حضارة الأمة والتقدم على طريق النصر

حضارة الأمة والتقدم على طريق النصر
التقدم على طريق النصر يحتاج لمقومات.
فلا تقدم يأتي لسلاسة الدرب من ذات الوسيلة، ولا يأتي بعيون مغمضة أبدًا.
فلا بد لتحقيق النصرمن السير بعيون مبصرة، وقلوب عاقلة.وفي ذلك يكمن فقه المقومات والأسس التي تجعل من الطريق نافذًا نحو النصر.
في إطار الثورة الفلسطينية ومنذ البدء كانت الدوائر الثلاث تحيط بالقضية لتشكل أسس قوتها وهي الدائرة الوطنية والدائرة العربية، والدائرة العالمية المشكلة من أحرار العالم أساسًا، فلم تقل الثورة الا بتفاعل وتآزر هذه الدوائر لتحقق التقدم وتحقق النصر.
في النطاق الوطني فَهِمت الثورة القُطرية نقيض الاقليمية.
فلم تقبل العصبوية الإقليمية المغلقة لكل بلد منفصلًا عن مجمل بلدان الأمة.
وانما فهمتها قُطرية بمعنى التخصيص وبمعنى التكريس لا الانفصال، وبالمعنى الذي يضم الأقطار (القطرات) الى بعضها البعض لتكون بحق سيلًا كاسحًا للغريب، وغيثًا نافعًا للقريب ولمجمل الأمة.
لا جدال في أن الوحدة الوطنية ضمن العامل الوطني في أي قطر مدخلٌ لحسن التمثيل والاحترام والتقديم وإبراز الصورة ومن ثم امتلاك القدرة على التقدم ما يأتيها وبشكل لصيق مما نسميه اليوم الجدار العربي أو الدرع الواقي الذي بقوته تكمن قدرة القضية على النصر.
كان المفكر العربي الفلسطيني الكبير خالد الحسن كثيرًا ما يردد:”أن القاطرة الفلسطينية لاتسير إلا بالقطار العربي” مؤكدًا على حتمية الارتباط بمجمل الأمة لتحقيق النصر.
اكتسبت الثورة الفلسطينية ثقلها من قوة الأمة العربية بمجملها، رغم كثير من مراحل الشد والجذب بين الثورة الفلسطينية وبين عدد من الأنظمة العربية إلا أنه في جميع الأحوال كانت القوة بمفهومها الشامل ومنها القوة العسكرية درعًا حصينًا للثورة الفلسطينية.
حطمت الثورة الفلسطينية بحائطها الاستنادي أو بدرعها الواقيسعي الغرب، ثم “بن غوريون” لتفتيت الأمة باستفراده بكل قطر بها، ثم تدميركل قطر فيها. لكن للأسف فإن هذا ما تحقق له لاحقًا بعد تفتيت بل وتدمير الدرع بتفتيت قوة العراق وسوريا وتحييد مصر. ثم فيما فيما سمى استتباعات “إبراهام”.
قوة العرب الكبيرة والممتدة بتكاملها تجعل منها قوة عظمى حقيقية قادرة على التحدي اقتصاديًا وبشريًا وجغرافيًا واستراتيجيًا وفكريًا، وحضارةً جامعة لذلك سعى الاستعمار الغربي الملطخ بالحقد وبالدم والتسخير للآخرين وبعقدة التفوق والعنصرية سعى لتفتيت وتدمير هذه الامة بحضارتها الوسطية الجامعة، التي لها من المقومات ما يجعل من الاتحاد العربي لو نشأ اكثر قوة من الاتحاد الأوربي.
سعى الاستدمار (الاستعمار) الغربي المهيمن لقهر الأمة واتخذ أشكالًا عدة من السرقة والنهب والقتل والاستغلال والضغط والاحتلال وتدمير اللغة العربية وتحقير أمة العرب، وحضارة الامة الجامعة في رقعتنا الجغرافية الواحدة للعرب و للاكراد والامازيغ معًا، كما الجامعة للمسيحيين والمسلمين معًا في الوعاء الحضاري الجامع.
ومثّل استعمار أرض فلسطين العربية أحد أهم أهداف وحلقات الاستعمار الأوربي والأمريكي لتدمير الأمة، فلا تقوم لها قائمة بل كي يصبح حلم الوحدة ولو على النمط الأوربي نسيًا منسيًا، فكان الكيان الصهيوني ممثلًا للغطرسة الاستعمارية الغريبة، والفاشية والعنصرية.
إنه الكيان الذي بدأ بطيئًا حتى تعملق اليوم، فهيمن بالإرادة الغربية الاستعمارية ثم الامريكية على العالم العربي بطيء الفهم أو المنهمك بالعقلية الاستهلاكية الاستتباعية الغربية بعيدًا عن مصالح الأمة الاستراتيجية الجامعة وعن قيمنا الحضارية.
إن القضية الفلسطينية أو ما كانت تسمى القضية العربية في الصراع العربي-الصهيوني قُزمت عبر السنين ونتيجة اخفاقات النظام العربي، لتصبح شطرًا فقط مقابل القوة الاستعمارية الداهمة المسماة الكيان الصهيوني ففقدت حتى في المضمون النفسي فكرة القوة ولو المعنوية حينما مثلت لفترة طويلة القضية المركزية العربية الأولى.
إن قوة هذه الأمة لا يمكن أن تستمد من الخارج مطلقًا بل من ذاتها التي لا تحتاج الا لثقة أبناء الأمة وقادتها بحضارتهم وقيمهم المتميزة الأصيلة، ولسانهم الفصيح الجامع لكل المكونات الحضارية المتشكلة منها هذه الامة، وبقوتها الاقتصادية والاجتماعية بل والنفسية والروحية والثقافية الحضارية الممتدة لآلاف السنين.
وبذلك يعود الدرع الواقي او القطار ليقود القاطرة الفلسطينية فيُنار الدرب ويتحقق التقدم ويكون النصر ثمرة ناضجة.
بكر أبوبكر