سياسة أردوغان”،هي سياسة حكيمة،
سياسة أردوغان”،هي سياسة حكيمة،
بقلم /علي او عمو.
استطاع منخلالها إيصالبلده إلى مَصافّ الدول العُظمى التي يُحسَب لها
ألفَ حساب
في العالم،
فسياسة
السيد
أردوغان
براغماتية لا
جِدال في
ذلك، فجميع
السياسات
في العالم
الديمقراطيّ
المُتحضِّر
مبنية على
السعي وراء
مصالح بلدانها و التَّنقيب عنها أينما وُجِدت و العمل على تحقيقها ، هذه المسألة من مُسلَّمات و بديهيّات السياسات
الرشيدة التي تضَع دائماً ضمن أولوياتها تنمية البدان و ترفيه الشعوب، التي هي بِمَثابة العمود الفقريّ لجميع الدول
الديمُقراطيّة، التي لا تأْلو جُهدا في تنميَّة قدراتها في كل المجالات و الميادن اعتماداً على تأهيل عنصرها البشريّ الذي
يعتبر الرافعة الأساسيّة للدول ، فبدون الاهتمام بالموارد البشريّة الكُفئة لا يمكن للدولة أن تنهض و تقوم للتتسلّق سُلّم
التقدم و التطوّر و الازدهار، لقد قام اردوغان، منذ، توليه الحكم بالاهتمام بالعنصر البشري لبلده، فاعتنى بالتعليم
الركيزة الأساسية في النهوض بالبلد في كل العلوم المُعاصرة و التكنولوجيات الحديثة علماً منه أنه بدون تجويد القطاع
التعليمي لا يمكن السير بالبلد نحو مدارج التقدّم و التطور ، لذلك عمل جاهداً في تكوين علماء أكفاء في جميع صنوف
العلم الذي يعتمد على تكنولوجيات عصرية تستجيب لمطلبات عصر النهضة العلمية التي يعرفها العالم المتحضر …
فسعياً وراء اللحاق بركب الدول الديمقراطية المُتقدمة و المزدهرة و العظمى قام الشعب التركي باختيار رئيسه في
انتخابات نزيهة و شفّافة لم يتمّ الطّعن في مِصداقيتها، لهذا فهو يسعى إلى إرضاء هذا الشعبِ الذي وَضعَ ثِقتَه فيه و
الالتزام بكلّ الوُعود التي قطعَها حزْبه (العدالة و التنمية) على نفسِه، من خلال برنامجه الانتخابيّ، و ذلك في إطار
تنميّة البلاد في كلّ المَجالات و الميادين كي يَرقى بِوَطنه إلى مَصافّ الدّول المُتقدِّمة و المُتحضِّرة و الحداثيّة التي تُواكب
العصر و تتجدَّد وِفْق ما تقتضيه الظروف التي تتغيّر بوثيرة سريعة، و حتّى تبقى دولتُه ضمن الدول العُظمى في العالم و
كي يَضمَن لها حضوراُ وازِناً داخل المُجتمَع الدولي الجديد المُهيْمِن و المُسيطر الذي لا يُعير أيّ اهتمام لِضِعافِ الدول..
أردوغان رجل ديمقراطيّ الطبع و سياسيّ مُحنَّك، يتعامل مع جميع الدول بمنطق المصلحة العليا لبلده، فهو يَلعب في
حَلَبَة صراعات سياسيّة و اقتصاديّة و عسكريّة وغيرها، قد غابت عنها جميع بُلدان المنطقة المغلوبة على أمرها
الراضخة لسياسة الدول الأجنبيّة الكُبرى و التابعة لها و العاجِزة على اتخاذ أيّة قرارات حُرَّةً و مُستقلّة، و كان من
المفروض عليه الخوْض في كلّ السياسات المُختلفة التي تجري في هذه الساحة المفتوحة التي طغَت عليها تجاذُب
المصالح، فكل دولة عُظمى تستخدم كلّ إمكانياتها من أجل حُسن تموْقُعها في الساحة السياسية و العسكرية حتّى لا
تخرُج خاوية الوِفاض و دون تحقيق أهدافها التي تعمل مِن أجلها،، و في هذا الصّدد يعمل الرئيس أردوغان على تامين
مصالحه، و لهذا فهو يُناوِر في سياسته و لا يَرغب في أن يخسَر أيّ حليف من حُلفائه، و لذلك تجدُ سياستَه غير قارّة
وغير مُستقِرّة على نمَطٍ مُعيّن، فهي تتغيَّر و تتجدَّد حسب ما تُمليه الظروف و تفرضُه الأوضاع السياسيّة المُتجدِّدة و
المُتغيِّرة، يُحاول دائماً أن يُوازن في علاقاتِه مع أمريكا و روسيا و الدول الاوروبيّة و غيرها، و ذلك راجع إلى حِنكتِه
السياسيّة المُتمَيِّزة و فكره النيِّر المُتبصِّر.. و إذا تطرّقنا إلى تدخُّل أردوغان في سوريا، فقد كان سببُه الرّئيسي هو
تسليح الولايات المتحدة للمقاتلين العرب في قوات “سوريا الديمقراطية” التي تشمل وحدات حماية الشعب الكردية،
علماً أنّ الأكراد يُشكّلون خطراً على استقرار تركيا منذ فترة طويلة، و لمنع هؤلاء المُناوئين لتركيا على السيطرة على
الحدود مع سوريا، قام بالضغط و بقوة على أمريكا من أجل سحب قواتها من المناطق السورية الواقعة على الشريط
الحدودي مع سوريا و بذلك تخلّت أمريكا عن حليفها الكردي، و أصبحت بذلك تركيا قد حقّقت هدفها و مُبتغاها.
أردوغان بحِنكته السياسية واتِّزان فِكرِه استطاع أن يتَعامل سياسيّاً مع الدول الكبرى التي تعترف بتركيا كقوة ضمن
القوى العظمى في العالم.
بخلاف بعض الحكّام ذوي العقليّات المُهترِئة خاصّة في البُلدان التي تحكُمُها “النُّخبويّة” و “التسلُّطيَّة” التي لم
تَستوْعِب بعدُ السياسة و الديمُقراطية و العدالة و الحريّة، لازالت هذه العقليّات العتيقة البالية لا تتماشى مع السياسات
العالميّة لأنها لا تعرف حتّى مفهوم السياسة و لا مَفهوم الديمقراطيّة و لا مفهوم التنميّة و غيرها، فهذه العقليّات
للأسف، تُحسّ دوْماً بِضعفها و دُنْيَوِيَّتِها أمام الدول الديمقراطيّة و السياسيّة، فَتُوليها الطاعة و الخُضوع و الخُنوع
لكونها لا تملك تلك العقليّات النّيِّرة المُتحضِّرة التي يَمْلِكُها السيّاسيّون الديموقراطيّون، فهي لا تُحاوِل فهم ما يجري في
منطقتها من سياسات لم تستطِع أنْ تكون من المُنخرطات فيها، و بذلك تركت الساحة مُرغَمَةً للعقليّات السياسيّة الأجنبية
الحديثة لِتلْعبَ فيها كما تشاء.
فغالباً، ما يَلجأ ذَوو العقليّات المُتحجِّرة في سياستهم الدّاخلية إلى تعزيز مكانة النخب التقليدية في المشهد السياسي
وكبْح أي تغيير أو إصلاح حقيقييْن مُنبثِقيْن من عمق المجتمع، كما يلجأون إلى الكَذبِ على شعوبهم و سطوِهمْ على
ثروات بلدانهم و خيراتهم و التمتُّع بها و اتخاذ القمع كأسلوب للتَّحكُّم و السيطرة على شعوبهم من خلال الاعتقالات
لذوي الأفكار الخصبة المُتنوِّرة و المُناهضة لفكرِهم العقيم والزّجِّ بهم في السجون لِكوْنهم “ذوي العقول النَّيِّرة من
الشعوب” يُدرِكون كلّ الإدراك أنّ العقول المُتخلّفة لا يُمكنها أن تخلُق دولاً مُتحضِّرةً تُضاهي البلدان العُظمى التي تتنافس
فيما بينها على بسط نُفوذِها على كل الجوانب، السياسية و الاقتصادية و العسكرية و غيرها…. فهذه هي السياسة
الفارغة الخاوية التي يعرفُها أصحاب العقليّات المُتجاوَزة الرَّثَّة. فالأشخاص من ذوي هذه العقليات المُهترئة، يعتبرون
العمل السياسي الخارجيّ أسلوباً للتّحايُل على دول العالم و إيهامها من أجل كسْبِ ثِقتها من خلال تلميع وجوههم أمامها
و يتَّضح ذلك جلياً من خلال تصريحاتهم في اللّقاءات و المُؤتمرات و مُداخلاتهم و توقيعهم على معاهدات دولية
كالمُحافظة على الماء و مُحاربة التلوُّت البيئي و القضاء على الفساد و تحقيق الحريات في بلدانهم و احترام حقوق
الإنسان و غيرها، و هي أمور كلُّها وهمية لا أثَرَ لها على الواقع ..
في الختام : ذوو العقليّات المُتخلّفة لا يَقبلون أيّ اختلاف في الرّأي و إنمَا يتشبثون برأيهم و يعتبرونه الأصحّ، مُتناسين
أنَّ تلاقُح الأفكار و الآراء هو سبب ازدهار المجتمعات و الأمم. أمّا إقصاء الرأي الآخر فهو سبيل إلى التخلُّف و
الانحطاط.
إنّ ذوي العقليّات المُتحضّرة يسعون دائماً إلى تعميق الديمقراطيّة في بلدانهم لأنّها هي الضامِنةُ الوحيدة للتنمية وسيادة
القانون واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية و كرامة الأفراد و المجتمع، و بذلك تتحقق العدالة الاجتماعيّة و
يتعزَّز تمَاسُك المُجتمع..
كاتب من المغرب.