مقالات

كلمة واحدة من الرئيس بايدن يمكن أن تغير مجرى التاريخ بقلم د. رياض العيسمي

بقلم د. رياض العيسمي

كلمة واحدة من الرئيس بايدن يمكن أن تغير مجرى التاريخ
د. رياض العيسمي
الولايات المتحدة تحبس أنفاسها هذه الأيام بانتظار قرار الرئيس بايدن للمضي بالترشح عن الحزب الديمقراطي لدورة رئاسية ثانية أو العدول عن الترشح وفسح المجال لمرشح آخر من الجيل الجديد في الحزب له الفرصة الأكبر في هزيمة مرشح الحزب الجمهوري المفترض الرئيس السابق دونالد ترامب.
منذ المناظرة بين المرشحين المفترضين ترامب وبايدن التي جرت قبل أسبوعين والأداء السيء للرئيس بايدن فيها، والأصوات في أوساط الحزب الديمقراطي تتعالى لمناشدة الرئيس بايدن بالتنحي جانبا وفسح المجال لمؤتمر الحزب المقرر عقده في منتصف الشهر القادم في شيكاغو اختيار مرشح آخر تكون له فرصة أكبر لهزيمة ترامب. وذلك لأن استطلاعات الرأي بعد المناظرة بدأت بترجيح كفة ترامب على بايدن ب ٦ إلى ٧ نقاط. وهي نسبة خارج نطاق الخطأ الاحصائي. وكان مستشاري بايدن قد شاروا عليه بعقد هذه المناظرة لكي يثبت للناخب الأمريكي بأنه لديه القدرة الصحية والإدراكية لقيادة الولايات المتحدة لأربع سنوات قادمة. وكانت هذه سابقة في تاريخ الانتخابات الأمريكية أن تحصل المناظرة بين مرشحين مفترضين غير معتمدين بشكل نهائي من قبل المندوبين في تصويت خاص خلال مؤتمرات الاحزاب. وبعكس توقعات المستشارين، كان اداء الرئيس بايدن كارثيا بكل الاعتبارات، وخاصة في بداية المناظرة. حيث بدى مرتبكا وفاقدا للتوازن الجسدي والسلوك الإدراكيّ. وافتقد كلامه للترابط. وأخطأ في عدة مواقع. وبحيث استغل ترامب هذه الناحية وركز عليها. وكان عندما يسأل بالرد يجيب ” بالرغم من أنني لم أفهم ما يعنيه الرئيس بايدن. علما بأن ترامب كان يكذب في معظم ما يقول. وبحسب المختصين لتقصي الحقائق كذب بأكثر مر ٨٥ بالمائة في المعلومات التي قدمها. ومع هذا تفوق على بايدن بالمناظرة حسب استطلاعات الرأي. ٨٠ بالمائة من الأمريكين لا يحبذون أن يترشح الرئيس بايدن بحكم العمر، ٨١ عام. و ٧٠ بالمائة لا يفضلون ايا من المرشحين بايدن أو ترامب، ٧٨ عام. وعمر المرشحين غير مسبوق في التاريخ الأمريكي. وكان رونالد ريغان أكبر الرؤساء عمرا، ٧٦ عام، عندما أنهى دورته الثانية مطلع عام ١٩٨٩. ففي الوقت الذي يلتف فيه الحزب الجمهوري حول ترامب ويؤيدون ترشحه، بدأت تتعالى الأصوات داخل اروقة الحزب الديمقراطي لعدول بايدن عن الترشح واختيار مرشح آخر يمكنه هزيمة ترامب. وذلك لأن رئاسة ترامب لأربع سنوات قادمة ستكون، كارثية على الولايات المتحدة التي مازالت تعاني جراء فترة حكمه الأولى انقسام سياسي حاد وخلقت شرح مجتمعي كبير. يزداد يوما بعد يوم. ومرشح للتوسع والاستمرار طالما بقي ترامب يسيطر على المشهد السياسي. ووصول ترامب للرئاسة مرة ثانية سيعزز الانقسام والتشرذم والصدام في العالم، والذي هو عالم محتقن بالأصل، ويتجه نحو الصدام.
قبل أكثر من شهرين، في ٧ أيار، أرسلت رسالة للرئيس بايدن ونشرتها على موقعي على الفيسبوك، أناشده فيها أن يسلك سلوك الرؤساء الأمريكيين العظماء أمثال ابرهام لينكولن وفرانكلن روزفلت. وأن يضع مصلحة الولايات المتحدة فوق كل اعتبار. وان يعدل عن الترشح لفسح المجال لمرشح يستطيع هزيمة ترامب. وان يتحرر هو من قيود الانتخابات وضغوطات الممولين. وان يتفرغ للوضع العالمي الذي ينذر بالخطر. ومنها العمل على وقف الحرب غزة وإيجاد حل عادل للصراع العربي الإسرائيلي. ومنع توسع الحرب في منطقة الشرق الأوسط. وان يفاوض مع الرئيس بوتين، ومن موقع القوة والنفوذ الذي مازالت تتمتع به الولايات المتحدة لمنع توسع الحرب الأوكرانية إلى شرق أوروبا ودول البلطيق. وكذلك التفاوض مع الصين حول تايوان لمنع بزوغ حرب كبيرة في شرق آسيا. هذا في الوقت الذي تتفرغ نائبة الرئيس كامالا هاريس لإدارة الشؤون الدخلية للبلاد في الفترة المتبقية من رئاسته. وهذا ما يحرر المرشح الديمقراطي الجديد من الأعباء الإضافية. ويتفرغ لهزيمة ترامب. وكما كان متوقعا جاء الرد على رسالتي بشكل تلقائي وعام وديبلوماسي. أي لم تلق آذانا صاغية. وحتى اللحظة لم تلق اية مناشدات أخرى آذانا صاغية ومنها من مجموعة من عشرة اعضاء في مجلس النواب والشيوخ، وعدد كبير جدا من المسؤولين في الحزب الديمقراطي ذهبوا إلى الرئيس بايدن بالسر ليناقشوا معه إمكانية عدوله عن الترشح لصالح الحزب. ومنهم زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب حكيم جيفري. وأعضاء من مجلس الشيوخ. وذلك لان خسارة الحزب الديمقراطي مع بايدن لن تقتصر على الرئاسة، بل ستتعداها إلى مجلسي النواب والشيوخ. هذا بعد ان غير ترامب من تركيبة المحكمة العليا. وهكذا تصبح الولايات المتحدة أرض ترامب.
حتى اللحظة لا توجد مؤشرات على تراجع الرئيس بايدن. لكنه ومع إعلان الممثل جورج كلوني وداعمين اخرين لبايدن من هوليود، الداعم الأساسي للديمقراطيين. والانتخابات الأمريكية مكلفة وتحتاج إلى دعم مالي كبير. ولا يستطيع الحزب الديمقراطي بالتضحية بالداعمين الرئيسيين كهوليود. عندها فقط يمكن أن يتراجع الرئيس بايدن. المعادلة للفوز بالانتخابات الرئاسية الأمريكية هي معادلة رقمية بحتة، مجموع الأموال الداعمة على صعيد الولايات المتحدة ككل وعدد الكليات الانتخابية للولايات. وبهذا حتى يربح الحزب الديمقراطي الرئاسة في الانتخابات القادمة يحتاج إلى دعم مالي كبير ودعم الولايات الست المتأرجحة التي أوصلت بايدن إلى البيت الأبيض وأخرجت ترامب منه رغما عنه عام ٢٠٢١. وهي نفسها الولايات التي من المتوقع ان تعيد ترامب إلى البيت الأبيض وتخرج بايدن منه مطلع العام القادم، ٢٠٢٥. ولهذا لا بد للحزب الديمقراطي من أن يختار واحداً من حكام هذه الولايات المتأرجحة. ومنها على سبيل المثال ولايتي ميتشغان وبنسلفانيا. وبرأيي الجمع بين الولايتين يمكن أن يكون هو الورقة الرابحة للحزب الديمقراطي؛ حاكمة ميتشغان كريشين ويتمر للرئيس. وهي معتدلة وتمثل بسار الوسط ويمكن ان يقبل بها يسار الحزب. ويمكن ان تستقطب شريحة كبيرة من المترددين. و عضو مجلس الشيوخ السيناتور بوب كيسي عن بنسلفانيا لنائب الرئيس. وهو من محافظي الحزب الديمقراطي. ويمكن ان يلتف حوله الوسط. ويؤيده المعتدلين من الحزب الجمهوري الذين يرفضون رئاسة ثانية ل ترامب. وعندها تكون المناظرة التي سيراقبها العالم أجمع بين كريشين ويتمر المرأة الجآمعة والقوية بحكمها وإدارتها والناعمة بدبلوماسيتها وحنكتها السياسية امام ترامب غير السياسي. الصدامي المفرق. والمتبجح بالحنكة الإدارية الوهمية والمتباهي بالقوة الذكورية النرجسية.
الولايات المتحدة ومعها العالم تقف اليوم امام استحقاق تاريخي. وكلمة واحدة من بايدن يمكن أن تغير مجرى التاريخ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب