مقالات
ما رأته زرقاء اليمامة، رشا عوض، في دعوة حكومة مصر لمائدة مستديرة لأزمة السُّودان بقلم : الأستاذ أحمد مختار البيت
بقلم : الأستاذ أحمد مختار البيت
![](https://sawtoroba.com/wp-content/uploads/2024/04/moktar.jpg)
ما رأته زرقاء اليمامة، رشا عوض، في دعوة حكومة مصر لمائدة مستديرة لأزمة السُّودان
بقلم : الأستاذ أحمد مختار البيت
_____________________
لا أحد ينكر العلاقة الخاصة التي تربط مصر بالسُّودان، هذا تاريخ معقد ومتشابك من الروابط والوشائج والمصالح المشتركة، ولكن الوعي الخلاق والفهم المتقدم للزعيم الخالد جمال عبدالناصر القائل ( إن الذي لا يحترم قناعات الشّعب، جدير بالشّعب أن لا يحترم قناعاته) قاداه للاعترف هو وحكومة ثورة يوليو بحق السُّودانيين في الاستقلال، وجمال مٓن هو في ذلك الزمان ؟ أحد دعاة الوحدة العربية المخلصون، ولكن الدعوة للوحدة وشعاراتها شيء، وإدراك الواقع وتعقيداته وقناعات الجماهير شيء آخر.
ولذلك تبقى مراجعة الحكومة المصرية، لمواقفها عبر التاريخ من الأزمة الوطنية في السودان ومن طموحات شعبه وخياراته في الحياة، ضرورة لمصلحة البلدين ومستقبل علاقاتهما.
لا أحد يجادل في تأثير الأحداث السُّودانية الكبير على الأوضاع في مصر، ولكن خيارات الشّعب في التغيير السياسي وقناعاته بثورته، لا يمكن قبول الوصاية عليها من أي سلطة بالقوة، ولا أتصور أن الحكومة المصرية يمكن أن تتبنى هذا الخيار وتضحّي بروابطها التاريخية ومصالحها الاقتصادية وبعمقها الاستراتيجي، وتخسر أجيال عديدة في المستقبل، وتكرّس مخاوف قطاعات واسعة من الشّعب السُّوداني، ترى أن مصر لا يزال يحكم سلوكها وسياساتها التنفيذية تجاه السُّودان، عقلية الوصاية والتّوجس وماضي الاستعمار التركي والحكم الثنائي، وروايات رجال الاستخبارات في تلك الأزمنة..
من حق الحكومة المصرية، بل من واجبها، أن تدعو لمائدة مستديرة للقوى السياسية والمدنية، وكل القطاعات المؤثرة في الأزمة الوطنية، وأطراف الح-رب الدائرة منذ 15 أبريل 2023م _ ولكن ليس من حقها أن تحدّد من الذي يجب أن يمثّل الشّعب السُّوداني ويعبٌر عن نبضه ومصالحه ومن هو الذي يستحق تعاطفها ورعايتها، وقد شهد العالم أعظم ثورة شعبية في التاريخ الحديث، على مدى عام كامل قدمت نموذجاً متفرداً في التعبير السلمي والمطالبة الحضارية رغم العنف المفرط الذي جوبهت به، وهي أنصع وأعمق تعبير عن إرادة غالب الشّعب السُّوداني وإرادته الحرة، فهل تعادي مصر الرسمية ثورة بهذا الزخم وخياراتها ! وقد رفضت الحكم العسكري، بكل اللغات والإشارات والأفعال المشروعة، لأن الخيار العسكري خيار مدمر للسُّودان بالتجربة العملية، بدليل الح-رب الكارثية العبثية الجارية الآن والتي قضت على الأخضر واليابس فيه، ووضعته على حافة الهاوية، وعلى بعد خطوات من أن يصنف دولة فاشلة و(لو توقفت الح_رب على أساس أن يحكم السودان عسكرياّ بأي صيغة كانت ستندلع الح-رب مجدداً وفي زمن قياسي) وهذه نبوءة جديدة من زرقاء اليمامة السودانية، رشا عوض، في آخر مقالاتها العميقة عن الراهن المأزوم جديرة بالتّوقف عندها طويلاً وأضافت (لأن ذهنية الوصاية على السُّودان مسيطرة على الحكومة المصرية، وضعف النّخب المدنية والعسكرية السُّودانية المزمن أمام الحكومات المصرية كرّس هذه الوصاية)، فهل تناصب الحكومة المصرية ثورة الشّعب السُّوداني العداء، وتستغل ظروف الحرب وغياب الدولة ومؤسساتها وتمدد حدودها سرّاً جنوباً كما نقلت وسائل الإعلام، مؤخراً وتنشط في العلن في تصنيع الحواضن من أعداء الثورة والمتآمرين عليها أم أن الأيام ستثبت أن مصر تدرك مقولة جمال عبدالناصر الباذخة وتعمل بها..