رئيسيالافتتاحيه

خمس سنوات على التطبيع: بين وهم السلام وواقع الإذعان

خمس سنوات على التطبيع: بين وهم السلام وواقع الإذعان
بقلم رئيس التحرير
تمر اليوم خمسة أعوام على توقيع الإمارات والبحرين اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، التي أُطلق عليها إعلامياً “اتفاقات سلام تاريخية”. غير أن ما رُوّج له لم يكن في جوهره سوى عقود إذعان صيغت تحت رعاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ولايته الأولى وتم ذلك في التاسع عشر من سبتمبر 2020، لخدمة المشروع الإسرائيلي وإعادة ترتيب المنطقة وفق رؤية أحادية تُغيّب فلسطين من معادلات السياسة العربية.
فلسطين خارج النصوص
اللافت أن هذه الاتفاقيات خلت تماماً من أي ذكر لإقامة دولة فلسطينية مستقلة أو وقف الاستيطان، وهو ما شكل و يشكل انقلاباً على المبادرة العربية للسلام وقرارات الشرعية الدولية. نصوصها اقتصرت على تبادل السفارات والعلاقات الدبلوماسية والتعاون التجاري والأمني، في تجاهل متعمد للحقوق الوطنية والتاريخية للشعب الفلسطيني.
بنود ظاهرها سلام وباطنها هيمنة
أبرز ما ورد في الاتفاق:
إقامة علاقات دبلوماسية وتبادل السفراء.
التعاون في مجالات الاقتصاد والسياحة والطيران.
التزام متبادل بمنع “الأعمال المعادية”.
لكن هذه البنود منحت إسرائيل شرعية مجانية، وأعفتها من أي التزامات تجاه الفلسطينيين، لتتحول الاتفاقيات إلى مكاسب إسرائيلية محضة دون مقابل سياسي أو قانوني للعرب.
البحرين على خطى الإمارات
الاتفاق البحريني لم يختلف عن الإماراتي إلا في التفاصيل الشكلية، إذ أعاد التأكيد على التطبيع الكامل، بينما غابت عنه أية إشارة لإلغاء الضم أو الاعتراف بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم. النتيجة واحدة: تجاوز القضية الفلسطينية لصالح إدماج إسرائيل إقليمياً.
خمس سنوات من النتائج المخيبة
بعد مرور خمسة أعوام، تبيّن أن الوعود التي صاحبت هذه الاتفاقيات لم تتحقق، بل ظهرت نتائج عكسية:
الحرب على غزة أثبتت أن التطبيع لم يكن مدخلاً للسلام، بل غطاءً لإسرائيل في حرب إبادة وتجويع.
التوسع الإسرائيلي ازداد جرأة تحت مظلة الاعتراف العربي.
الانقسام الإقليمي تفاقم، وتجلى في الاعتداءات والأزمات البينية.
المكاسب الاقتصادية الموعودة لم تنعكس على الشعوب، واقتصرت على مصالح ضيقة للنخب والشركات.
التطبيع في ميزان التاريخ
خمس سنوات كفيلة بكشف حقيقة هذه الاتفاقيات التي ستُسجَّل في ذاكرة الأمة كصفحات عار، لأنها لم تُحقق سلاماً عادلاً، ولم تحترم مكانة القدس في الوجدان الإسلامي والعربي، بل شكّلت خطوة نحو تكريس الهيمنة الإسرائيلية وإضعاف الموقف العربي.
الخلاصة
التطبيع الذي قُدّم على أنه بداية “شرق أوسط جديد” لم يجلب الاستقرار ولا الازدهار، بل كرّس واقع الاحتلال والعدوان. ستظل فلسطين البوصلة، وستظل هذه الاتفاقيات شاهداً على خيانة الثوابت، وعبرة لكل من يراهن على إسرائيل في صناعة مستقبل المنطقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب