دراساتمقالات

بروتوكولات حكماء صهيون (1) إعداد : علي رهيف الربيعي

إعداد : علي رهيف الربيعي

بروتوكولات حكماء صهيون (1)
إعداد : علي رهيف الربيعي
” بروتوكول” كلمة انجليزية تعني ” اتفاقية”، و بروتوكولات حكماء صهيون وثيقة يقال إنها كتبت عام ١٨٩٧ في بازل بسويسرا ، اي في العام نفسه الذي عقد فيه المؤتمر الصهيوني الأول . بل يزعم البعض ان تيودر هرتزل تلاها على المؤتمر ، وأنها نوقشت فيه، وان الهدف من المؤتمر السري الأساسي الأول الذي ضم حاخامات اليهود هو وضع خطة محكمة ( بالتعاون مع الماسونيين الأحرار والليبراليين. والعلمانيين والملحدين) لإقامة إمبراطورية عالمية تخضع لسطان اليهود وتديرها حكومة عالمية مقرها القدس. وتقع البروتوكولات البالغ عددها أربعة وعشرين بروتوكولا في نحو مائة وعشر صفحات ، ونشرت لأول مرة عام ١٩٠٥ ملحقا لكتاب من تأليف سيرجي نيلوس وهو مواطن روسي ادعى انه تسلم المخطوطة عام ١٩٠١ من صديق له حصل عليها من امرأة ( مدام ك) ادعت انها سرقتها من احد اقطاب الماسونية في فرنسا . لكن نيلس نفسه أخبر احد النبلاء الروس بأن هذه المرأة أخذتها من رئيس البوليس السري الروسي في فرنسا، وان الاخير سرقها من أرشيف المحفل الماسوني.
وقد لاقت البروتوكولات رواجا كبيرا بعد نشوب الثورة البلشفية التي اسماها البعض آنذاك ” الثورة اليهودية”، إذ عزا الكثيرون الانتفاضات الاجتماعية التي اجتاحت كثيرا من البلدان الأوربية إلى اليهود . وانتقلت البروتوكولات إلى غرب أوربا عام ١٩١٩ حيث حملها بعض المهاجرين الروس . واصبحت البروتوكولات من أكثر الكتب رواجا في العالم الغربي بعد الإنجيل ، وترجمت إلى معظم لغات العالم وضمنها العربية حيث ظهرت عددة طبعات منها. ولحسن الحظ، لا يوجد مركز دراسات عربي واحد أعارها اي اهتمام ، ولا يتم نشرها إلا من خلال دور نشر تجارية.
والرأي السائد الآن في الأوساط العلمية التي قامت بدراسة البروتوكولات دراسة علمية متعمقة انها وثيقة مزورة ، استفاد كاتبها من كتيب فرنسي كتبه صحفي يدعي موريس جولي يسخر فيه من نابليون الثالث بعنوان حوار في الجحيم بين ماكيافللي ومونتسيكو ، أو السياسة في القرن التاسع عشر ، نشر في بروكسل عام ١٨٦٤، فتحول الحوار إلى مؤتمر وتحول الفيلسوف إلى حكماء صهيون . وقد اكتشفت أوجه الشبه بين الكتيب البروتوكولات حيث تضمنت هذه الأخيرة اقتباسات حرفية من الكتاب المذكور ، واحيانا تعبيرات مجازية وصورا منه. والرأي السائد الآن ان نشر البروتوكولات وإشاعتها إنما تم بإيعاز من الشرطة السياسية الروسية للنيل من الحركات الثورية الليبرالية ومن أجل زيادة التفاف الشعب حول القيصر والأرستقراطية والكنيسة بتخويفهم من المؤامرة اليهودية الخفية العالمية.
وقد قمنا بدراسة سريعة لعناصر خطاب البروتوكولات ( الأسلوب والمفردات والصور… إلخ)، فوجدنا ان هناك من الدلائل ما يدعم وجهة النظر القائلة بأنها وثيقة مزيفة :
١- يلاحظ ان البروتوكولات وثيقة روسية بالدرجة الأولى والأخيرة :
ا) فكاتب الوثيقة لا يعرف شيئا عن المصطلح الديني اليهودي ولا يستخدة اية كلمات عبرية أو يديشية. وهناك إشارات للإله الهندي فشنو ، وإشارة واحدة لأسرة داود . وبطبيعة الحال ، يمكن إثارة القضية التالية : إذا كانت البروتوكولات وثيقة سرية، فلماذا لم يكتبها حاخامات اليهود بالعبرية أو الآرامية أو اليدشية ليضمنوا عدم تسربها؟ ومما يجدر ذكره ان كثيرا من يهود روسيا آنذاك كانوا يتحدثون اليدشية ولا يعرفون الروسية . وكان حزب البوند ، أكبر الأحزاب العمالية في أوربا يدافع عن حقوق العمال من اعضاء الجماعة اليهودية ويطالب بالاعتراف باليديشية باعتبارها لغتهم القومية ( باعتبارهم احد ” شعوب” الإمبراطورية الروسية).
ب) الموضوعات الأساسية المتواترة في البروتوكولات موضوعات روسية ، فهناك دفاع عن الاستبداد المطلق وعما يسمى ” الأرستقراطية الطبيعية الوراثية”، وهجوم شرس على الليبرالية والاشتراكية، وهو ما يبين ان اهتمامات الكاتب روسية تماما وتعكس رؤية الطبقة الحاكمة الروسية في السنين الأخيرة من حكم النظام القيصري.
فإن ترويج البروتوكولات يخدم المصالح الصهيونية من الناحية العملية . ويتم الآن في العالم العربي، تداول كم هائل من الكتابات ( مثل احجار على رقعة الشطرنج وغيرها) كل هدفها إشاعت الخوف من اليهود والصهيونية بتبني رؤية بروتوكولية تنسب إلى اليهود قوى عجائبية. ويساهم بعض أعضاء النخب الحاكمة في الترويج لهذه البروتوكولات لتبرير العجز العربي والتخاذل أمام العدو الصهيوني.
وقد أثبتت الانتفاضات والحروب الفلسطينية ان اليهود بشر وان إلحاق الأذى بهم وهزيمتهم امر ممكن، وأنهم قد يهاجمون عدوهم كالصقور حينما تسنح الفرصة ثم يفرون كالدجاج حينما يدركون مدى قوته واصراره . والاستمرار في إشاعة الرؤية البروتوكولية نوع من الإصرار على مد يد العون للعدو الصهيوني، وعلى التنكر لإنجازات معركة طوفان الأقصى.
(1) المصدر :
عبد الوهاب المسيري، موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية. المجلد الأول. ص١٥٨ وص١٥٩، وص١٦١.
2024 حزيران 11

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب