تأبينُ حُبْ
رسول عدنان
مثلُ نجمةٍ تهرقُ وجعَها و تنطفئُ بعيداً، تنبتُ أزهارُ الدفلى على يدي
التي تُعتق الأضاحي على أعتابِ أسمكِ، يا قاموسي الذي أطلقَ الكلماتِ و ألقى لغتَه في بئر جحودكِ الذي تبرّأ منكِ، لا حدسٌ يجيءُ و لا منفى يضمُ أسايَ, يا بلبلي الذي يغرّدُ بعيدا
عن الشجرةِ ويأنسُ بظلّها، يا خزفي المتناثرُ في الطرقاتِ
التي تقودني اليك بلا سبب، و تتركني هناك بلا سبب،
كيف لي أنْ أسألَ اوراقَ الأشجارِ المتساقطةِ عنكِ؟ و لا طريقٌ يقودنُي الى صوامعكِ البعيدة, كيفِ لي أنْ أسألَ الينابيعَ عن عذابكِ؟ و هو شوكي المزروعُ في الطرقاتِ التي تأخذنُي الى حيرتي بكِ، و أنتِ واقفةُ في بابِ قبري تنظرين أليّ،
بيدكِ مزاميرُ النساءِ كلِها، و نبيذُ شقائي الذي توزعينه على المآرة،
رأيتُ حبّي يقطرُ دماً على أعتابِ توريتكِ، و أنتِ تمرّغينه بالجحود و تلقينَ دماءه للعشب،
حتى بكتْ عليه أشجارُ الخريفِ الموحشة،
لم تعدْ الغزالاتُ تشتهي العشبَ، فناحتْ على قطراتِ دمّي التي تسيلُ على أعتابِ قلبِك،
ها هيَ نجمتي تُهرقُ وجعَها و تنطفئُ بعيدا، و لا أملٌ هناكَ غيرَ اللفائفِ التي تقودنُي اليكِ، أنا و عيناكِ و المنفى و اسرابُ الطيور التي تلاحقُني كلمّا احلمُ بكِ،
حيثُ يتيهُ القمرُ بعيدا في فساتينِك التي صارتْ كفناً لحيرتي ، كيف حوّلتِ مهمازي الى مشنقة؟ و قصائدي الى مقبرة لحبِّك؟ وأنا ألوّح بيدي أليك، يدي التي أدمنت رسم أسمك على الهواء, و أحتراف مسح الدموع دون مناديل،
دعِ الكمثرى تنضج وحدهها دون قطف، فلم تعد للينابيع حكاية غيرك، و لم أعد أستهوي الجلوس على حافة النهر الذي يحتفي بوجهك،
دعينا نشيّع حبَّنا سويا بلا خجل, و نترك العصافيرَ تحمل نعشَه الى أعشاشها،
فقد أندلقَ طعم القبلاتِ التي أستلّها جحودك من بين أسناني و نثرها في العراء،
لم يعدْ بيننا غيرُ الطريق الذي لا ينصاعُ ليْ، غيرُ الذكرياتِ التي جفّ حبرُها و تلاشتْ
على الحائطِ الذي كنّا نتكّئُ عليه،
غيرُ الغيومِ التي تحملُ دموعَنا بعيدا و تنثرها فوقَ التلالِ التي كنّا نحلمُ بالجلوس عليها،
هذه وصيتي و بقايا طحالب حبِّك عالقةٌ على جدرانِ قلبي,
لم يعدْ بيننا غيرُنا، غيرُ أسمائنا التي أندلقتْ في بئر لؤمكِ، و أنت تنظرين اليه، و تضحكين بلا خجل.
شاعر و ناقد عراقي