محاولة العبث في الديموغرافيا في الشرق الاوسط قد يسارع في تشكيل منظومة عالمية جديدة لمواجهة التهديدات والاطماع الاسرائيلية بقلم مروان سلطان- فلسطين
بقلم مروان سلطان- فلسطين

محاولة العبث في الديموغرافيا في الشرق الاوسط قد يسارع في تشكيل منظومة عالمية جديدة لمواجهة التهديدات والاطماع الاسرائيلية
بقلم مروان سلطان- فلسطين
28.10.2024
————————————
لا يختلف اثنان ان النظام الدولي ما قبل انهيار الاتحاد السوفياتي كان يشكل مظلة حماية للدول المحايدة ، تحميه من سطوة النظام الاحادي القطب الذي هيمن وسيطر على العالم بعد ذلك. كان الفرد البسيط في تلك الدول وهو الذي من المفترض ان لا يرى او يسمع او يشعر بالكوابيس والنواميس لتلك القوى على الارض ، هو اليوم يتحدث عن تلك الفترة الزمنية انذاك فقد شكلت نوعا من الحماية ابعدت عنه شبح الهيمنة الدولية ، وعلى عكس ما استجد من تغيرات جيوسياسية بعد الانهيار فقد شكل ذلك عبئا على كاهل المجتمعات اكتوت بنارها في هذه الدول والتي لا تجد لديها الرغبة في الولوج الى هيمنة القوى الكبرى.
مما لا شك فيه ان النظام العالمي احادي القطب ، احدث تغيرات جيوسياسية من خلال الحروب التي اشتعلت في الساحات الدولية وخاصة في الشرق الاوسط ، كان لها انعكاسات كبيرة على الخارطة السياسية في الاقليم والعالم. التدخلات العسكرية من خارج القوى الاقليمية والتدخلات المختلفة سببت الكثير من التغيير على ارض الواقع وكان لها اثرها بعيد المدى ، ولربما لم تلاقي استحسان اي من التكتلات البشرية والانسانية التي عانت الامرين من تلك التغيرات ، ولعل ان تلك القوى التي جلست على عرش منظومة القطب الواحد في لحظة ما احست بالندم على هذا التغيير في المواقع التي اثروا فيها بالتغيير ، ولكن كان ذلك بعد ان فات الاوان ولا سبيل للعودة الى الوراء، ومع ذلك فان الحرب التي تشن على غزة اليوم وضحايا جلهم من المدنيين النساء والاطفال وتدمير شبه كامل للمنشات والمرافق المدنية من المدارس والمستشفيات والجامعات كل ذلك ويندى له جبين العالم في ظل سكوت هذا النظام العالمي الظالم، بل ومشاركته في العدوان. وبالرغم من الالام التي حدثت في كثير من المواقع الشرق اوسطية في العراق وافغانستان وسوريا وليبيا والسودان الا ان المقتلة التي تشن في غزة اليوم ولبنان ضد المدنيين سوف تترك اثارا طويلة الامد في منطقة الشرط الاوسط ولربما تكون السبب في احداث التغيير الى نظام دولي جديد يجد فيها الاطراف اكثر امنا وحماية من الوضع الحالي.
الشرق الاوسط وفي ظل الدعم الكبير اللامتناهي وغير المحدود من الولايات المتحدة 🇺🇸 ، لدولة الإحتلال وهي تشن عدوانها على المدنيين في غزة ولبنان ، تتحدث اليوم بكل صراحة عن تغيير في وجه الشرق الاوسط من خلال حكومتها ورئيس وزرائها ، وامام مرحلة جديدة لظهور شرق اوسط جديد على الخارطة الدولية، من المحتمل ان نشهد فيها التوسع لدولة الكيان على حساب الارض الفلسطينية، ويبدو ان فوز ترامب اذا ما تم سيساهم ويسبب في نهاية المشروع الوطني الفلسطيني وحلمه باقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران.
هذا يعني بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ان النظام العالمي احادي القطب لم ولن يوفر الامن على الكرة الارضية فقط ، بل اسهم في تعزيز ما اطلق عليه الفوضى الخلاقة التي سادت المجتمعات في الشرق الاوسط مع اندلاع ما يسمى بالربيع العربي وحتى يومنا هذا ، اذ ان دول المنطقة ما زالت تعاني الامرين منذ احداث ايلول 2021، فيما يسمى عملية 11 سبتمر التي قامت بها داعش على برجي التجارة العالمي في نيويورك.
يبدو ان الخارطة السياسية اشهد تنافسا كبيرا في المنطقة من الممكن ان تحدث تغيرا ، يسبب في تغيير لملامح التكتلات الحالية ، وتشهد اطلاق المشاريع الدولية الضخمة من خطوط النقل والمواصلات ، ونقل البضائع عبر هذه المقترحات من المشاريع الى الغرب عبر الشرق الاوسط الجديد الذي يحقن بالتنافس الدولي ، التي تقودها الصين والولايات المتحدة الامريكية ونشوء معسكرات جديدة تدعم ايا من تلك التوجهات وبالتالي نشهد تكتلات تتسواق مع ذلك التغيير، تتم فيه تحديد ملامح جديدة للنظام الدولي الجديد.
وفي هذا السياق كتب وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن مقالاً في مجلة فورين أفيرز يتحدّث فيه بصراحة عن “المنافسة الشرسة التي تدور الآن لتحديد ملامح عصر جديد في الشؤون الدولية، ويحدد بلينكن أربعة دول تعديلية تهدف إلى تحدي الولايات المتحدة والنظام الدولي، الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية. بهدف العمل على تآكل أسس الولايات المتحدة، التي حددها بلينكن في تفوقها العسكري والتكنولوجي، وعملتها المهيمنة، وشبكتها التي لا مثيل لها من التحالفات والشراكات، مع التركيز على الصين باعتبارها “الدولة الوحيدة التي لديها النية والوسائل لإعادة تشكيل النظام الدولي”. نستطيع ان نفهم مما كتبه السيد بلينكن في هذا السياق ان منطقة الشرق الاوسط مهيئة للانطلاق نحو عصر جديد متعدد الاقطاب.
ظهور مجموعة البريكس اليوم بقيادة روسيا والصين وهي تتصدر المشهد الدولي يعتبر احد المتغيرات الجديدة التي قد تحدث انطلاقة في وضع طال انتظاره قد تحدث تغيرات سياسية مدعومة من ” الصامتين” دولا وافراد وخاصة اذا ما ارتكبت حماقات في المشهد السياسي الشرق الاوسطي ، تكون الشعرة التي قسمت ظهر البعير في تغير التخالفات الدولية، وان غدا لناظره لقريب. من الواضح ان المناخات لهذا التغير قد وصل مرحلة اللاعودة ، وان قطار التغير قد بدء فعلا العد التنازلي استعدادا للانطلاق.