «أوبر» لتوصيلها إلى الشيخ زايد، وعندما شعرت بمحاولات التحرش، مضى بها مسرعا إلى صحراء مدينة نصر، لاغتصابها تحت تهديد السلاح مستخدما الة حادة «كتر» فأحدث إصابة في يدها، وعند صراخها تجمع المارة وقادوه إلى قسم البوليس. والمثير في الأمر أنه رغم تعدد وقائع التحرش في الأيام القريبة الماضية من سيارات النقل الذكي، التي تكررت قبل يومين مع طالبة الثانوية العامة في حدائق الأهرام، لكننا لم نسمع أو نرى تحركا ملموسا من جانب الأجهزة المسؤولة التي أطلقت هذه الخدمة، وهما وزارتا النقل والداخلية اللتان يجب عليهما تصويب هذه الخدمة ووضع إجراءات صارمة لضبطها، وفقا للائحة المنظمة لقانونها منذ عام 2019. قد يكون مقبولا أن يلغي السائق الرحلة فجأة بعد عشر دقائق من انتظاره، أو أن يتعلل بأن المشوار لا بد أن يدفع «نقدا» وليس عن طريق الفيزا، أو يحجب الباقي من قيمة الأجرة بحجة «الفكة»، أو لا يفتح التكييف مدعيا أنه يحتاج إصلاحا أو تعطل فجأة في المشوار السابق، قد نقبل ذلك رغبة في إنجاز مشوار مهم، أو أداء مهمة مستعجلة، لكن المرفوض بشدة أن يصل عدم الانضباط إلى التحرش بالراكبات أو الراكبين، وتهديد من يستخدمه. خدمة توصيل الركاب تحتاج إلى وقفة صارمة من وزارتي النقل والداخلية، خاصة أن اللائحة التنفيذية لقانونها، تنص على ضوابط حاسمة لا يجري تفعيلها، هل نعلم أنه قبل اختيار السائقين لا بد من إخضاعهم لعينة عشوائية، نقيس من خلالها انضباطهم الأخلاقي والتزامهم القانوني حتى يصرح لهم بركوب هذه السيارات؟ فهل تقوم شركات النقل الذكي بتطبيق هذه الاختبارات؟ أم أنها تلجأ للوساطة أو الرشوة لتعيين البعض من الباب الخلفي. كما تنص اللائحة على ضرورة توافر اللياقة الصحية للسائق، من خلال الكشف الطبي بالقومسيون العام، حتى تتأكد سلامة قواهم العقلية ولياقتهم البدنية، بعد إخضاعهم لتحليل المخدرات. والسؤال من من هذه الشركات التزمت بفسخ العقد مع السائق حال تعاطيه الكحوليات أو المخدرات، ويبقى الالتزام الأهم بنص اللائحة، أن يضع السائق بياناته «اسمه كاملا ورقمه القومي وعنوانه» في بدج واضح داخل السيارة حتى يعرف من يركب سيارته هذه البيانات، بعيدا عن تطبيق الموبايل الذي يمكن إلغاؤه في لحظة. إن الضوابط والإجراءات لا بد من تطبيقها حتى لا تتكرر هذه الجرائم مع ضحايا جدد، في ضوء ما طالبت به لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مجلس النواب برئاسة النائب أحمد بدوي، لضمان أمن وسلامة مستخدمي هذه السيارات، من خلال استحداث وسائل حماية إضافية وبصفة خاصة مراقبة عملية النقل البري، عبر الكاميرات والتسجيل الصوتي.
القدس العربي