الصحافه

معاريف: متى يمكن لإسرائيل أن تعقد صفقة في غزة؟

معاريف: متى يمكن لإسرائيل أن تعقد صفقة في غزة؟

في بحر من التصريحات والإحاطات والمنشورات والتقديرات حول احتمالات صفقة مخطوفين، تصعب الإشارة إلى النقطة التي تمر فيها الحدود بين التصريحات والواقع، وبين المرغوب فيه والممكن.

محافل عديدة، في الداخل والخارج، تحاول دفعنا لنكون متفائلين. بعد سنة من الاتصالات والجهود والتسريبات عن “نحو صفقة” و”بعد قليل صفقة” – تفجرت كبالون مليء بالهواء الساخن – يصعب شراء البضاعة التي يحاولون بيعها لنا مرة أخرى: تقدير أن حماس سوف تلين في النهاية، بعد التسوية في الشمال (إذا ما صمدت).

هذه التقديرات منطقية وواجبة لو كان الحديث يدور عن جسم ليس منظمة إرهاب متزمتة تسعى لإبادة إسرائيل، وفكرة الجهاد والبقاء من أجل هذا الهدف السامي.

يحصل شيء ما من خلف الكواليس. ربما لم تتغير الصورة بهذا الشكل الدراماتيكي في نظر مسؤولي حماس، مثلما يحاول كل المتفائلون عرضها. لكن الظروف نضجت بالفعل، على الأقل لجهد أضافي بتحقيق تسوية في غزة.

إدارتان أمريكيتان تريدان ذلك: إدارة بايدن الراحلة، التواقة لإنهاء الولاية بإنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس، وإدارة ترامب الوافدة التواقة لإنهاء الحروب على أيدي آخرين وعدم استثمار الوقت والطاقة والجهد فيها. الدول العربية والدول الغربية أيضاً، كل العرابين، معنيون بالوساطة، لكن السؤال الكبير هو إذا كان الطرفان معنيين بها.

من حيث الوقائع، تغيرت الأجواء وتغيرت الشروط. ما لم يتغير هو حماس وجوهرها. أمور كثيرة يريد مسؤولو منظمة الإرهاب الحصول عليها في إطار الصفقة الممكن: تحرير مخربين، وإعمار غزة على أيدي الراعين، وغيرها مما يمكن الحصول عليه. من جهة أخرى، مسؤولو حماس مستعدون للتنازل عن كل هذا إذا ما حصلوا على ما يهمهم: النجاة والبقاء في غزة. منظمة الإرهاب معنية بمواصلة الإرهاب. لهذا الغرض، قبل باقي الشروط والمطالب – هي ملزمة بالبقاء في الصورة وعلى الأرض.

واضح للجميع بأن حماس سترغب في إعادة بناء نفسها والعودة، مثلما يريد حزب الله أيضاً ويخطط لإعادة بناء نفسه والعودة إلى أعمال الإرهاب، لأن هذا هو لباب وجوده.

وعليه، ففي ليل إقرار التسوية في الشمال، أوضحت إسرائيل بأن المهم ليس الاتفاق، بل الاتفاق الجانبي بيننا وبين الولايات المتحدة. ليست الورقة هي المهمة، فحزب الله لا يعتزم إجراء تحويل مهني ليصبح منظمة خيرية. المهم هو الوعد بحرية العمل في إنفاذ التسوية التي طلبتها إسرائيل وحصلت عليها، في إطار الاتفاق الجانبي الذي أتاح التسوية.

معقول الافتراض بأن هذه هي الصيغة المظفرة، وهي ذاتها يعرضها الوسطاء على إسرائيل بالنسبة لحماس أيضاً. والمعنى، أنه لا يهم ما الذي سيكون على الورق – يمكنكم أن تعودوا. ثمة أمر إضافي قد يقنع إسرائيل، وهو فكرة إدخال قوة دولية من عدة دول عربية بإشراف غربي.

أما رئيس الوزراء نتنياهو، فيرى أنه ما لم تكن السلطة الفلسطينية في الصورة وحلت محل حماس قوة أجنبية وليس أبو مازن ورجاله، فعندها يمكن الحديث في هذا. هنا أيضاً، لا أحد يوهم نفسه. واضح للجميع أنه إذا وافقت حماس على الفكرة فستفعل هذا لأنها ستكون واثقة من بقائها في القطاع، وستعيد بناء نفسها وتتعزز من خلف الزينة والاستعراض العابث لهذا الحكم أو ذاك، من جهات أجنبية كهذه وتلك. النجاة والبقاء في الأرض هما الأساس.

وثمة افتراض بأن نتنياهو سيكون مستعداً لـهذه المسلمة الهادئة، إذا كان لإسرائيل اتفاق جانبي يضمن لها حرية العمل. ربما تكون هذه الصيغة هي ما ستتيح ما لم يتح أي منحى حتى الآن.
آنا برسكي
معاريف 3/12/2024

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب