
وقفة أمام ماتبقى من أخلاق العروبة
بقلم د- عزالدين حسن الدياب
“وغُلِبَت عبس،فنادى عمه كر ياعنتر،فأجاب عنتر :العبد لايكر.قال له عمه :كر ياعنتر فأنت حر،فكر عنتر واسترد سبايا القبيلة..فمتى تكرون ياعبيد”
البحث في ماتبقى من الأخلاق العربية التي عهدتها الأمة،وخلال أجيال،في نبي هذه الأمة،ورسولها إلى العالم،الرسول العربي محمد (ص).
ويبدأ البحث من عهد البطولة،الذي أسسه هذا النبي،يوم طلب منه أن يتخلى عن دوره ورسالته فقال مامعناه:والله لو وضع الشمس في يميني،والقمر في يساري أن أكون دون ذلك ما فعلت.وعهد البطولة كان عهد أخلاق من أجل بناء جيل جديد،في البداية،والأخلاق مواقف واختيارات،وتجلت المواقف في اختياراته،يوم أراد أن يعيد تكوين الأمة العربية،على هوى ماجاء في القرآن الكريم من آيات،تشكل محددات للشخيصية العربية الجديدة المسلمة،محددات في الأخلاق،من الصدق والأمانة،والوفاء،والرجولة،والشجاعة،والقوة ،والفروسية،والإخلاص،وأن يكون باطن هذه الشخصية،مثل ظاهرها.
والنبي العربي انطلق بمهمته في خلق عهد البطولة،من آية دالةعلى الخطوة الأولى في مشروعه:”إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا بأخلاقهم.سورة الرعد-الا ٓية-10″
ألم نقل في البداية أن عهد البطولة في الحياة العربية الجديدة كان عهد أخلاق،بدأ بجيل عربي جديد،فكان الانتماء للفكرة،ثم
الانتماء والولاء لهذه الفكرة،ثم ولادة الاختيارات التي تشكل دليلا للمواقف،والعهد،وتجاوز الولاءات القبلية،والجهوية،وكل ولاء لايدخل في حسابات النبي العربي،وهو يبني عهد البطولة.
وكان عهد البطولة يحتاج إلى اختبار،وإلى تجارب تتم فيه هذه الاختيارات.وبدأت التجربة من بلال يوم أصر بأخلاقه الإسلامية العربية،بقوله:أحد أحد،وعمار وأسرته،يوم قال الرسول العربي،واعداً بصبرهم وتمسكهم بعقيدتهم الحديدة،ومبشرهم:بأن موعدهم الحنة،وتتابعت التجارب ببناء عهد البطولة،من بلال وأسرة عمار إلى بدر فالخندق،وحتى الفتوحات العربية،لاسترداد السيادة الوطنية،والقومية،فكانت،من تلك اللحظة بلاد العرب أوطاني.
وبعهد البطولة،بل قلّ بالشخصية العربية البطلة،وصل العرب إلى تراب الصين،وأوصلوا رسالتهم إلى هناك،ومن ثم إلى بقاع كثيرة،وكان أنموذجهم في إيصال رسالتهم الخالدة،وإبلاغها للعالم،في صورتها الحضارية الإنسانية الجديدة،بلاد الأندلس
ومافيها من دروس حضارية،كان فاتحتها،نقل أوربا من الهمجية ،إلى التقدم خطوات باتجاه الحضارة،ومحراب بوانييه القريب من مونبلييه، شاهد حق حتى هذه اللحظة.
بما قلناه ليس معايشة مع الماضي العربي،لندفن فيه أحلام وهموم العروبة،وإنّما دالة ودلائل وشواهد لتكون حَكَماً لم نقوله
عن أخلاق عهد البطولة،وما أتى به من تتويج للشخصية العربية،التي شكلت عصمتها،حتى تاريخ اليوم الذي فقدت به
هذه الأمة الكثير من معالم وخصائص هذه الشخصية العربية ففقدت المؤشرات الدالة،على ممكنات استعادتها من جديد.
مالعمل كيف نربط بين شخصية عهد البطولة،وبين أنموذج الحاكم العربي الراهن،الذي يتآمر على عهد البطولة الجديد،
الذي بانت معالمه غداه طوفان الأقصى،في كل من الضفة الغربية وغزّة العز والفداء.نعم كيف نربط بين أبطال عهد البطولة الحديد،وشواهده في بطولات أهل غزة،وبين موقف الأنظمة العربية الراهنة،تجاه مايقوم به العدوان الصهيوني،منقاداً بثقافته التلمودية الصهيونية وربطه ممثلا بأخلاق حاكم عربي،هو رئيس وزراء ووزير خارجية قطر،يوم أفصح بمقابلة لإحدى الفضائيات العربية/العبرية،عن تآمرهم على النظام الوطني القومي العراقي لكونه النظام القوي الذيً يهدد الكيان الصهيوني،وكان لهم ما أرادوا،وتم القضاء على هذا النظام،فهرولوا للتطبيع العلني مع الكيان الصهيوني.
ونسأل ترى ماذا تبقى في أخلاق هذه الأمة،حكامها أنموذجيا،أليس في المذابح التي يقوم بها الكيان الصهيوني،شاهد حي على وقفة السلاطين العرب،وقفة عبد لايكر .*
*أهديه إلى أستاذي الذي قال بعهد البطولة،والجيل العربي الجديد
د- عزالدين حسن الدياب -26-6-2024