
العروبة الحديثة ..تحليلي المضامين2-
بقلم الدكتور عزالدين دياب –
تتمة مقدمة الدراسة:
إنّ الدفاع عن العروبة،والقول الصحيح في مضامينها،يبدأ من اعتباره مهمة قومية،تُكَحِلُ تحليل المضامين بأسانيد منهجية نابعة من حقائق الأمة العربية،التي تُقررُ أنّ العروبة،هي القوميةالعربية،بكل معانيها وأبعادها الاجتماعية،التي عاشت واستمرت في التاريخ العربي ،القديم والوسيط والمعاصر،وما يقال عن اشتباك بينهما،هو في حقيقته اشتباك في أذهان هؤلاء القوم،ممن عادوا العروبة،وشكّكوا في أصولها وجذورها،و.
وجودها.
كماً يبداً التحليل من رأي العلم الأنثروبولوجي،من أنّه عندما يبحث في المضامين،يريد أن يضع لها المعاني الصحيحة والسليمة التي تستوعب المضمون،وتعكس خصائصه البنائية-نسبة للبناء الاجتماعي،وتحيط بوظائفه انطلاقاً من قول منطقي إنّ المفاهيم في التحليل الأخير أدوات تحليل،تُفصِح وتعبر عن طابع وماهية الظواهر البنائية،والوظائف التي تشغلها داخل الحياة .
ويتضح من هذا المدخل ،أنّ المنهج الذي تستعين به الدراسة،هو المنهج البنائي الوظيفي،الذي يتمتع بالقدرة المنهجية،على الإحاطة الكاملة بالعروبة،المصمين المعاني،ومالها وماعليها،بدءاً من الوظائف البنائية،التي تمارسها في الحياة العربية،لأنّ العروبة،بإلإضافة،إلى أنّها انتماء،فهي أيضاً تشغل دور المحدد الثقافي الاجتماعي للشخصية العربية،فإذا تمكن المنهج من حصر مضامين العروبة،وإظهار خصائصها ووظائفها،قال لنا بوضوحٍ لالبس فيه،من هي الشخصية العربية:
والمعروف عن المدخل البنائي الوظيفي،كما يقول عنه أحمد أبو زيد:” إنّه يأخذ المجتمع موحدة متكاملة،ولايكاد يعطي أولوية خاصة لنسق،أو نظام معين،على بقية الأنساب والنظم والعلاقات-1- أحمد أبو زيد-المجتمعات الصحراوية في مصر –
البحث الأول شمال سيناء -دراسة أوثنو جرافية للنظم والأنساق الجتماعية-القاهرة-1991-ص32.”
وإذا كان هذا شأن المدخل البنائي الوظيفي،مع الظّاهرة البنائية،أو قل المجتمع بكل أنساقه ونظمه،فإنّ شأنه،أيضا مع المفاهيم،أن ياخذها بكليّتها،بحثاً عن العناصر التي تتكون منهاجُبُلّتها،وما بينها من اعتماد وظيفي متبادل،لأنّ المفاهيم لاتولد من فراغ،وإنما،هي أنماط ومستويات من التعبير والقول الفصل في الظواهر والأفكار،لأنّها في النهاية تتفرد بوصفها وحدات تحليل وتفسير.
إنّ استمرّار القول والاجتهاد والتفصيل في مفهوم العروبة،له دلالة،وهو أنّ له شأنه في حياة الباحثين،والدارسين والمنظرين العرب ،ممًن ينتمون العروبة،بوصفها هويتهم وشخصيتهم،وما
ملكت من مشاعر وعواطف وحب.في دنيا مفهوم العروبة وفضاءاته مستويات من الإصرار تقول إنّه لم يأخذ حقّه في التحليل من قبل العلوم الاجتماعية الحديثة،المستندة إلى العلم الخلدوني،ولم يستفد الاستفادة الكاملة من تحقيق إضافات للفكر القومي العربي،حتى إذا شاءت الأوساط الفكرية أن تتحدث عن تتطور هذا الفكر،لاتخلط بين التطوير والتشويه المتعمد،وإقحامه في متاهات منطق الرغبة،وبين البحث الجاد عن الجديد والحديث فيه،الذي يقوم على دلالات ومؤشرات عمّايجري من تحولات وتغيرات،في الحياة العربية،ومصادر هذه التحولات الداخليّة والخارجية.في هذه الحالة الفكرية،لم يعد السكوت ممكناً عن أهل الشماتة،وهم يعلنون شما تتهم بن أصاب التجربة القومية من أخطاء في الحكم ،وابتعاد عن مرامي الفكر القومي، وأهدافه،في مجلات فقدت عراقتها،بعد أن تربّع على عرشها،غلما ان اليسار الطفولي كان القصد من تلك الحملة الظالمة على الفكر القومي الوحدوي،خلخلة حركة الفكر اليساري باتجاه الفكر القومي الذي استوعب أهمية العروبة في معركة المستقبل العربي،وخاصة فكر البدايات،وإعادة النظر المنهجية في مواقف سابقة
له من أهداف الأمة العربية في الوحدة والاشتراكية والحرية.
كما لم يعد السكوت ممكناً،عمّا يقوله”الدبيكة” على مسارح حديثي النعمة عن الفكر القومي،ونقصد به مفهوم العروبة،وما يسيّلونً من حبر أقلام ، مغموسة بحبر ثقافة النفاق الفكري وثقافة الشطار ،وما ينتجه هذا الفكر البائس من مفاهيم مهمومة بقسر الظًواهر البنائية الغربية لصالح آاراء وأطروحات قيلت عن الواقع الاجتماعي الأوربي،وتجاربه الاجتماعية.إذاً؛فإنّ مانقوله عن العروبة الحديثة ومضامينها،يريد أن يسهم في وقف استهداف العروبة،كما قال عنها الفكر القومي العربي في فكر البدايات.
لذلك يغدو من الأهمية بمكان تحديد مفهوم العروبة في هذه الدراسة،من أجل تسليط الضوء على مضامينه ووظائفه ووجهتها داخل البناء الاجتماعي العربي،في أبعاده المحليةوالوطنيّة والقومية.
*الحلقة الثانية من دراسة :العروبة الحديثة ..تحليل في المضامين.