ملاحقات وقتل وإغلاق مكاتب.. الإعلام بفلسطين في مرمى نيران إسرائيل

ملاحقات وقتل وإغلاق مكاتب.. الإعلام بفلسطين في مرمى نيران إسرائيل
رام الله- عوض الرجوب: منذ أن بدأت إسرائيل حربها المدمرة على قطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أصبح الصحافيون في الأراضي الفلسطينية هدفا لنيرانها وآلتها العسكرية، في ظل توجيه القيادات السياسية الإسرائيلية لاستهدافهم.
وشكل إغلاق مكتب قناة الجزيرة في مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة، الأحد، ولمدة 45 يوما، حلقة جديدة من سلسلة ملاحقة القنوات الإعلامية والصحافيين في الأراضي الفلسطينية.
ومنذ حرب غزة، وثقت نقابة الصحافيين الفلسطينيين استشهاد 165 صحافيا، إضافة إلى جرح 190 آخرين، وتدمير 87 مؤسسة إعلامية.
ووفق بيان مشترك لهيئة شؤون الأسرى الفلسطينية (حكومية) ونادي الأسير (أهلي)، الأحد، فقد بلغ عدد حالات الاعتقال بين صفوف الصحافيين 108 منذ بدء الحرب، يبقى منهم رهنّ الاعتقال 59، من بينهم 7 صحافيات، و22 صحافيا من غزة على الأقل.
فيما يقول المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن 173 صحافيا فلسطينيا استشهدوا في القطاع، فيما وثق اعتقال إسرائيل 36 صحافيا خلال الحرب، أُفرج عن 4 منهم، بينما لا يزال 32 في سجون الاحتلال.
استهداف قديم
ويعتبر استهداف وسائل الإعلام والصحافيين نهجا إسرائيليا قديما، ففي 5 مايو/ أيار أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على منصة “إكس” أن حكومته قررت بالإجماع إغلاق مكاتب الجزيرة في القدس لمدة 45 يوما مع التمديد، وتمت مداهمة مكتبها ومصادرة معداتها.
وفي 11 أغسطس/ آب قررت الحكومة الإسرائيلية إغلاق وحظر قناة “الميادين” اللبنانية ومنع طواقمها من العمل.
وقبل ذلك، أغلقت إسرائيل قنوات تلفزيونية فلسطينية وعربية غير حكومية منها قناة “الأقصى” عام 2015، وقناة “فلسطين اليوم” عام 2016 وقناة “القدس” عام 2018 وتمت مداهمة مكاتبها في الضفة ومكاتب الشركات التي تقدم خدمات لها.
تخبط إسرائيلي
وفي تفسيره لهذا الاستهداف للصحافيين، قال المحاضر في قسم “الاتصال والإعلام الرقمي” في جامعة النجاح الوطنية، فريد أبو ضهير، إن القيادة الإسرائيلية “تتخبط في قراراتها”.
وأضاف: “سلوك الإسرائيليين تجاه الإعلام، خاصة قناة الجزيرة، واغتيال الصحافيين في غزة، يتنافى مع القيم الديمقراطية ويعكس نهجا سلطويا يشبه الدول الفاشية التي تتخذ إجراءات قمعية تتجاهل القوانين والقيم الإنسانية”.
وتابع أن القيادة الإسرائيلية “تعيش في حالة من الاستعلاء والنشوة بسبب القدرات العسكرية الهائلة من جهة، والقدرات السياسية التي تمكنت من التسبب في شلل العالم تجاه ما يجري في غزة”.
شكاوى في الجنائية
بدورها، أعلنت نقابة الصحافيين الفلسطينيين أنها رصدت ووثقت انتهاكات إسرائيل، وقدمت دعاوى رسمية إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة المسؤولين عن استهداف الصحافيين، معبّرة عن استيائها من تأخر المحكمة في فتح تحقيق رسمي في هذه القضية.
وقال نقيب الصحافيين ناصر أبو بكر إن “النقابة تقدمت بشكوى للجنائية الدولية قبل مقتل مراسلة قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة في جنين خلال عملها يوم 10 مايو/ أيار 2022، كما تقدمت النقابة بشكوى أخرى بعد مقتلها”.
وأضاف: “نحن نحضر لشكوى ثالثة بكل الجرائم والمجازر بحق الصحافيين وحرب الإبادة الجماعية بحق الإعلام الفلسطيني بالتعاون مع الاتحاد الدولي للصحافيين”.
وتابع أبو بكر: “كلفنا طاقما من المحامين وقدمنا له كل الأوراق والوثائق المطلوبة لاستكمال ملف الشكوى للمحكمة، بشأن استهداف الصحافيين بشكل ممنهج وتدمير المؤسسات الإعلامية وإغلاقها”.
وطالب نقيب الصحافيين المحكمة الجنائية الدولية والنائب العام كريم خان بـ”الإسراع في الإجراءات القضائية”.
واعتبر أن عدم بدء التحقيق “يعد ضوءا أخضر للاحتلال للاستمرار في جرائمه ضد الصحافيين، بينما الإسراع في الإجراءات قد يوفر حماية وضمانا للصحافيين”.
ولفت إلى أن ما يجري “يمثل بداية حرب من قبل الاحتلال ضد مبادئ حرية الصحافة وحقوق الإنسان، لذا يجب على المحكمة المفوضة بحماية هذه الحقوق أن تبدأ إجراءاتها القضائية والقانونية وفق تفويض الأمم المتحدة”.
ورجح أبو بكر وجود “ضغوط كبيرة تقودها دولة الاحتلال والولايات المتحدة تمارس ضد النائب العام لعدم فتح إجراءات التحقيق”.
وأعلنت منظمة “مراسلون بلا حدود” في 24 مايو/ أيار أنها تقدمت بشكوى هي الثالثة من نوعها للمحكمة الجنائية الدولية بشأن جرائم الحرب المرتكبة ضد الصحافيين الفلسطينيين في غزة، منذ 7 أكتوبر.
وبدعم أمريكي تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر، حربا مدمرة على غزة خلفت أكثر من 137 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل تل أبيب هذه الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي في غزة.
(الأناضول)