النزاهة في النظام الوطني السايق
من كتاب(صالح مهدي عماش )تاليف د.عبد المناف النداوي
جاء في كتاب ( صالح مهدي عماش ) لمؤلفه الدكتور عبدالمناف شكر النداوي صفحة ٢٥٤ وما بعدها :
( بعد عودة الفريق الركن صالح مهدي عماش من منفاه في مصر عام ١٩٦٦ أشترى ارضاً لزراعتها في منطقة المشاهدة التابعة لناحية الطارمية بالاشتراك مع السادة احمد حسن البكر وحردان عبدالغفار وجاسم العزاوي . ) .
يقول اللواء الركن داود الجنابي :
انه ( في عام ١٩٧٠ صدرت مذكرة القاء القبض من قبل مدير ناحية الطارمية انذاك ( كان القانون وقتها يجيز للقائم مقام ومدير الناحية اصدار مذكرات القبض ) بحق كل من :
احمد حسن البكر ( رئيس الجمهورية ) . وصالح مهدي عماش ( وزير الداخلية ) وحردان عبدالغفار التكريتي ( وزير الدفاع ) ، والسبب هو ان كاتب التحرير في ناحية الطارمية لا يعرف الرئيس ولا الوزيرين المذكورين اعلاه بالاسماء الثلاثية ، بعد ما وصل كتاب من المصرف الزراعي مفاده بان المذكورين قد اخذوا قرضاً قبل سنوات من المصرف عن اراضيهم الزراعية التي كانوا يملكونها في ناحية الطارمية وان يكون تسديد القرض شهرياً . وحيث مضى اكثر من ستة اشهر ولم يسددوا القسط الى المصرف بسبب انشغالهم بأمور الدولة وكذلك وكيلهم الذي نسي ان يراجع المصرف .
يقول ضابط مركز شرطة الطارمية انذاك تفاجئت بحضور المبلغ ر . ع الى مكتبي وهو يقول : سيدي بحثت عن هؤلاء الاشخاص بالمنطقة ضمن محيط عملي ولم اعثر على عناوين وجودهم فيها ، لهذا جئت ابلغكم وأزودكم بهذا الكتاب .
قال عندما ذهبت الى مدير الناحية وانا اكاد افقد اعصابي وفي حالة ذهول وخوف . وما ان شاهد مدير الناحية الكتاب حتى انهار وقال لي : ( لا ياخوي . . دخيل الله ودخيلك . . انا ما أعرف منو وقع هذا الكتاب . . !!؟؟ . ) والظاهر ان كاتب الناحية وضعه بين البريد الخاص بالفلاحين الذين لم يسددوا سلف المصرف الزراعي . . ! . والكاتب وال ر . ع شرطة لم يعرفوا ان هؤلاء هم الحكومة ( اي الرئيس ووزير الداخلية والدفاع ) . وبينما مدير الناحية وضابط المركز يتداولان بالموضوع وكيفية معالجته . . واذا بالفريق الركن الطيار حردان التكريتي ومختار الطارمية ووكيلهم في الاراضي الزراعية قد دخلوا غرفة مدير الناحية . .
فما كان من مدير الناحية وضابط المركز إلا ان جمدوا بملابسهم ومن شدة الخوف لم يؤدوا التحية ولم يتفوهوا بأي كلمة لحساسية الموقف والخطأ الفادح الذي وقع فيه مدير الناحية بعد ان وقع على امر القبض ولم يقرأ الاسماء ) . ولكن المفاجأة هي حينما تكلم وزير الدفاع بما يلي :
( سيادة مدير الناحية لك سلام السيد الرئيس وكذلك وزير الداخلية وانا ، ونحن اسفون على تأخير تسديد القسط الخاص بالمصرف الزراعي . . وها انا اجلب لكم ثلاثة كتب من المصرف باسم الرئيس والاخران باسمي واسم وزير الداخلية وقد سددنا جميع السلف التي بذمتنا عن كل شهر مبلغ قدره ١٩ تسعة عشر دينار . وان السبب والتقصير كان من وكيلنا هذا الذي جلبته مع مختار المنطقة . . والامر لكم ياحضرة مدير الناحية ) .
هل تتوفر في عراق اليوم مثل هذه الرموز الوطنية . . لم يلجأ السيد رئيس الجمهورية رحمه الله الى سكرتيره لمعالجة الامر . . ولا وزير الدفاع الى مرافقه او سكرتيره ولا وزير الداخلية الى محافظ بغداد او غيره . . وانما ذهب صاحب الخلق الرفيع بنفسه بعد تسديد القرض الى ناحية الطارمية لمعالجة الامر والتعامل مع الاشكالية مثل اي مواطن بعيداً عن المنصب والعناوين . .
رحمهم الله جميعاً واسكنهم فسيح جناته .