مقالات

الحرب “الإيرانية الإسرائيلية”.. رؤية استراتيجية بقلم: د. أحمد بابكر

بقلم: د. أحمد بابكر -الهدف السودانية -

الحرب “الإيرانية الإسرائيلية”.. رؤية استراتيجية
بقلم: د. أحمد بابكر -الهدف السودانية –
#آراء_حرة
ـ حرب “إيران وإسرائيل” حلقة متقدمة في عملية تخلق العالم الجديد.
منذ فترة ليست بالقليلة وفي العام “2015م” كتبت مقالًا حول أن العالم يمر بمرحلة انتقالية وكان ذلك عندما بدأت روسيا في استعادة بعض من مواقعها الجيو سياسية التي فقدتها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وانفراد الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة العالم والتحكم فيه.
بالتأكيد كان انفراد أمريكا أو وجود قطب واحد حدثًا استثنائيًا وغير طبيعي فالتاريخ دائمًا يشهد وجود قطبين أو عدة أقطاب وكان هذا في صالح البشرية لأنه يتيح هامش مناورة يعمل على عدم سحق الكيانات الصغيرة أو غير القوية، وبلغة أخرى فهو جزء من طبيعة الأشياء التي لكي تتحرك وتتقدم وتنتقل تحتاج لقطبين على أقل تقدير..
الملاحظ أن منذ بداية الفترة الانتقالية أصبح العالم مسرحًا لصراعات داخلية وإقليمية ودولية حيث سادت في العالم اهتزازات قاسية وعنيفة وغير مسيطر عليها وهذه إحدى مظاهر وتجليات الفترات الانتقالية..
ـ الحدث الأكبر في عملية الانتقال كان الحرب الروسية الأوكرانية التي ما زالت مشتعلة، فهذه الحرب كشفت الضعف الأوروبي واعتماده الكامل على أمريكا وهذا الانكشاف سيكون له تأثير على مستوى رؤية المواطن ومراكز البحوث والمفكرين تجاه الثوابت الفكرية والسياسية السابقة، مع توقع بروز رؤى وقوى جديدة باندفاع وقوة لتتسيّد المشهد السياسي والفكري و الاجتماعي والاقتصادي..
ـ ثم كانت عملية طوفان الأقصى وما تبعه من عدوان “إسرائيلي” على غزة والذي كشف الطبيعة المتوحشة واللاإنسانية للكيان المغتصب وكذلك عمل على كشف كل الأنظمة الغربية ومدى افتراقها عن ما تدعيه من مبادئ وحقوق الإنسان حيث تم نحر هذه المبادئ من الوريد إلى الوريد في مشهد سينمائي متلفز ومصور وصل لكل العالم، وكانت نتيجته أن ضرب الدعاية “الإسرائيلية” والغربية بخصوص إرهاب الفلسطينيين في مقتل، لتنشأ على أثر ذلك حملات شعبية وتيارات مناهضة لـ”إسرائيل” داخل الحاضنة الشعبية التي كانت توفر في السابق الدعم المطلق لـ”إسرائيل”، ومع انعدام أيّ هامش للتضليل، لأن كل شيء كان على المباشر ويأتيك في بيتك وفي تلفونك دون أدنى عناء للبحث والتمحيص..
ورغم الخسائر البشرية الضخمة بين الفلسطينيين ولكنها وضعت القضية الفلسطينية في مدار جديد، مما استلزم تحركًا سريعًا لمحاولة حسم الأمور لصالح الكيان ومن خلفه القوى الإمبريالية.
ـ التحركات الأميركية اتخذت استراتيجية ذات أبعاد مختلفة.
1/ إخضاع كل جيران الكيان لاستراتيجية التفوق النوعي “الإسرائيلي” فتم تغيير النظام في سوريا وتهديد الآخرين بأن مصيرهم سيكون ذات مصير النظام السوري رغم الخدمات الجليلة التي قدمها نظام الأسد لـ”إسرائيل” ولكنه فقد مبررات وجوده، فكان يجب التخلص منه ليكون في ذات الوقت عبرة لغيره، وتم تخليق نظام جديد في سوريا نستطيع أن نقول إنه صناعة أمريكية كاملة الدسم برعاية تركية..
2/ ضرب وتفجير كل الكيانات الكبيرة عبر عملية التفتيت الذاتي، السودان.. العراق..
3/ خلق تهديد مستمر للبعض باستخدام بعض الدول مثل إيران لتكون هي العدو الأول بدلًا عن “إسرائيل”..
4/ التدخل المباشر لضرب البرامج التسليحية الاستراتيجية لضمان رسم خارطة جديدة للمنطقة بما عرف بمشروع الشرق الأوسط الجديد..
وتأتي الحرب مع إيران ضمن هذا الإطار وهو رسم خارطة جديدة للمنطقة تكون اليد العليا فيها لـ”إسرائيل” ويتم توزيع الأدوار على بقية دول المنطقة لخدمة الإمبريالية الجديدة خاصة في صراعها مع روسيا والصين حول الهيمنة والنفوذ والسيطرة على الموارد وعلى الممرات الاستراتيجية للتحكم في طرق التجارة الدولية..
إشكالية الحرب مع إيران في أن الطامحين لقيادة العالم كُثر ولم تعد أمريكا هي القطب الأوحد المسيطر، ولذلك أتوقع أن تستغل روسيا والصين هذه الحرب في استنزاف أمريكا عبر التسليح المباشر وكذلك توفير المعلومات اللوجستية والاستخباراتية لإيران ليس حباً فيها، ولكن لاستدراج أمريكا وأوروبا في حرب استنزاف طويلة ستوثر بالتأكيد على كل العالم ولكن دول الخليج ستكون المتأثر الأكبر والمباشر وكذلك الدول المشاطئة للبحر الأحمر ذلك الممر الحيوي..
الآن هناك سيناريوهان لهذه الحرب:
1/ أن يتم تدخل دُوَليّ وإقليمي لاحتوائها لأن تصور أن تنتهي بضربة خاطفة غير وارد..
2/ أن تتمدد هذه الحرب وتتوسع وتستمر، وهو السيناريو الأقرب للتحقق وعندها سنجد كل دول العالم ستبدأ في الاصطفاف وبالتالي المشاركة في هذه الحرب..
ـ الكارثة أن دول المنطقة لا تملك أيّ إمكانية أو إرادة لإيقاف هذه الحرب لأن استمرارها ليس في مصلحة دول المنطقة..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب