دراساتمقالات

موقف الاتحاد السوفيتي من المسألة اليهودية (1 – 5) قراءة وتلخيص : علي رهيف الربيعي (1)

قراءة وتلخيص : علي رهيف الربيعي (1)

موقف الاتحاد السوفيتي من المسألة اليهودية (1 – 5)
قراءة وتلخيص : علي رهيف الربيعي (1)
لم ينظر لينين إلى يهود شرق أوربا بوصفهم وحدة مستقلة داخل التشكيل السياسي الروسي والتشكيل الحضاري لشرق أوربا منفصلة عن يهود العالم. ولذا ، فقد ناقش القضية من منظور أعلى نقطة تعميم فتساءل : هل اليهود ، بشكل عام ومجرد، وفي كل زمان ومكان، يشكلون قومية ام لا ؟ وهل هناك وحدة عالمية تنتظم كل اليهود ؟ وهل هناك خصوصية مقصورة عليهم ام لا ؟ والإجابة على مثل هذا السؤال البسيط بسيط جدا، هي ان كل اليهود بطبيعة الحال لا يشكلون قومية ، وانه لا وجود لأية وحدة بين يهود ألمانيا وبولندا وفرنسا وإنجلترا . فيهود فرنسا يتحدثون الفرنسية، ويهود إنجلترا يتحدثون الانجليزية، ويهود شرق أوربا كانوا يتحدثون اليدشية، ولكل جماعة يهودية موروثها الثقافي ووضعها الاقتصادي المتميز الذي تحدده حركيات المجتمعات التي يعيش في كنفها أعضاء الجماعات اليهودية.
ولأن اليهود ، من وجهة نظر لينين ، لا يشكلون أمة ، فإن القضية تصبح مشكلة اندماجهم أو انعزالهم . ومن ثم، فإن حل المسألة اليهودية هو ببساطة دمجهم ، وهي عملية يمكن أن تتم بأن ينخرط اليهود في النضال الثوري إلى جانب المضطهدين من الطبقة العاملة وغيرها من الطبقات على أن يذوب أعضاء الجماعة اليهودية في المجتمع الاشتراكي الكبير ، اي ان الخاص ( يهود شرق أوربا) لابد أن يذوب في العام ( المجتمع الثوري الجديد). وهذا هو النمط الكامنة في فكر حركة الاستنارة وفي كل الحلول الماركسية.
ولهذا، وقف لينين موقف المعارضة الكاملة لا من فكرة القومية اليهودية العامة العالمية ( اي الصهيونية)، وإنما أيضا من فكرة الخصوصية اليديشية المحدودة المقصورة على يهود شرق أوربا ، وهي الفكرة التي طرحها حزب البوند الذي طالب بقدر من الاستقلال الثقافي للعمال اليهود يتناسب مع هويتهم الثقافية المحددة، وخصوصيتهم، ولا يختلف عن استقلال الأقليات والطوائف الأخرى، و يترجم نفسه إلى استقلال تنظيمي . كما رفض لينين بالتالي اي استقلال تنظيمي لحزب البوند أو ما سمي ” الوحدة الفيدرالية”.
وكان تروتسكي الزعيم الماركسي اليهودي هو الآخر ضد فكرة القومية اليهودية، ولذا عارض الصهاينة وكان يرى ان حل المسألة اليهودية لا يكون عن طريق تأسيس دولة يهودية بين دول أخرى غير يهودية ، وإنما يكمن في إعادة تركيب المجتمع تركيبا أمميا متماسكا . إلا أنه عارض أيضا مفهوم الأقلية اليهودية باعتبارها اقلية قومية شرق اوربية، ولذا عارض البوند.
ولا يخرج موقف ستالين عن موقف الزعماء الماركسيين السابقين، فقد بين ان اليهود ككل لا يجمعهم إلا الدين ، وقد يكون لهم طابع قومي ، ولكنهم لا يكونون أمة واحدة عالمية ، وذلك لأنهم متفرقون اقتصاديا، ويعيشون على ارض مختلفة ، ويتكلمون لغات متعددة وليس لهم ثقافة مشتركة.
ومن الواضح أن موقف البلاشفة من المسألة اليهودية، رغم معاداته الضارية للصهيونية ومعاداة اليهود ، ورغم اعترافه من البداية باليديشية لغة قومية ورفض الاعتراف باللغة العبرية باعتبارها لغة قومية وهمية ، خضع لبعض الوقت للصياغات العامة والمقولات المجردة ، مثل مقولة ” اليهود ككل”. ولكن هذا الوضع تم تصحيحه فيما بعد بتأسيس منطقة بيروبيجان ، إذ كانت هذه الخطوة تعني ضمنا قبول ما رفضه لينين،
يتبع..
المصدر :
(1) عبد الوهاب المسيري، موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، الموسوعة الموجزة في جزأين، المجلد الأول، دار الشروق الطبعة السادسة ٢٠١٠.
2024 حزيران 13

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب