بعد “يافا الحوثية”: “الباليستي” يضلل المنظومة متجهاً لـ”بن غوريون”.. وحرب لبنان الثالثة بتوقيت حزب الله

بعد “يافا الحوثية”: “الباليستي” يضلل المنظومة متجهاً لـ”بن غوريون”.. وحرب لبنان الثالثة بتوقيت حزب الله
عاموس هرئيل
إطلاق الصاروخ البالستي من اليمن نحو إسرائيل كان متوقعاً، حتى إنه جاء بعد تحذير مسبق أطلقه وزير الخارجية الحوثي أول أمس. ورغم ذلك، فشلت منظومات الدفاع الجوي في مهمة الاعتراض هذه المرة. وحسب بيان المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، انفجر الصاروخ في الجو، وسقطت الشظايا في منطقة مفتوحة قرب “موشاف كفار دانيال”. لم تخلف إصابات، لكن الانفجار، على بعد بضعة كيلومترات عن مطار بن غوريون، يشير إلى ثغرة في الدفاع الإسرائيلي ويشكل سبباً للقلق. وألغت شركات الطيران الأجنبية الشهر الماضي معظم الرحلات حتى الآن إلى إسرائيل، على خلفية التوتر مع إيران وحزب الله.
إذا تبين أن الحوثيين استهدفوا مطار بن غوريون بشكل ثابت، فستنشأ لدينا أزمة طيران وسياحة واسعة حتى أكثر من الأزمة الحالية، رغم جهود للجيش الإسرائيلي. قيل في بيان الحوثيين، إن الأمر يتعلق بصاروخ فرط – صوتي متقدم نجح في تضليل المنظومات الإسرائيلية. القسم الأول في البيان لا أساس له من الصحة. أما بخصوص القسم الثاني، فإن تحقيق سلاح الجو أمس بين أن الأمر يتعلق باعتراض جزئي فقط – إحدى الاعتراضات التي أطلقت أصابت الصاروخ ولكنها لم تدمره بالكامل.
إذا كان هناك فشل في الاعتراض، فهي المرة الثانية التي ينجح فيها الحوثيون في اختراق الدفاع الإسرائيلي. في تموز الماضي، أطلقوا مسيرة انفجرت في تل أبيب في مبنى قرب الشاطئ وقتلت مواطناً إسرائيلياً. أطلقت المسيّرة في حينه في مسار اتجه شمالاً فوق الأراضي المصرية، ثم فوق البحر المتوسط باتجاه شواطئ إسرائيل. وهذه المرة كانت حركة الصاروخ من اتجاه جنوب – شرق. ويبدو أن الاستهداف كان مطار بن غوريون. من المرجح أن المدى المخطط للهدف لامس الحد الأعلى لمدى الصاروخ، 2000 كيلومتر، وذلك ربما مس بفعاليته.
مدة تحليق صاروخ كهذا حوالي 15 دقيقة. تم تشخيص الصاروخ وبحق في مرحلة مبكرة، لكن عندما تعلق الأمر بهذه المسافة وفي منطقة غير معروفة، فالجيش الإسرائيلي لا يتحمل المخاطرة، لذلك تم نشر الإنذارات في مناطق واسعة نسبياً وطُلب من عدد كبير من السكان في منطقة الساحل الدخول إلى الملاجئ. الاكتشاف والإنذار عمل كما هو مطلوب، ولكن يبدو أن الاعتراض حظي بنجاح جزئي.
بعد تفجير المسيرة في تل أبيب، هاجمت إسرائيل أهدافاً للحوثيين في مينائهم الرئيسي في الحديدة. وأعلنت الحكومة الحوثية في حينه بأنها ستنتقم، واليوم يقولون في اليمن بأن الحساب ما زال مفتوحاً، والمتوقع أن يكون هناك رد شديد آخر قبل 7 أكتوبر القادم. فشل الاعتراض على التهديد من اليمن جاء على خلفية نجاح إسرائيل، بمساعدة الولايات المتحدة ودول عربية صديقة، في إحباط هجوم كبير للصواريخ والمسيرات من إيران في نيسان الماضي واعتراض هجوم مسيرات حزب الله من لبنان في الشهر الماضي.
الضغط يزداد
يندمج الإزعاج اليمني بالتوتر في الساحات الأخرى – استمرار الحرب في قطاع غزة، وتزايد تبادل اللكمات على الحدود مع لبنان. هذا يزيد الضغط على الحكومة للعمل بشدة أكبر ضد حزب الله، إلى درجة الدعوة إلى شن حرب شاملة. يتبين من تصريحات رئيس الحكومة الأخيرة أنه لا يسعى إلى صفقة تبادل ووقف لإطلاق النار مع حماس في الفترة القريبة، رغم حشود المتظاهرين ضده.
ترى الإدارة الأمريكية أن العائق الرئيسي أمام عقد الصفقة هو رئيس حماس يحيى السنوار، الذي شدد مؤخراً مواقفه في المفاوضات. ولكن نتنياهو يملك الوقت أيضاً، وقد تعمد تبديد فرص سنحت لإسرائيل خلال أشهر المفاوضات الطويلة. رئيس الحكومة لا يعنى بصفقة في الوقت الذي تؤشر ماكينة سمه على عائلات المخطوفين، التي تعمل على إعادة أعزائها. خلال ذلك، يواجه المشاركون في الاحتجاج بعنف متزايد من قبل مؤيدي نتنياهو، وبشكل مقلق أكثر بتنكيل عنيف من قبل الشرطة.
تجري في الخلفية مشاورات في القيادة السياسية والأمنية العليا حول العملية المطلوبة. يحث نتنياهو الجيش على العمل بصورة أكثر شدة وأوسع، سواء في لبنان أو في مناطق أخرى في القطاع حيث تتركز النشاطات هناك الآن على ممر نتساريم ومحور فيلادلفيا وفي قطاع عرضه كيلومتر في عمق المنطقة الفلسطينية خلف الجدار على الحدود. ولكن من غير الواضح من تصريحات رئيس الحكومة العلنية أو نقاشه مع الجيش الإسرائيلي إذا كان توجهه هو المواجهة الشاملة أم يعتقد أنه يمكن زيادة الهجمات ضد حزب الله وتحقيق نتائج دون الوصول إلى حرب.
القيادة العليا في موقف غير مريح. في الوقت الذي يتنصل فيه نتنياهو من كل مسؤولية عن الإخفاقات في مذبحة 7 أكتوبر، يتحمل مسؤولية ذلك رئيس الأركان هليفي والجنرالات، علناً. ولكن لم يطبق معظمهم تحمل المسؤولية حتى الآن. كلما اقتربت الذكرى السنوية الأولى للمذبحة يزداد الضغط عليهم للاستقالة، الذي في جزء منه يأتي بشكل سخيف من قبل نتنياهو نفسه. في هذه الأثناء وإزاء إخفاقاتها في اندلاع الحرب وانخفاض ثقة الجمهور بها، تجد هيئة الأركان صعوبة في مواصلة اتخاذ موقف مستقل في كل النقاشات.
السبت الماضي، نشر يارون أبراهام في “أخبار 12” اقتباسات من محادثة أجراها هليفي قبل يوم مع عائلات المخطوفين، تحدث فيها بشدة نسبية لصالح عقد الصفقة، وحذر من موت جميع المخطوفين إذا لم تدفع الحكومة بالمفاوضات قدماً. السؤال هو: هل يمكن أن يتحدث هليفي بهذا الشكل أيضاً داخل الكابنت؟ هل يمكنه قول ذلك لنتنياهو ووزراء الكابنت عندما يطلبون رداً صهيونياً مناسباً على إطلاق النار المستمر نحو الجليل؟ هل يعرض رئيس الأركان وضع الاستعداد والجاهزية لدى وحدات الجيش الإسرائيلي كما هو، والتوصية بأسلوب عمل مختلف؟
هناك موعدا هدف يجب أخذهما في الحسبان عند محاولة توقع اندلاع حرب. في نهاية الشهر، سيلقي نتنياهو خطاباً في اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك. إضافة إلى ذلك، سيحل الشتاء في نهاية السنة، حيث شروط الأحوال الجوية القاسية تعمل دائماً في صالح العصابات التي تدخل الصواريخ من مناطق محمية وتصعب العمل على سلاح الجو، مهما كان متطوراً وتكنولوجياً. نافذة الفرص لحرب شاملة محدودة لإسرائيل، إلا إذا أملى حزب الله موعد البدء في الحرب.
في بداية جلسة الحكومة صباح أمس، قال نتنياهو إنه “يسمع صراخ” سكان الشمال، “الوضع القائم لن يستمر”، هكذا وعد. “هذا يقتضي تغيير ميزان القوى على الحدود الشمالية. سنفعل المطلوب لإعادة سكان الشمال إلى بيوتهم بأمان. أنا ملتزم بذلك. سنفعل ذلك بفضل بطولة الجنود ومن خلال وحدتنا، كشف متماسك انبرى لعدوه”. وطوال هذا الوقت، تواصل ماكينة السم العمل بشكل محموم.
هآرتس 16/9/2024