الصحافه

من نيويورك.. الزوجان نتنياهو: لماذا رفضوا تأجيل الكلمة يوماً واحداً لأطمئن على “جبهة ميامي”؟

من نيويورك.. الزوجان نتنياهو: لماذا رفضوا تأجيل الكلمة يوماً واحداً لأطمئن على “جبهة ميامي”؟

قبل خمس سنوات، في 27 أيلول 2019، أرسل “إسرائيل كاتس” لإلقاء خطاب بدلاً من نتنياهو في الجمعية العمومية للأمم المتحدة. “أنا إسرائيل كاتس، ابن عائلة ناجية من الكارثة، ابن مئير وملكا كاتس المرحومين، أتفاخر اليوم بوقوفي هنا على منصة الأمم المتحدة بصفتي وزير خارجية دولة إسرائيل. هذه لحظة مؤثرة جداً”.
حصل كاتس على هذه اللحظة المؤثرة لأنه قبل عشرة أيام من ذلك، كانت هناك جولة انتخابات في إسرائيل، تبين بعدها أنه لا يمكن لنتنياهو أن يشكل الائتلاف. إنقاذ الحكم يلغي حتى السفر إلى الأمم المتحدة. لذلك، اكتفت إسرائيل بكاتس، الذي سيقول في القاعة الفارغة بأن “إيران دولة إرهاب كبرى في العالم، ومؤيدة للإرهاب في العالم… يجب على الأمم المتحدة إدراج حزب الله وحرس الثورة الإيراني في منظمات إرهابية”.
لكن الحرب المشتعلة في الشمال والجنوب ليست سبباً كافياً للتنازل عن منهاتن. لذلك، سافر رئيس الحكومة صباحاً بطائرة “جناح صهيون” إلى نيويورك لإلقاء خطاب في الجمعية العمومية للأمم المتحدة حول إيران والمنظمات الإرهابية. في الفترة الأخيرة، بذل مكتب رئيس الحكومة الكثير من الجهود الدبلوماسية لتأجيل الخطاب إلى يوم الجمعة بدلاً من الموعد الأصلي، اليوم. هكذا فإنه هو وزوجته سيضطران لعدم خرق حرمة السبت وسيقضمان الأظافر في فندق “لويس ريجنسي” الفاخر. الابن يئير، الموجود في جبهة ميامي، ينتظرهما هناك مع عشرات رجال الحراسة من “الشاباك”.
الانفصال والاستخفاف والوقاحة، التي تتمثل في مغادرة إسرائيل التي تتعرض للقصف، ثم تحارب لإلقاء خطاب في الأمم المتحدة (زيلنسكي في ظروف مشابهة استخدم “الزوم”)، كل ذلك استعارة نموذجية لحكم نتنياهو. المشكلة أن التعاطي مع هذه القضية سيخدمه أيضاً. نحن نكتب ونثور ضد ذلك، وجوقة الأبواق تشرح بأن السفر حيوي، وتسمّينا حامضين. هكذا ستأتي خدعة أخرى تصمد لبضعة أيام وتحرف الانتباه عن الجوهر.
بعد ذلك، ستسير القضية في الطريق التي سارت فيها كل الخدع: تعيين جدعون ساعر في منصب وزير الدفاع، محور فيلادلفيا، ممر نيتساريم، تعزية الحنان دنينو، مراسم الذكرى الحكومية ومراسم الذكرى الشعبية – الوطنية، إلقاء حفنة من الرمال في وجه بن غفير، “التحريض المتزايد على نتنياهو”، انسحاب غانتس وآيزنكوت من الائتلاف. كم هي الطاقة والنقاشات والتحليلات والأقوال عن كل ذلك.
هذا هو شرك نتنياهو، الإنجاز الأكبر والوحيد الذي يمكن الاختلاف حوله: قبضة حديدية على الخطاب وأجندة الأخبار. ولإزالة الشك، ثمة جوهر أيضاً: مذبحة 7 تشرين الأول، وحرب 8 تشرين الأول، الرد على إطلاق النار في الشمال بعد مرور سنة هو أيضاً جوهر، وعودة المخطوفين والتخلي عنهم والتضحية بهم هو الجوهر (الذي سيصبح بعد لحظة خدعة، باعتباره “مع” أو “ضد” إعادة المخطوفين).

لكن نتنياهو مهدد من الجوهر، ووضعه في مجال الجوهر غير جيد. إسرائيل في وضع أمني، سياسي، اقتصادي – اجتماعي، فظيع ومخيف. يبدو أنه الأسوأ في تاريخها، ولا أفق أو أمان أو مستقبل لها. وهذا بحد ذاته لا يخيف نتنياهو؛ فالدولة لا تهمه، ولا يهمه سوى الحكم والهرب من أفعاله. ولكنه يخاف مما يعتبر “رعب الفراغ”، اللحظة التي يغيب فيها الحديث عن محور فيلادلفيا أو ساعر، بل عنه وعن الوضع وعن القصة الكبيرة.
في العقد الأخير، يجري في السياق الأمني نقاش واسع حول المعركة بين حربين، ها هي المعركة بين حربين لنتنياهو: التجول اللانهائي في قطار الجبال الذي يتعرج بين قمة الخدعة المناوبة وهاوية الضياع والانكسار. على الرزنامة تاريخان يزعجان المعركة بين الحربين، شهادته في كانون الأول 2024 والانتخابات في تشرين الثاني 2026. سيبذل كل ما في استطاعته لتأجيلهما. خلافاً لسفره إلى نيويورك، فإنه من غير المحتمل أن ينشغل بمحاكمة صغيرة وسياسة صغيرة أثناء الحرب.
أوري مسغاف
هآرتس 26/9/2024

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب