الصحافه

واشنطن بوست: ما هو “الجحيم” الذي سيضيفه ترامب إلى جحيم غزة المستعر؟

واشنطن بوست: ما هو “الجحيم” الذي سيضيفه ترامب إلى جحيم غزة المستعر؟

إبراهيم درويش

نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالا للمعلق إيشان ثارور قال فيه إن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب أطلق تحذيرا واضحا: إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المتبقين في أسر حماس بغزة بحلول الوقت الذي يتولى فيه منصبه، 20 كانون الثاني/يناير، فسيكون هناك “ثمن باهظ يدفع”. لكنه كان أقل وضوحا بشأن ما يستلزمه هذا التهديد.

ففي المحصلة، دمرت أكثر من 15 شهرا من الحرب المتواصلة الأراضي الفلسطينية حيث تسيطر حماس، ودمرت الكثير من بنيتها التحتية المدنية وأفقرت مليوني شخص.

دمرت أكثر من 15 شهرا من الحرب المتواصلة الأراضي الفلسطينية حيث تسيطر حماس، ودمرت الكثير من بنيتها التحتية المدنية وأفقرت مليوني شخص

ويعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن هناك حوالي 100 أسير متبق لدى الجماعة المسلحة، تم أسرهم بعد هجوم حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 على جنوب إسرائيل.

وتقول إسرائيل إن حوالي ثلثهم قد ماتوا، لكن جثثهم لا تزال محتجزة لدى حماس كورقة تفاوض.

 وعلى الرغم من الخسائر الفادحة التي تكبدتها الجماعة المسلحة، بما في ذلك تقليص صفوف قيادتها، أو ربما بسببها، فإن حماس تتمسك بموقفها: فقد حجبت معلومات دقيقة عن وضع الأسرى المتبقين كجزء من موقفها التفاوضي.

وقد انتعشت هذه المحادثات في الأيام التي سبقت تنصيب ترامب. وكان مبعوث الرئيس المنتخب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، في نهاية الأسبوع في كل من إسرائيل والدوحة، قطر، لإجراء مناقشات حول صفقة للأسرى. وأرسل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وفدا بقيادة رئيس الموساد ديفيد برنيا إلى العاصمة القطرية، حيث كان مسؤولون من إدارة بايدن المنتهية ولايتها يوجهون الجهود الأمريكية.

وقال مدير وكالة المخابرات المركزية ويليام بيرنز للإذاعة الوطنية العامة (أن بي أر): “أعتقد أن المفاوضات الجارية الآن جادة للغاية وتوفر إمكانية إنجاز ذلك في غضون الأسبوعين المقبلين على الأقل.. وقد عملت هذه الإدارة بجدية شديدة في هذا الصدد حتى 20 يناير. وأعتقد أن التنسيق مع الإدارة الجديدة بشأن هذه القضية كان جيدا. وقد أوضح الرئيس المنتخب ترامب اهتمامه بمحاولة التوصل إلى اتفاق، كما تعلمون، قبل تنصيبه”.

ولكن ماذا لو لم يتم التوصل إلى اتفاق كبير؟

إعلان ترامب الأسبوع الماضي بأن “الجحيم سوف يندلع” في الشرق الأوسط يثير تساؤلات حول الأدوات الفعلية التي يمتلكها

إن إعلان ترامب الأسبوع الماضي بأن “الجحيم سوف يندلع” في الشرق الأوسط يثير تساؤلات حول الأدوات الفعلية التي يمتلكها.

وكما كتب مايكل كوبلو من منتدى السياسة الإسرائيلية في مقال نشر قريبا، فإن الرئيس الذي خاض حملته الانتخابية على أساس سحب الجنود الأمريكيين من الشرق الأوسط من غير المرجح أن ينشر المزيد من القوات الأمريكية في مناطق الحرب هناك، ولن تحقق حملة القصف الأمريكية نتائج مختلفة عن تلك التي حققتها أصلا أشهر من القصف الإسرائيلي.

وقد تخفف إدارة ترامب القيود القليلة التي فرضتها الولايات المتحدة على النشاط العسكري الإسرائيلي، ولكن كما أشار كوبلو، فإن إسرائيل لم تشن حربها وهي ترتدي قفازات الأطفال.

والخيار الآخر المتاح أمام ترامب هو دعم ما طالب به عدد كبير من الساسة الإسرائيليين اليمينيين منذ فترة طويلة ــ أي فرض المزيد من القيود أو حتى وقف المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى الأراضي التي مزقتها الحرب تماما. ولكن مثل هذه الخطوة تخاطر بتداعيات دولية ضخمة، ولا يوجد سوى القليل من الأدلة التي تشير إلى أن حماس سوف تخفف من مواقفها مع معاناة المزيد من المدنيين الفلسطينيين.

وكتب كوبلو: “إن عبارة “سيدفع ثمن باهظ” مقنعة وجذابة، ولكن ما تعنيه هذه العبارة مهم حقا إذا قررت حماس أن ترامب يخادع. وإذا قررت حماس اختبار مدى جدية ترامب واتضح ألا استراتيجية لديه لإجبارها على الدفع، فلن يكون الخطاب العدواني بلا ثمن. بل إنه سوف يأتي بنتائج عكسية ويجعل إطلاق سراح الأسرى أكثر صعوبة”.

هناك عدم ارتياح داخل الدوائر الأمنية الإسرائيلية أيضا، فقد قال مصدر أمني إسرائيلي كبير: “نحن لا نعرف حقا ماذا يعني الرئيس المنتخب”

وهناك عدم ارتياح داخل الدوائر الأمنية الإسرائيلية أيضا، فقد قال مصدر أمني إسرائيلي كبير، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، لموقع “المونيتور”، وهو موقع إخباري يركز على الشرق الأوسط: “نحن لا نعرف حقا ماذا يعني الرئيس المنتخب. من الصعب أن نرى أي تهديد يمكن استخدامه ضد حماس الآن بعد القضاء على قيادتها بالكامل تقريبا وقتل عشرات الآلاف من مقاتليها”.

وأشار يوآف ليمور، المراسل العسكري لصحيفة “إسرائيل اليوم” إلى أن التقدم الحقيقي في إنهاء الحرب لن يحدث إلا بعد أن يواجه نتنياهو الترتيبات السياسية في المنطقة التي تجنبها لفترة طويلة لإرضاء حلفائه من اليمين المتطرف. وكتب ليمور: “الحل الوحيد هو حكومة بديلة في قطاع غزة تكون مسؤولة عن القضايا المدنية وتترك لإسرائيل مسؤولية الأمن. لقد امتنعت إسرائيل باستمرار عن الترويج لهذا الحل في محاولة للحفاظ على الائتلاف سليما”.

ويقول الكاتب إن بؤس الفلسطينيين العاديين في غزة لا يمكن إنكاره. يبدو أن حوادث الإصابات الجماعية تحدث أسبوعيا وسط القصف الإسرائيلي. وفي حين يسخر المسؤولون الإسرائيليون وأنصارهم من أعداد القتلى التي أحصتها السلطات الصحية المحلية في غزة، وجد تحليل إحصائي تمت مراجعته من قبل أقران في المجلة الطبية البريطانية “لانسيت” أن عدد القتلى في القطاع في الأشهر التسعة الأولى من الحرب ربما كان أقل من العدد الحقيقي بأكثر من الثلث. ولا يزال عدد كبير من الجثث تحت أنقاض الأحياء المدمرة في غزة.

وقد قدر الباحثون، الذين ضموا أكاديميين من كلية لندن للصحة والطب الاستوائي وجامعة ييل، أن هناك 64,260 حالة وفاة بسبب “الإصابات المؤلمة” خلال تلك الفترة، وهو ما يزيد بنحو 41% عن العدد الرسمي من قبل السلطات الصحية المحلية.

وكان ما يقرب من 60% من القتلى من النساء والأطفال والأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاما. ولم يقدم الباحثون تقديرا للمقاتلين الفلسطينيين بين القتلى.

وعندما لا يواجهون القصف الإسرائيلي، يستسلم عدد متزايد من الفلسطينيين، وخاصة الأطفال، لبرد الشتاء القاسي. وقد أدت القيود المفروضة على المساعدات الإنسانية والافتقار إلى المأوى المناسب لآلاف الأسر النازحة عدة مرات بسبب القتال إلى وفاة الرضع في الخيام، وآباؤهم عاجزون عن حمايتهم.

قال أحمد الفرا، طبيب الأطفال في مستشفى ناصر في جنوب غزة، حيث تم إحضار عدد من الأطفال موتى عند وصولهم بسبب البرد، لصحيفة “واشنطن بوست”: “عندما يكونون في منزل من الخرسانة، وعندما تكون الكهرباء متاحة، وعندما تكون التدفئة متاحة، لا يستطيع [الرضع] تحمل انخفاض حرارة الجسم. فماذا يمكننا أن نتوقع عندما يكونوا في خيمة بدون أي مصدر للديزل أو الكهرباء أو البنزين أو حتى النار لتدفئتهم؟”

 – “القدس العربي”:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب