مقالات
هل لنا بزمن عربي جميل -تمنيات قومية- بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين دياب -استاذ جامعي -سوريا-
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين دياب -استاذ جامعي -سوريا-
هل لنا بزمن عربي جميل -تمنيات قومية-
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين دياب -استاذ جامعي -سوريا-
الزمن الجميل هو أحد المفاهيم الذي يتكرر في الحياة العربية،وإذا عدت إلى الثقافة الاجتماعية الشعبية،فتراه يتكرر في فترات زمنية متعاقبة،فإذا عدنا إلى حوالي ستة عقود أو أكثر ونقبنا وفتشنا في الأمثال والحكايات الشعبية التي تحكيها الأمهات والشقيقات للأطفال،وهم ينامون في غرفة النوم،تجد
في تلك الحكايات الحنين إلى الزمن الماضي،وتخبرك العديد من المشاهد المتخيلة،صور من الزمن الجميل الذي قالت عنه المشاهد في كلمات منطوقة.
العودة إلى الزمن الجميل،أو التغني به،أو الحسرة على أيامه،مسألة حياة وثقافة،متواجدة في حياة الأمم،وإن بصور مختلفة وبتمنيات متفاوتة،في معانيه،والحنين إليها،والحسرة عل ما فيها من طيب العيش،ولذة الحياة،ومافيها من سعادة وانتصارات،وذكريات جميلة.
لكن مسألة الزمن الجميل في حياتنا من الأمس إلى اليوم،مسألة تحكي في بعض الأحيان،سهولة الحياة،وسهولة العيش والوفرة الاقتصادية،وبساطة الحياة بكل مناحيها،وفي أحيان كثيرة تحكي عن بطولة شعب،وانتصارات في معارك،وحكاية عهد من العهود،وماحمل وما أتى به كل مايرضي الناس،ويسعدهم،ويجعلهم يتغنون بذلك الزمن الجميل، يتأسفون ويتحسرون عليه بمرارة،ويدعون بعودة أيامه،وماحملت.
لم تسعفني الدراسات الأنثروبولوجية،على دراسات،وأبحاث،وقفت وقفة تحليل ووضع المعاني عل الزمن الجميل،وما حفل به من مسرات،راقت للنّاس وأسعدتهم،وجعلتهم يقولون عن ذلك الزمن،بالزمن الجميل.
وفي حياتنا العربية،مسألة الزمن الجميل،مسألة لها خصوصيتها،ولها إشكالاتها،ولها كما يبدو لي،أن مرارة العيش وسوءاته،تجعل الناس يتبرمون من عيشهم،ويتأسفون على قيم ومعاني وأخلاق مضت،وبطولات صارت منسية في حياتهم.فإذا أخذنا من نكبة فلسطين،مقياساً ووحدة مفاهيمية،وأحداث ومعطيات،تقول لنا،أين كنا بالشأن الفلسطيني،وأين أصبحنا،وحسرة على البطولات والمواقف العربية،التي كانت على علاتها،وكيف أصبحت،وبين الأمس في أحداثة،واليوم في واقعاته،تجعل أبناء الوطن العربي،يتأسفون على ذلك الزمن الجميل.
وإليكم وقفة الشعب العربي،غداة الحرب والقتال بين أهل فلسطين،والعصابات الصهيونية،وكيف تداعى أهل النصرة،في كل الأقطار العربية،والتوجه لمناصرأهلهم في فلسطين،يومها لم تكن الأنظمة العربية،في موقع منع المقاتل العربي من الذهاب للحرب في فلسطين.
وفي هذه الحالة وحدها،إذا أخذنا أغلب ألأنظمة العربية،لوجدنا أنها وضعت خطوط حمر،بشان مناصرة أهل غزّة،متذرعةبحجج واهية لاتقنع إلا أصحابها، نعم في هذه الحالة يترحم الشعب العربي على حكام وأيامً ذلك الزمن،ويقولون عن وجهة الشعب العربي للقتال في فلسطين ويسمونه،لذلك الزمن الجميل،زمن جيش الإنقاذ،وزمن الضباظ ممن تركوا جيوشهم،وتوجهوًا إلى فلسطين،ولم تعاقبهم أنظمتهم،وعادوا إلى مواقعهم في جيوشهم،سميت تلك ألأيام بحوادثها ومعطياتها بالزمن الجميل.
إذا ؛ لنتفق على أن الزمن الجميل في الحياة العربية،وفي تصور القطاع الجدي من أبناء العروبة،هو عقد الأربعينات والخمسينات والستينات من الألفية الثانية،رغم ماشابها من مشاهد منغصة للنضال القومي ومؤلمة له .وإليكم بعض هذه المشاهد أو الصور:
1- المظاهرات التي كانت تعم العواصم العربية من إجل استكمال مطالب الاستقلال.
2-المظاهرات التي كانت تنطلق من دمشق وتذهب إلى عمان فبيروت فبغداد لإخراج القواعد العسكرية من مشيخات الخليج.
3- إسقاط حلف بغداد على يد تلك المظاهرات،وفرح الشعب العربي بهذا الانتصار العربي.
4-منعت المظاهرات التي انتطلقت في دمشق وبيروت وعمان ” دين راسك” وزير خارجية أمريكا من عبور الأجواء السورية في طريقه إلى بغداد عام1956.
5- ثورة الجزائر وما لاقته من دعم ومساندة من أبناء العروبة تكتب عنه القصص،وخاصة عندما كانوا يلقون أساورهم الذهبية تبرعا للجزائر.
6- المناصرة الشعبية للقضية الفلسطينية بالمال والنفس.
7- وحدةً سوريا ومصر وكانت هذه الوحدة عرس الأمة العربية من المحيط إلى الخليج العربي.
تمت هذه الصور والمشاهد في الحياة العربية.يوم كان الشعب العربي،سيد الشارع والساحات العربية،يوم كانت الأنظمة تخافه،في مواقفه واختياراته،ويوم كانت الصهيونية العالمية غير قادرة،على أن تختار الحاكم على هواها،يوم عجزت كل أذرعها في أوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية ،أن تكسر ظهر الشعب العربي،ويوم يتندر أبناء الأمة العربية على حكام هذا الزمن،وجواميس التطبيع،يحنون للزمن الجميل.
كانت هذه المقالة مهمومة بتشريح وتحليل أنثرويولجي ثقافي لمعنى الزمن الجميل في حياتنا العربية المعاصرة،وصولاً لوضع المعاني الصحيحة والسليمة،كما يقصده الناس،وكما يفهمونه،ولكن المراجع التي تغني هذا البحث،غير متوفرة،لا بزمانهاومكانها،ولا بسعة صدر ممن ينتظرون،عودة الزمن الجميل،فالهموم تكاثرت إلى الحد الذي لا يؤذن بزمن جميل،وغزة تباد، والأنظمة العربيه سهرانة على أمنها ،خوفا من تسرب المقاتلين العرب إلى فلسطين.
د -عزالدين حسن الدياب