ثقافة وفنونمقالات

عاقبة الظالمين -من تراثنا العربي- بقلم علي رهيف الربيعي

بقلم علي رهيف الربيعي

عاقبة الظالمين -من تراثنا العربي-
بقلم علي رهيف الربيعي
فلماأنقضى عهد الخلفاء الراشدين، وتسلط الاموين على الحكم، تغير الامر عما كان عليه في عهد الخلفاء الراشدين، وظلم بعضهم الناس وسلطوا عليهم عمالا من الظالمين، وأول من سلط على الناس من هؤلاء الظالمين زياد بن أبيه، فعذب الناس ودفنهم وهم أحياء وبنى عليهم الحيطان، وقطع أطراف النساء ( الحيوان للجاحظ ٥\ ٥٨٨) ، ثم سلطوا ولده عبيد الله فسار سيرة أبيه في الجور وزاد عليه ، بأن كان يرمي الناس من شاهق( ابن الأثير٤\٣٥)، ويقتل الرجل البرئ ويبعث برأسه الى أبنته الصبية، فاذا جاءت الابنة تطلب جثة أبيها لتدفنها، أمر بالابنة فقتلت وهو يمتع نفسه بمرآها وهي تقتل. وجاء من بعدهما الظالم سئ الصيت الحجاج بن يوسف الثقفي، فزاد عليهما في الظلم والبغي وقتل ما يزيد على ألف ألف انسان.
ولحق بهم في العهد العباسي، المنصور، فالمتوكل، فالقاهر، واتباع لهم نشأوا في ظل حكمهم كالبريديين الثلاثه الذي كانوا يسمرون الناس في الحيطان، ويسلون اظافرهم.
كانت عاقبة ما صنعه الاموين بالناس، ان العباسين لما انتصروا عليهم قتلوهم صغاراً وكباراً حتى النساء، قتلاً ذريعاً، في كل مكان فلم يفلت منهم الا الرضيع او من هرب الى الاماكن القاصية.
وقضى زياد مذموماً مشنوءاً وقد صيرته مهزلة الاستلحاق موضع هزء وسخرية وغدا مثلاً يضرب في الادعاء الكاذب.
أما ولده عبيد الله فقد عاش ختاراً بذمته ومات عبدا قتيل الله بالزاب. وأما الحجاج ان شؤمه عم جميع أهل بيته وأفراد عائلته، فإنه لما هلك واستخلف سليمان بن عبد الملك امر بجميع الرجال من عائلة الحجاج فاعتقلوا بواسط وعذبوا حتى ماتوا بأجمعهم تحت العذاب ( ابن الاثير٤\٥٨٨).
لما مات المنصور حفر له اكثر من مائة قبر ثم دفن في قبر آخر، غيرالقبور المائة المحفورة ذلك الأن المحيطين به يعلمون ما صنع ويعرفون مقدار نقمة الناس عليهم فعموا موضع قبره لئلا ينبش عنه ويحرق. وكانت عاقبة تصرفات المتوكل ان انتهى الى تلك النهاية التي ينتهي اليها الظالمون، ففتح بنهايته تلك على من خلفه من الخلفاء وعلى من يلوذ بهم من رجال الدولة باباً استحال سده، وكان ما اصابه فاتحة لما اصيب به الخلفاء من بعده والوزراء وسائر رجال الدولة، من قتل وسمل وتشريد وامتهان. أما القاهر فإن البريديين لما دخلوا بغداد وجدوه مسمول العينين في سوق الثلاثاء، واقفاً يطلب الصدقة فأنفذوا بمن أقامه وأجروا له في كل يوم خمسة دراهم ( تجارب الامم ٢\ ٢٥).
التاريخ كاتب بالعدل فمن احسن الى الناس لقي الحمد والثناء ومن أساء اليهم لقي الذم والهجاء مثل ما يحدث الان في العراق حينما يتفق العراقيون على ان السلطات الثلاث فاسدة وعميلة وقتلة وسارقي المال العام لا يمكن ان تنجح اي عملية اصلاح وهذا يدركه الشعب العراقي، وسوف تكون عاقبة كل ظالم من هؤلاء الظالمين أسوء العواقب ولن يبقي لهم من اثر سوى صفحات مظلمة يدونها لهم التاريخ من الخزي والعار.
 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب