مقالات

هل يتحالف التيار الحكومي مع التيار الإسلامي في الحكومة البرلمانية القادمة؟ بقلم الدكتور غالب الفريجات – الأردن

بقلم الدكتور غالب الفريجات - الأردن

هل يتحالف التيار الحكومي مع التيار الإسلامي في الحكومة البرلمانية القادمة؟
بقلم الدكتور غالب الفريجات – الأردن
المخرجات النيابية القادمة لن تعطي أي تيار من التيارات الثلاثة الأغلبية المريحة التي تسمح له بتشكيل حكومة بمفرده على اعتبار أن التيارات الثلاث ممثلة بتيار الحكومة الممثل للدولة العميقة، وتيار الاخوان المسلمين الحليف المدلل في أكثر من محطة لتيار الدولة العميقة رغم بعض حالات الدلع السياسي بينهما، واستخدام تيار الدولة العميقة صلاحياته في تحجيم تجاوز التيار الديني في العمل على الحد من تجاوزه للمساحة المحددة له، وتيار البعد الثالث والممثل لخلطة من القوميين واليساريين، وبعض دعاة التيار المدني والديمقراطي، والذي يحظى هذا الأخير بشكل او بآخر في النيل من فتات موائد الدولة العميقة، ولن يبق أمامنا من هذا التيار الا الإئتلاف القومي واليساري، والذي يبدو أن بداخله من لا يؤمن بهذا الائتلاف الا ما يخدمه فقط، دون أي اعتبار لمصالح الأطراف الأخرى من الائتلاف، وهو ما يكون في مواقفه أقرب للانتهازية السياسية.
في ظل قانون الأحزاب الذي عمد لخلق مطبات في طريق العمل الحزبي، قاصداً وعن سبق اصرار لارباك العمل الحزبي، فبين كل فترة وأخرى يخرج علينا المشرع بخلطة قانونية يلزم فيها الأحزاب السياسية باتباع هذه الخلطة رغم أن الأحزاب القائمة تحظى بشرعية العمل في ظل القانون، فكانت عملية تصويب الأوضاع الحزبية لغاية وضع العقبة عند بعض الأحزاب حتى لا تصل إلى تحصيل العدد المطلوب من المنتسبين، وبالتالي تحرمها من العمل، وهذا ما حصل في قانون الأحزاب الأخير.
جاء قانون الانتخاب المحطة الثانية التي عمدها المشرع في وجه حرية العمل الحزبي وإمكانية الوصول إلى البرلمان، وهو ما تسعى لتحقيقه كل الدول التي تسعى لتطبيق النهج الديمقراطي للوصول إلى الحكومات البرلمانية، وعلى الرغم أن الدستور ينص على ان نظام الحكم نيابي ملكي وراثي إلا أن المشرع في وطننا يتناسي نص هذه المادة عند العمل على طرح مشروع قانون، وخاصة في ركيزتي العمل الديمقراطي ممثلة بقانون الأحزاب السياسية، وقانون الانتخاب، ففي هذا الأخير عُقد ومطبات وحبائل ما أنزل الله بها من سلطان، ويخال للمرء أن من سعى لتشريع هذا القانون لا تهمه مخرجات العملية الانتخابية إلا بما يخدم تجريد السلطة التشريعية من دورها، وسبق أن تحدثنا في مقال سابق تحت عنوان عيوب هذا القانون، والمطبات والعقوبات التي تحد منه على الساحة السياسية.
أمام هذا الواقع فإن مخرجات العملية الانتخابية لن تستطيع أي من الأحزاب او التيارات المشاركة في الانتخابات أن تحقق الأغلبية، وحتى السعي بتشكيل جبهة من تيارين فيه شكوك وعقبات، فأقرب التيارين لتشكيل عمل جبهوي للتمكن من أغلبية برلمانية بين تيار الدولة العميقة، تيار السلطة، وتيار حزب جبهة العمل الإسلامي الممثل لتيار الاخوان على الرغم من استخدام العصا والجزرة مع الاخوان على امتداد مساحة العمل السياسي منذ تأسيس الدولة، وذلك لأن التيارين من يملك الحصول على أكبر عدد من الممثلين البرلمانيين، وإن كانا لا يشكلان الأغلبية، لكن إمكانية ان تدفع أجهزة الدولة العميقة إلى دفع البعض من أعضاء البرلمان للتصويت لصالح إئتلاف كهذا للحصول على الثقة البرلمانية واردة، الاخوان براجماتيين في سياساتهم واذا كان ذلك يخدم مصالحهم فقد تكون الفتوى جاهزة، كفتوتي مشروعي المقاطعة والاشتراك في الانتخابات.
نحن اذاً في ظل هذا الواقع لن نكون الا أمام حكومة تمثل الدولة العميقة، أجهزة السلطة، لغياب المعارضة الحقيقية، فلا تيار السلطة يملك فرز وجوه برلمانية معارضة وهو الأمر الطبيعي، والتيار الديني سيكون تيار مصالح يقيس الأمور في ضوء مصالحه ليس إلا، وأن تيار البعد الثالث من قوميين ويساريين ما زال بعيدا ان يشكل تيار على شكل إئتلاف جبهوي داخل قبة البرلمان فما العمل؟.
ليس من الجدير ان نغادر الساحة السياسية او نصل لحالة الاحباط، فالعمل النضالي عمل تراكمي ما نحققه في هذه المرحلة ان نبني عليه في المراحل القادمة ، مما يعني أن المطلوب الزيادة من النضال السلمي الديمقراطي، فجماهير شعبنا تواقة لأن يكون له صوت في مسار الحياة السياسية، وأن يكون هذا الصوت ممثلاً حقيقياً لمصالح هذه الجماهير، وأحزاب البعد الثالث / التيار الثالث هي خير معبر عن مصالح هذه الجماهير التواقة، لأن تصنع حياتها بارادتها من خلال قدرتها على إيصال ممثليها لقبة البرلمان، وتفرض حقوقها، ومصالحها، وبما انها تشكل القاعدة الأساسية في المجتمع من عمال وفلاحين وكسبة صغار وجنود وطلبة وشباب، فهي الأحق في التمثيل الأقوى والفاعل والمؤثر في السياسة التشريعية، والرقابة على مسلكية السلطة التنفيذية، والحفاظ على المال العام، وهذه هي الديمقراطية الحقيقية التي يطمح في الوصول إليها شعبنا.
إننا أمام مرحلة مطلوب فيها ان يسأل فيها كل مواطن وكل حزب وتيار ماذا أعمل؟، وأن يكون لدينا خطة عمل مبرمجة، وخاصة التيارات السياسية، وما تشكله في داخلها من أحزاب سياسية للوصول لتحقيق بناء اردن عربي ديمقراطي، وهذا ليس بالأمر الهين، لأن ما مر به الوطن من مراحل تشويه، وما أصاب الوطن من أمراض داخلية، وَخارجية باتت تشكل تهديداً استراتيجياً لوجوده في ظل عملية إحباط اعترت حياة المواطن، بسبب عملية التشويه الممنهجة للتمثيل النيابي، وغياب دور مؤسسة التشريع والرقابة، فنحن جميعاً علينا أن ندرك حجم الخطر الخارجي الذي يتربص بنا، إذ ان الوطن في عين العاصفة في إقليم ملتهب، وهو ما يتطلب تقوية هذا الوطن، ولن يكون ذلك الا من خلال ممارسة الديمقراطية، وإن حصلت اخطاء هنا وهناك في المسيرة الديمقراطية، فلن يكون العلاج إلا بالمزيد من الديمقراطية، لتصويب أية أخطاء، ووضع الحلول لكل العقبات والمشاكل، فعلى سبيل المثال قانون الأحزاب يحتاج لأن يكون فيه مرونة بعيدا عن التضييق على حق المواطن في العمل الحزبي، وقانون الانتخابات مطلوب ان يكون قادراً على فرز تمثيل حقيقي للمجمع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب