في ذكرى طوفان الأقصى العظيم.
بقلم الدكتور غالب الفريجات
في مثل هذا اليوم الاغر، ذكرى البطولة وأهلها من حاضنة ومقاومة تستدعي منا ان نقف أمامها بالاحترام والتقدير وأكبر من ذلك، لأنها صنعت حدثأ بطولياً غير مسبوق في تاريخ الصراع العربي الصهيوني، ومجريات أحداث اغتصاب فلسطين من قبل الكيان الصهيوني الغاصب الذي لوى عنق الحقائق التاريخية والأخلاقية والانسانية، ليحقق أهدافه العدوانية التي ما كان لها مثيل في الحياة البشرية، بادعاء حق مزعوم لارض تجذروا فيها اهلها منذ آلاف السنين، وتمكنوا من حشد كل قوى والبغي والعدوان على وجه الكرة الأرضية، لتنفيذ هذا الادعاء الشيطاني تمكنوا من خلاله تهجير اهل الأرض من وطنهم، وحرمانهم من حقوقهم المشروعة فيه بدعم وَمساندة اسيادهم في العالم الغربي الامبريالي، الذي يظن واهماً انه وإن حمل عصاه ورحل من المنطقة أن بمقدوره ان يعود سواء عن طريق هذا الوكيل المجرم، او من خلال دمى صنعها ومكن لها من أن تكون صاحبة القرار.
طوفان الأقصى حدث غير مسبوق لاعتبارات كثيرة اتسم بها الصراع على ارض فلسطين منذ بداية القرن الماضي، صدور الوعد المشؤوم الذي لا مثيل له، الحركة الصهيونية استطاعت ان تحشد قواها في مواجهة نظام عربي رسمي ضعيف حد الخزي مفكك لا حياة فيه، قياداته مأزومة بالجبن والذل والعار والخيانة فكانت النتيجة قيام الكيان الصهيوني وتمكين الصهاينة من أن يكون لهم موطئ قدم على الأرض، وتمكن هذا الكيان بفعل سياساته العدوانية ان يبني له استراتيجية عدوانية تخيف كل المحيط العربي الرسمي، وكأن أولى أهدافه على الدوام ان ينقل الصراع خارج حدود فلسطين، وانه صاحب الكلمة الأولى في الحروب التي غفل النظام العربي الرسمي عن الاعداد لها بسبب فشله في تحقيق التنمية والامن الوطني.
من هنا جاءت طوفان الأقصى، حرمت هذا الكيان من عنصر المفاجأة وكان هذا الكيان غافلا عما يجري في داخل المقاومة من تسليح وتدريب وايمان وارادة، وتمكنت المقاومة من حرمانه مما كان يؤمن به بنقل الصراع خارج حدود فلسطين، فالمقاومة قد وعت مقتله، ليكن الصراع على فلسطين، وأن لا تعطيه فرصة الضربة الأولى إلى جانب ذلك تمكنت المقاومة بذكاء وشجاعة ان تعد حاضنتها على أكمل وجه، فالبيئة كانت بيئة وعي بالحق والإصرار عليه وتحمل تبعاته، اياً كانت الخسائر، وهي تشكل نصف انتصار في المواجهة، وقد حققت انتصاراً عظيما لم يكن مسبوقاً في الصراع العربي الصهيوني.
إن طوفان الأقصى قد كشفت عري هذا الكيان الغاصب، فسرعان ما هبت الأساطيل الغربية لنجدته، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية التي تعهدت بدعمه بكل الوسائل والطرق السياسية والدبلوماسية والعسكرية، وفتحت أمامه كل مخازن السلاح والخيرة، وباعلى فعاليتها وحداثة إنتاجها، لتساعده على تلافي هزيمته التي اذاقته اياها المقاومة الفلسطينية البطلة، وتحديداً في قطاع غزة العز والبطولة، ووجد هذا الكيان مقاومة شرسة اذهلت الجميع وحاضنة شعبية يُشهد لها انها غير مسبوقة، ومع مرور عام من العدوان الصهيوني والمقاومة منفردة بمقاومتها، حتى مع ما يسمى محور المقاومة يسجل للمقاتل الفلسطيني وحده انه هو بطل المقاومة في مواجهة ترسانة عسكرية عالمية أمريكية أوروبية، وقد كانت عمليات المقاومة مثار إعجاب الجماهير العربية على عكس مواقف أطراف النظام العربي الرسمي الذي مازال البعض منه متفرجاً، وأن يشاع عن ان هناك أطراف عربية تتخندق في خندق العدو، ويقيني انها ليست بعربية، فالدم العربي الذي يراق على ارض فلسطين هو ذاته الدم العربي على كل ارض عربية.
إن فلسطين عربية الوجه واليد واللسان، وأن الصراع عليها صراع وجود فحري بكل العرب ان يشاركوا في دعم المقاومة لوقف تقدم الكيان وتنميته، وليكون بلا أمن وأمان، وأن يشعر مرتزقته ببطلان كل مقولات الصهيونية الكاذبة، ففلسطين لها أهلها وابناؤها، وهم متجذرون بها رغم كل ما يواجهون من السياسات الصهيونية ومرتزقة الكيان الغاصب، فهاهم ابناء الضفة يسجلون بطولات نوعية في مواجهة الاحتلال لدعم أهلهم في غزة، نحن على يقين ان فلسطين ستعود عربية من النهر الي البحر طال الزمان او قصر، وأن هذه الأمة التي تغفو بسبب فشل حكامها، وضعف ارادتهم في المواجهة، إن الطوفان العربي آت ليقتلع الصهاينة من الوجود، فقد مر علي فلسطين موجات استعمارية، وكانت النتيجة لها جميعاً انها هربت، ومن بقي منهم ذاب في بطن الأمة ولم يعد له ووجود.
عاشت فلسطين حرة عربية من النهر الى البحر والنصر للمقاومة، ورحم الله شهداءها، وأعان الله أبناءها وسدد خطاهم، وانها لثورة حتى النصر والتحرير.