مقالات
*استمرار القتال ليس خيارا – تأملات في المقاصد الشرعية للحرب.* *قراءة نقدية* بقلم محمد ضياء الدين
بقلم محمد ضياء الدين-السودان-

*استمرار القتال ليس خيارا – تأملات في المقاصد الشرعية لل-حرب.*
*قراءة نقدية*
*لمقال الأستاذ الكوده- لتبريرات الحرب ومحاولات شرعنتها دينيا .*
بفلم محمد ضياء الدين
يواصل الإسلاميون محاولاتهم المستمرة لتطويع الدين والآيات القرآنية لخدمة أهدافهم السياسية، حيث يسعون لتبرير ال-حروب وإضفاء الشرعية الدينية عليها من خلال استشهادات مجزأة وانتقائية. هذه المحاولات تتجاهل المقاصد الحقيقية للشريعة الإسلامية، التي تؤكد على أهمية السلام والعدل، وتعارض التوظيف السياسى للدين لإطالة أمد الصراعات وتحقيق مصالح ضيقة.
إن قول الأستاذ مبارك الكوده بأن ال-حرب واجبة لتحقيق العدالة ورفع الظلم يستند إلى تفسير قاصر ومجزوء للآيات القرآنية التي تم الاستشهاد بها، الفهم الحقيقي للآية (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض) يتطلب قراءة شاملة لنصوص الشريعة، التي تؤكد على أن دفع الفساد لا يكون بالقتال وحده بل بالسعي لتحقيق السلام والعدل من خلال الوسائل المشروعة والممكنة. الله سبحانه وتعالى لم يأمر بالقتال إلا للدفاع عن النفس وحماية المستضعفين، وليس لإثارة الفتن أو لتحقيق مكاسب سياسية.
إن استخدام الآية (كُتِبَ عليكم القتال) لتبرير استمرار ال-حرب يتجاهل المقاصد الشرعية التي تهدف إلى حفظ النفس وحماية المجتمعات من الدمار. القتال في الإسلام ليس هدفاً بحد ذاته بل وسيلة تُستخدم في أضيق الحدود وعند الضرورة القصوى.
في المقابل، يجب السعي لتحقيق المصالحة وإطفاء نار الفتنة، وهو ما يشير إليه القرآن الكريم في قوله (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله) .
أما الاستشهاد بتجارب الحقيقة والمصالحة في جنوب إفريقيا ورواندا لتبرير استمرار ال-حرب، فهو مغالطة تاريخية. تلك التجارب كانت تهدف إلى تحقيق السلم والعدالة بعد انتهاء الصراعات ال-مسلحة، وليس لتعزيزها. وفي الحالة السودانية، فإن الدعوة إلى استمرار ال-قتال تقود إلى مزيد من الفوضى والدمار دون تحقيق أي مصلحة حقيقية.
أما عن التفسير القائل بأن (ويكون الدين لله) يعني تحقيق الأمن الاجتماعي والسياسي هو تفسير مبتور، يتجاهل السياق الشامل للآية والذي يتحدث عن تحقيق الحرية الدينية والعدالة الاجتماعية. فالآية لا تدعو إلى فرض الدين بالقوة، بل تشير إلى ضرورة إقامة مجتمع يحترم حقوق الجميع، ويضمن لهم حرية العقيدة والعيش بكرامة.
وفيما يتعلق بالظلم والان-تهاكات التي وقعت على السودانيين، فإنه لا يبرر استمرار ال-حرب بل يدعو إلى ضرورة الإسراع بإيجاد حلول سلمية تضمن حقوق الجميع وتعيد الاستقرار إلى البلاد.
الاستمرار في القتال لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأوضاع وزيادة معاناة المواطنين.
كما أن الدعوة إلى ال-حرب تحت شعار (درء الفتنة) هو في حقيقته دعوة إلى استمرار الفوضى والدمار. الإسلام يدعو إلى السلام والعدل وليس إلى إشعال ال-حروب وإثارة الفتن، فبدلاً من التمسك بمواقف متشددة تؤدي إلى إطالة أمد الصراع، يجب البحث عن سبل لإنهاء القتال وتحقيق السلام وقيام سلطة مدنية ديمقراطية تضمن حقوق جميع أهل السودان .