مقالات
العروبة الحديثة..تحليل في المضامين -الحلقة العاشرة بقلم د-عزالدين حسن الدياب
بقلم د-عزالدين حسن الدياب

العروبة الحديثة..تحليل في المضامين -الحلقة العاشرة
بقلم د-عزالدين حسن الدياب
. •وعندما جابهت العروبة الفكر الشيوعي،في أرضها وبين ناسها،لم يغب عن بالها،أن هذه المجابهة محصورة فقط في الدفاع عن شخصية الأمةً العربية،التي لم يشخص الفكر الماركسي،أوضاعها وظروفها،وحضارتها وتاريخها،تشخيصاً سليماً نابعاً،لانه نظر إلى تجربتها الاجتماعية بعين أوروبية،تري الحياة العربية،من خلال تجربتها الاجتماعية،وقرأ وحلّل بناها الاجتماعية،بناء على المحددات الموضوعيّة،الثقافية والاجتماعية،الموجوده ،في المجتمعات الأوربية .
وقالت العروبة،إنّ الفكر الذي وصل إلى نظريته من خلال قراءة مادية تاريخيّة للمجتمعات الأوربية،لايمكن سحبه وتعميمه على الأمة العربية،على الإطلاق،لأنّ في هذا التعميم ،أخطاء فادحة،وقياسات مُضلّلة.
ولاننسى ،أنّ النظرية الماركسية التي كانت خلاصة قراءة متأنية لأقطار أوربية بعينها،تحولت إلى عقيدة ورسالة من آمن بها،ووجدت فيها الحلول النهائية لمشكلات العالم،وصراعاته الاجتماعية.
وافترقت العروبة عن الماركسية واعتبرتها منافسة لها،في تعبئة الجماهير ،وتكوينها سياسياً،ورفضت الأخذ برسالتها،لأنّ للعروبة رسالتها خالدة.إنّ رفض العروبة الانقياد إلى القوى الماركسية في الوطن العربي ،أوقعها في مجابهة معها،لكنها المجابهة التي ترفض العروبة،أن تتحول إلى عداوة سياسية.وتدرك العروبة،بيقين المعرفة والتحليل الاجتماعي السليم أن ّ
الأمة العربيةً،بما لها من تاريخ،وبما اكتسبت من تجربة اجتماعية،الإسلام بطابعها،لايمكن على الإطلاق أن تنحني وتنقاد
للمجتمعات التي تبنتها تلك القوى،فطريق الأمم،إلى مستقبلها يختلف ويتباين،باختلاف التجارب التي عاشتها ومرّت بها تلك
الأمم.كما أنّ الماركسية التي تحولت إلى نظرية،من جراء تفسيرها التحديات التي واجهتها القوى الاجتماعية المنتجة،وهي تنتج القيمة الزائدة،ولايوجد ما يماثلها،ويتطابق معها في الوطن العربي، على الخصوص النزعة القومية،ومالها من عصبيات ومحرضات متباينة،ومختلفة من أمةً إلى أخرى.فإذا كانت القوميات الأوروبية،وليدة تطور خاص بها،خلال انتقالها من مرحلة تاريخية إلى أخرى ،ولها قوانينها وصراعاتها،وإذا كانت الاشتراكية التي تدعو إليها النظرية تصطدم بالقوى القومية الأوربية،فإنّ قوميتنا العربية،ليست وليدة تلك المراحل ولا حتى القوى الاجتماعية التي أنشأت تجربتها الاجتماعية،في أوربا،ولايوجد أي مستوى من التناقض بين من يؤمن بالقومية العربية،ويدعو في الوقت نفسه إلى تطبيق الاشتراكية،بل تعد العدالة الاجتماعية وتوجهاتها في القضاء على الاستغلال الاجتماعي،من إحد أهم مضامين العروبة الحديثة،لأنّ العروبة في الفكر القومي ،هي القوميّة العربية في كل حالتها البنائية.
وإذا كانت القومية الأوربية كما تراها الماركسية مرحلة،يتمّ تجاوزها،وتخطيها خلال الانتقال من مرحلة تاريخيّة ، إلى أخرى أكثر تطوراًفي الحياة الأوربية،فإنّ القومية العربية تشكل أحد أهمّ مكونات الأمةً العربية،ومعلماً رئيساً من معالم الشخصية الاجتماعية العربية.
•والاشتراكية بوصفها أحد مضامين العروبة،فإنّها تعني بالنسبة للتيار القومي العربي الخلاص من التخلف، والتناحر الاجتماعيّ
وتوطيد الأمن الاجتماعي والوحدة المجتمعية بين أبناء العروبة
•وأدركت العروبة أنّ موقفها من النظرية الماركسية،ومزاحمة ومعاكسة الأحزاب الشيوعية،على الدور الشعبي الحضاري القيادي،في مواجهة التخلف والقضاء على الاستغلال الاجتماعي لايعني بأي حالٍ من الأحوال معاداة هذه الأحزاب،أو الموقف الحيادي من صراعها مع الإمبريالية،فهذا الصراع بكل ساحاته هو المشترك،بينها وبين هذه الأحزاب.
•إذا؛العروبة الحديثة في كل حالاتها،تمثل الجمع الصحيح،بين الوطني والقومي والإسلامي مرّة،وبين القومية العربية،والعدالة
الاجتماعية،والتحرر السياسي،بكل أبعاده الوطنية،والقومية،والإسلامية مرّة ثانية،وممارسة دورها الحضاري،ورسالتها الخالدة
مّرة ثالثةً.
د-عزالدين حسن الدياب