مقالات

اِنْطلاق “الربيع العربي الثاني” من سوريا..

اِنْطلاق “الربيع العربي الثاني” من سوريا..

بقلم على اوعمو

  • بعد إحراق محمد البوعزيزي نفسَه في تونس واندلاع سلسلة من المُظاهرات الشعبية التي أطاحت بحكّام العديد من الدول العربيّة و التي أدت في الكثير من هذه البلدان الى حروب أهلية، مما نتج عنه ضحايا من المدنيّين بالملايين و مُهجّرين قسراً بالملايين و لاجئين في بلدانهم بأعداد لا تُعدّ و لا تُحصى، و هذه تكلُفة بشريّة باهظة خصوصا أنه لم يُولد من رحِم هذه المأساة أيّ تغيير  يُذكَر…

 

  • لقد نجحت هذه الشعوب العربية بالإطاحة بحُكّامها المُستبدّين، لكنها لم تنجح في بناء نظام ديمُقراطيّ بديل، بسبب التواطؤ على التغيير الذي كانت تطمح و تصبو إليه هذه الشعوب الثائرة التّوّاقة إلى إنشاء دول ديمقراطيّة يسودها العدل و الحرية و القطع مع عقود الاستبداد و مُعضِلة الفساد المُستشري في هذه البلدان، تلك العقود المَريرة التي عاشتها هذه الشعوب التي عانت ويلات الفقر و البؤس و الجهل التي عرفت تفاقُماً تَصاعُديّاً، رغم ما تزخر به هذه البُلدان من ثروات طبيعيّة هائلة..
  • وقفت الدول الإقليميّة، التي لم تَصلْها شرارة الربيع العربي، حجر عثرة أمام  التغيير، خشية أن يمتدّ إليها هذا الحراك، و ذلك من خلال مساعدتها المالية و السياسة من أجل الانقلاب على النهج الديمقراطي الذي شرعت هذه الدول في أخذ الطريق نحو تحقيقه، و بذلك تمّ وَأْدُه في مَهْده، كما تجدر الإشارة إلى مساهمة معظم الدول الغربيّة في إفشال قيام أيّة ديمقراطيّة في المنطقة سعياً وراء الحفاظ على مصالحها التي يضمنها لها الحكم الشموليّ و التي تُهدِّدها الديمقراطيات في حال قيامها..
  • و كما يبدو اليوم، أنّ الشعوب، و تحت الضغط المعيشي المُزري و تحت وطأة الظّروف الحياتية الصعبة التي تعيشها في ظلّ الاستبداد و الحكم الشمولي، بدأت تتحرّك من جديد، من أجل رفع الظلم و الفساد، و نفض غُبار العبوديّة عليها. و هكذا بدأ مشروع التغيير الجديد من سوريا، و هذه المرّة عبر مُعارَضة مُسلّحة، التي كانت قد أعدّت لهذا المشروع العُدّة الكافية لإنجاحِه، منذ فشل ثورة سنة 2011، و قد استفادت من أخطائها السابقة التي أدّت إلى فشل و تعثُّر حراكها في إسقاط النظام المُستبدّ الجاثم على أجساد أفراد الشعب منذ عقود عديدة. استغلّت المعارضة السورية المُسلحة الظروف المناسبة التي خلقتها الحرب في لبنان و ارتباك إيران و إضعاف حزب الله من قبل إسرائيل بالإضافة إلى انهماك روسيا في حربها مع اوكرانيا..  قامت المعارضة بهجماتها القويّة و المُفاجئة و الشاملة لِقوات النظام، و أخذت تُحرِّر مُدنها و بلداتها واحدة تلو الأخرى، بفضل عزيمتها و ثقتها بالنصر، فبدأت فُلول قوات النظام تتقهقر أمام شراسة قتال الثوار و بسالة رجالها الذين صمموا و خطّطوا و عقدوا العزْم على دخول العاصمة دمشق و الإطاحة بأكبر دكتاتوريّ في المنطقة..
  • يجب على الجميع أن يعلم بأنّ “الربيع العربي الثاني” سيأتي بزَخَم كبير سيُذْهِلُ و يُفاجئ العالم، لكون الشعوب قد استفادت من أخطائها خلال حراك 2011، و أنها ستدخل معركة التغيير بخطة مدروسة و أسلوب جديد و أفكار مُخالفة و عزيمة قويّة تُمكنها من الإطاحة بالاستبداد و الحكم الشمولي الدكتاتوريّ الذي عانت من ويلاته لعقود طويلة.. 
  • على النُّظُم التي لا تزال مُستمرّة في استعباد و استرقاق شعوبها أن تُغيّر من نهجها و تُحاوِل أن تبدأ بإصلاحات جذريّة تقوم على الديمقراطية الحقيقيّة المبنية على الحرية و العدالة الاجتماعية، حتى تتفادى عواقب ما يُمكن أن ينتُج عن أي تحرّكِ شعبي من أجل التغيير.
  • قد يتبادر إلى ذهن الكثيرين أنّ الحراكات و الانتفاضات الشعبية قد انتهت و لن تشتعل نيرانُها من جديد، و هذا أمر غير منطقيّ، فمادامت أسباب و مُسبِّبات الثورة قائمة، فإنّها لم تخمد و لن تخمد أبداً، فهي كبُركان يُرى أنّه خامِد و لكن ما يلبث أن ينشط من جديد…

 

الأستاذ : علي او عمو.

كاتب من المغرب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب