
من هو الطائفي، العنصري
بقلم الدكتور ضرغام الدباغ
من هو الطائفي، ومن هو العنصري ..؟
من بوسعه أن يكون طائفياً / عنصرياً، ومن يستحيل عليه ذلك …؟ لاحظ هذه القائمة وستعرف الإجابة، وسوف تدرك لماذا الطائفية والعنصرية وضيعة :
ـــ الرياضي : لا يمكن أن يكون طائفيا/ عنصرياً، لأنه يلعب في فريق واحد مع أصناف عديدة وهو يعلم أن لا سبيل للفوز(مستحيل) إلا بتعاون الفريق بصفة تامة
ــــ الفنان : لأنه طليعي، لا يعترف إلا بالقيم الفنية، وما يعادلها في الرقي، والطائفية / العنصرية انحطاط، لا يمارسه إلا المنحطون،
ـــ الكاتب، الأديب، المثقف : هم رموز المجتمع بأسره، ينظر إلى الأمام، يخلق صور جماعية، يعتبر معاناة كل إنسان معاناته الشخصية، وأن رؤية، جانبية لزاوية واحدة، ستطيح بالكاتب/الأديب إلى الدجل والاهمال والعزل.
ـــ العالم، الاكاديمي، الباحث : الذي يعلم ببساطة أن العالم كبير جداً، وأن الحقيقة العلمية لا يعلى عليها، أكبر من أن تضعه بين دفتي كتاب. وأن لا حل لمشكلات البشر إلا إلا بالعلم والبحث العلمي.
ـــ الوطني : لأنه يعلم أن أي رؤية يجب أن تكون بعرض وعمق الوطن ، وإلا فهي رؤية فئوية انعزالية،
ـــ القومي : الذي يعلم أن خسارة أي إنسان، هي خسارة للعملية السياسية والنضال الذي يخوضه من أجل التقدم، فما بالك بإسقاط فئات وشرائح كاملة …!
ــ التقدمي : الذي يسعى بكل جهده إلى تأسيس جبهات وطنية في المجتمعات التي يخوض نضاله فيها، إذا أراد النجاح لنضاله، فيسعى قدر جهده أن يضع أكبر حجم من الجماهير في مسارات نضاله.
من هم الطائفي والعنصري …؟
هو من يعيش في الأوهام ويعتقد أن بوسعه أن يضع البلاد في جيبه، ويقنع نفسه بأوهام وضلالات خرافية، فيتجاهل ويتعامى عن الواقع الموضوعي بكل ابعاده، وبنحاز للخرافة والوهم، وحين يتأكد أن أوهامه التي يبيعها الناس بثمن باهض (تنازلوا عن هذه وتلك) مقابل الخرافة، وفي الأخير هو سيقيم مؤسسة لحمتها وسداها هي الجهل، وحين يتأكد مروج الطائفية أن بضاعته وهمية وكاسدة، يلجأ للغش والتدليس، وهذه لفترة، وحين تفشل يلجأ إلى السلاح والقوة كمرحلة ختامية، ويتحول من مصلح مزعوم، إلى قاتل مأجور يعتاش على قتل غيره، وهو يعتقد أن الجريمة تبقيه في الصدارة، ويعتقد أنه سيفلت من العقاب، ولكنه في اعماقه يدرك أنها مكتسبات غير شرعية وستزول يوماً، فيبدأ بسباق مع الزمن، وداخله قد تحول إلى إنسان شهواني، مجرم، تنازل عن القيم الوطنية والأخلاقية، والحل هو الهروب إلى الامام ورفع وتيرة القتل والغلو في الضلال … ويزيد في تحالفه مع الأعداء، والتنازلات حتى يفقد بوصلته …!
أعداء البلاد، بالطبع لا يستطيعون تضمين خطابهم السياسي بالدعوة إلى توحيد القلوب والعقول، فيعمد إلى شق الصفوف والمجتمع طولاً وعرضاً ما استطاع إلى ذلك سبيلاً. ببساطة، والمسألة بسيطة جداً سنفهمها بإلقاء نظرة سريعة، وتأمل لا يستغرق سوى ثوان ..! لاحظ من يقول لك :
ــــ ساعد أخوك، وتفاهم معه، إنه أبن بلدك، الخلاف سيسهل دخول الأجنبي بينكما، وسيخسر كلاكما في نهاية المطاف،
ــــ وبين من يحرض على الفتنة والقتل، والتدمير وشق الصفوف، وإذا تمعنت جيداً في ابعاد خطابه، ستجد أنه يريد تقديم البلاد لقوة أجنبية، وأن غاياته ومراميه خبيثة ووضيعة.
أنديرا غاندي، كانت زعيمة وطنية، أبنة زعيم وقائد (جواهر لال نهرو)، قالوا لها أن المتطرفين من السيخ سيغتالونها، وأوصوها بإبعاد العناصر الهندوسية من حرسها الخاص. رفضت الزعيمة الوطنية، وقالت إذا أبعدتهم أيقنت بنفسي أني عنصرية ، ون يقلني يرتكب جرينة يحاسب عليها القانون.
وفعلاً اغتالوا الزعيمة الوطنية(تشرين الأول / 1984)، وكرر الأمن الرئاسي الطلب من أبنها (راجيف غاندي) الذي تولى الرئاسة بعد أمه، كرروا عليه الطلب، وعاد ورفض هذا الطلب مكررا ما قالته والدته، فأغتيل هو الآخر ……
اليوم نجد مسؤولين هنود يحرضون علناً وأمام عدسات التلفاز على القتل والإبعاد والتهميش، لا يريدون الاتعاظ من الكتب، من التاريخ … ونجد غيرهم من أهل بيتنا كثيرون يحرضون ليل نهار مستعينين بقوة الخرافات معتمدين على الجهلاء والتافهين والعاطلين عن العمل الذين امتهنوا القتل وإشاعة الإرهاب والفوضى فأسسوا منهم جيشاً لجباً .. أنظر لكتب التاريخ، أو صفحات الانترنيت، كم من ميليشيات تبخرت وكم منها صمدت بوجه التاريخ والعدالة …كلهم كانوا، وسيكون مصيرهم وامثالهم في مكب نفايات التاريخ قريباً أو بعيداً، فهذا خطأ، والخطأ لا يستقيم ومصيره الاندحار ..
كتبت مرة ……
أنهم لا يذهبون إلى البحر ..
إنهم لا يذهبون إلى الكتب ..
إنهم لا يذهبون إلى العبر …
إنهم لا …. إنهم لا .. إنهم لا …
أيها الناس أتحدوا .. فقد عشتم على هذه الأرض المقدسة ألاف الستين، أغلقوا الأبواب والنوافذ، لا تدعوا الذباب والبعوض والبرغش بدخل بيوتكم، ثم إلى عقولكم ..
عاش العراق، وطني الحبيب، واحداً موحداً رغم كل ما يحيكون ويكيدون …!