الصحافه

غموض يحيط بزيارة رئيسي “الشاباك” و”الاستخبارات” إلى الأردن.. تحديات جديدة وتهديدات تتكاثر

غموض يحيط بزيارة رئيسي “الشاباك” و”الاستخبارات” إلى الأردن.. تحديات جديدة وتهديدات تتكاثر

يوسي يهوشع

يصعب على من يعيش في الشرق الأوسط تصديق أن ما نراه غريباً قبل ساعتين يصبح طبيعياً في غضون دقائق. ما إن يحصل هذا، فلا مجال إلا النظر إلى الأمام نحو التحدي التالي، لأن التحولات سريعة جداً، وكذلك هي التهديدات الجديدة.

تجتهد شعبة الاستخبارات لعدم النظر إلى انهيار المحور الشيعي كنهاية المطاف، بل النظر إلى التهديدات الجديدة التي نشأت في المنطقة عقب سقوط الأسد وهزيمة حزب الله، والعيون تتطلع الآن إلى بؤرتين: الأردن والضفة.

المؤشران اللذان يدلان على التطورات في هاتين الساحتين هي معارك السيطرة في جنين بين السلطة ورجال حماس، وزيارة استثنائية إلى الأردن قام بها رئيسا “الشاباك” وشعبة الاستخبارات. ثمة تعتيم جسيم عن مضمون سفر مفاجئ يقوم به رونين بار واللواء شلومي بندر إلى الأردن، لكن المعقول افتراض أنهما شعرا بخوف من تضعضع المملكة الهاشمية ومحاولات محلية لمحاكاة نجاح الثوار في سوريا. عمل كهذا، كما يعتقد الجيش، قد ينتقل بسرعة شديدة إلى المدن الفلسطينية أيضاً. أثر دومينو الربيع العربي في 2011 ليس سيناريو خيالياً في الظروف التاريخية الناشئة. التخوف واضح حين نرى كيف قوض انهيار نظام الأسد أساسات المحور الشيعي التي بدت متينة جداً بعد هجوم 7 أكتوبر.

في خطاب استثنائي ألقاه زعيم إيران خامنئي الأسبوع الماضي، بدا وكأنه يجري حساباً للنفس؛ فقد كرس الزعيم نفسه ليشرح سبب استثمارات عشرات المليارات على مدى السنين لمصلحة نظام دكتاتور فاشل تبينت هشاشته وضعفه في لحظة الحقيقة. الحقيقة أن على الإيرانيين إجراء حساب أعمق للنفس: فاستراتيجية “الوكلاء” التي استثمروا فيها كثيراً تلقت انعطافة واسعة. فالكيانات التي يفترض بها أن تحمل إيران إذا ما أرادت إسرائيل إحباط المشروع النووي وعلى رأسها حزب الله، لم تنجح في ذلك، بل فشلت في حماية إيران أثناء القتال مع إسرائيل. سقوط الأسد يمثل ضربة يتعين على إيران في أعقابها أن تعيد النظر في نواياها. بقي الآن أن نرى إذا كانت ستقتحم النووي أم صفقة سريعة مع ترامب الذي يتحدث بقوة، لكنه يمتنع عن حرب ستؤثر على الاقتصاد الأمريكي الذي يريد إنقاذه.

فضلاً عن خامنئي، يبدو نعيم قاسم دائخاً في ظهوره الأخير حين اعترف بأن فقدان نظام الأسد معناه فقدان خط التموين اللوجستي الأهم للمحور. فنظام الأسد لم يمرر السلاح فقط لحزب الله، بل أنتج بنفسه الكثير من الصواريخ التي أطلقت نحو إسرائيل في أثناء الحرب. فضلاً عن ذلك، كل المحور الاقتصادي لحزب الله يقوم في أساسه على نفط تحوله إيران إلى سوريا، فيبيعه السوريون، ثم تنتقل المرابح إلى حزب الله. أي أن سقوط النظام ليس ضربة لقدرات حزب الله العسكرية فحسب، بل ولقوته الاقتصادية أيضاً.

إن الأصداء الهائلة تجد تعبيرها أيضاً في الضفة، حيث نرى مواجهات شديدة في جنين مع السلطة. وليس صدفة أن انعقد الكابنت أمس في قيادة المنطقة الوسطى: ثمة قلق متزايد من عمليات وشبكات تستمد الإلهام من سوريا. شرعت السلطة الفلسطينية بحملة واسعة ضد المسلحين في جنين؛ لنزع قدراتهم العسكرية. لم تستيقظ السلطة صدفة لتكتشف تهديد الإرهاب: فالتخوف هناك هو أن يحاكي المسلحون ثوار سوريا، ولهذا يستبقون الأمر ويحاولون إثبات حوكمتهم، بحيث يتمكنون من فرضها على قطاع غزة في اليوم التالي. لذا، هذه حالة اختبار مهمة لهم. وعلى إسرائيل متابعة ذلك باهتمام. أثر سوريا قد يلاقي الخوف القديم من سقوط النظام الأردني. في الماضي، علم عن محاولات إيرانية لاستخدام الساحة الشرقية كقاعدة جديدة للانطلاق ضد إسرائيل. خيراً فعل الجيش الإسرائيلي إذ أقام فرقة شرقية إضافية على الحدود، ويعمل على إقامة جدار جديد. على أي حال، زيارة بار وبندر إلى الأردن تناولت هذه المسألة الحساسة أيضاً.

تضاف إلى كل هذه التحديات الناشئة عن حرب لا تنتهي: فرض التسوية في لبنان، والاستعداد لمعركة مباشرة مع إيران، والوصول إلى صيغة تنهي الحرب مع حماس في القطاع وتحرير المخطوفين. في هذه المرحلة، لم تهدأ إزعاجات الحوثيين تماماً، ولهذا واضح لماذا شرح كاتس ضرورة ميزانية إضافية للجيش. التحديات الأمنية قد تتغير لكنها تزداد. لذا، لا مجال لاحتمال حقيقة أن الجمهور الذي لا يخدم في الجيش لا يحظى بالموقف المناسب. فثقل الحمالة بات شديداً جداً وعلى الجميع أن يقف تحتها.

 يديعوت أحرونوت 16/12/2024

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب