مقالات

خواطر مناضل قومي -رحلة إلى مصر إثر العدوان الثلاثي- بقلم أ.د-عزالدين حسن الدياب-استاذ جامعي -سوريا –

بقلم أ.د-عزالدين حسن الدياب-استاذ جامعي -سوريا -

خواطر مناضل قومي -رحلة إلى مصر إثر العدوان الثلاثي-
بقلم أ.د-عزالدين حسن الدياب-استاذ جامعي -سوريا –
إثر وقف العدوان الثلاثي على مصر،قام اتحاد الطلبة في سوريا بتنظيم رحلة إلى مصر،للتضامن مع الشعب العربي المصري ضد العدوان الثلاثي الهمجي،الذي شكل مرحلة من مراحل العدوانية الغربية،على الأمة العربية،بقيادة وتوجيه من الصهيونية العالمية ولمشاهدة الدمار الذي أوقعه هذا العدوان في أنحاء عدة من مصر،وخاصة بورسعيد والاسماعيلية،وكل مدن وقرى القنال.وللمشاركة الطلابية السورية في انتصار مصر على العدوان.
وأعلن عن الرحلة في كافة مدارس سوريا وجامعة دمشق،وكان نظام الفتوة قد طبق في سوريا نتيجة الحشود التركية عل الحدود السورية،ونية العدوان على سوريا، بسبب مواقفها الوطنية والقومية المساندة للحراك الشعبي،والنهوض القومي الذي حمل راية الدفاع عن حق الشعب العربي في وحدته وتحرره وتقدمه.
وشاركت في الرحلة مع صحبي ورفاقي،وفي شتاء 1957 انطلقنا إلى اللاذقية،لنركب من هناك الباخرةالمصرية”بورسعيد”على ماأذكر،والتقينا على ظهر الباخرة مجموعة كبيرة من الطلبة والطالبات،وكنا آنذاك نرتدي لباس الفتوة،وهو لباس عسكري بامتياز من حيث القماش واللون والبوط العسكري.
كان الجو ممطراً وبارداً،ومع ذلك صعدنا إلى ظهر الباخرة،وكنا نغني الأغاني المصرية التي يذيعها صوت العرب ،وعلى رأسها وفي مقدمتها،أغنية:”الله واكبر”،ووصلنا بعد36ساعة إلى الاسكندرية،وكان في استقبالنا محافظها،ومن المرفأ توجهنا إلى محطة القطار لتقلنا إلى القاهرة.
وركبنا القطار ونحن في حالة إعياء،والكثرة منا يعاني من دوار البحر،ومع ذلك كنا في حالة من الكبرياء،نغني لمصر ،وأخوتنا من أبناء مصر يرحبون بنا،ويهتفون تحية لسوريا وشعبها،وحال تحرك القطار رحنا في نوم عميق،ولم نصح من النوم إلا عل صوت مرافقنا المصري من الاسكندرية:إصح يانايم.
وصلنا القاهرة،ونهضنا نهضة رجال جاؤوا إلى مصر بقوة إيمانهم بدور مصر القومي،وما يمثله الرئيس عبد الناصر من أمل للأمة العربية،في أعقاب قيادته مصر ضد العدوان الثلاثي،الممثل ببريطانيا وفرنسا والكيان الصهيوني،والانتصار على هذا العدوان.
ونزلنا من القطار وكان في استقبالنا أحد أبطال ثورة مصر، وزير التربية،آنذاك ،كمال الدين حسين،وسارت بنا المراكب برفقته وتوجهنا ،إلى المدينة الجامعية في جامعة عين شمس،على ما أذكر ،وتناولنا العشاء في مطعم المدينة برفقته.
وفي أعقاب العشاء نقل بعضنا إلى المدينة الجامعية في جامعة القاهرة،وكان نصيبي مع بعض رفاقي النوم في هذه المدينة،وكانت غرفتي تطل على قبة جامعة القاهرة.
ماذا أحكي لكم عن فرح الشعب المصري بوجودنا وحضورنا إلى مصر نناصرها بانتصارها ،وكرم وطيبة هذا الشعب العربي الأصيل،وترحيبه بنا أنّا مشينا وسرنا وتواجدنا.
وفي صباح اليوم الثاني خرجنا إلى مطعم المدينة،وكنّا نغني:هي هي يابعث العروبة الله يديمك فيك توحيد البلاد العربية،وفجأة وجدنا كمال الدين حسين في المطعم،فاقتربنا منه وحييناه ،وتابعنا أغنيتنا :هي هي يابعث العروبة الله يديمك فيك توحيد البلاد العربية،وجلسنا على الطاولات نتناول فطورنا،ولأول مرة أكل الفول المصري،الذي عشقته وأحببته من تلك الأيام ،وألقى بنا كلمة ترحيب وتحية للشعب السوري الذي وقف بقوة مع مصر.،وأخبرنا بأنّنا سنتوجه إلى مدن القنال،وبخاصة بورسعيد.
صعدنا الناقلات وتوجهنا إلى بورسعيد،وحال وصولنا إلى بور سعيد شاهدنا الدمار والخراب من جراء العدوان الثلاثي،الذي هو في حقيقته،أحد عناوين العدوانية الغربية،الكارهة والمعادية للأمة العربية،في مشروعها الوحدوي التحرري الذي يريد أن يؤسس لهذه الأمة دورها الحضاري الرسالي المنقاد برسالتها الخالدة.
واصطحبنا المرافق إلى فندق على البحر في بورسعيد،وكان الجزء الأكبر منه مهدما،وهو الفندق الذي بناه الانكليز أيام استعمارهم مصر،جلست مع رفاقي، ونحن نناقش همجية الحضارة الأوربيةالتي بنيت عل حساب ملايين الشهداء من كافة أنحاء العالم،وأقسم لكم أننا صرنا نبكي عندما أخذ يشرح لنا أحد الضباط،من قاتل في بورسعيد،وفقد بها ساقه.
ما أعظم هذا التلاقي بين أبناء الأمة العربية،وما أعظم مصر في صدها العدوان الثلاثي،وانتصارها يوم حافظت على تأميم قناة السويس،وعدنا في ليل ذلك اليوم،إلى القاهرة،ودخلنا المدينة الجامعية ،لننام،من أجل أن نتوجه في اليوم الثاني إلى حلوان،لمشاهدة معالمها،والحديقة اليابانية.
لاتزال هذه الرحلة ومشاهدها وذكرياتها،وخاصة ملاقاة أهلنا في مصر،وقوة حضور وازع الوحدة العربية في فكرنا ووجداننا،الذي كان يؤكده ملاقاة أبناء مصر لنا وقوة المحبة،التي لاقونا بها..نعم لاتزال تعيش في ذاكرتي مغنية حلاوة تلك الأيام.
لماذا أكتب اليوم عن هذه الرحلة الساكنة في ذكرياتي ووجداني،هي استجابة لمشهد عن وحشية الجيش الاوكراني في بغداد،وما مارسوه من قتل وتدمير،واعتداء على الأطفال والنساء،وما دمره العدوان الأطلسي في مدن العراق،وخاصة بغداد الرشيد،المشهد الذي شاهدته في الفيس،وأنا أتابع مايجري في اوكرانيا والله لاشماتة.
تحية لأمتنا االعربية،التي تتعرض للعدوانية الغربية،بقيادة الإمبريالية الأمريكية/الصهيونية،هذا العدوان الذي لو تعرضت له أمة غير الأمة العربية،لانتهت من الوجود،والأمة العربية باقية رغم هذا العدوان الذي طال زمنه،
ومن على ضفاف وسفوح جبال ومدن الأندلس بدأت الهجمة الاوربية الغربية، مارة بالاستعمار الأوروبيً:الفرنسي الانكليزي الايطالي،واجهاض ثورة الحسين ،وبتقسيم هذه الأمة ،ووعد بلفور وقيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين العربية.
حييت يا مصر العروبة من أبناء أمتك العربية،وستظل دمشق تقول دائما من ارضها وشوارعها ومبانيها:هنا القاهرة
د-عزالدين حسن الدياب ا-10 -2016ً

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب