قمة الدوحة بين التطلعات والواقع: هل ينجح العرب في بناء قوة ردع حقيقية؟

قمة الدوحة بين التطلعات والواقع: هل ينجح العرب في بناء قوة ردع حقيقية؟
بقلم رئيس التحرير
تنعقد قمة الدوحة في ظل ظرف استثنائي، يتجاوز حدود الاعتداء الإسرائيلي على غزة، ليطال قطر كدولة ذات سيادة. هذا الاعتداء لا يمكن فصله عن السياق الأشمل لمخططات المشروع الصهيوني الهادفة إلى تقويض الأمن القومي العربي والإقليمي. لذلك، تبدو القمة اختبارًا حقيقيًا للقيادات العربية والإسلامية: هل تكتفي بإصدار بيانات الشجب المعتادة، أم تنجح في صياغة موقف عملي يرقى إلى مستوى التحديات؟
التاريخ القريب يعطينا دروسًا بالغة الدلالة. بعد نكسة 1967، انعقدت قمة الخرطوم التي خرجت بـ”اللاءات الثلاث”: لا صلح، لا اعتراف، لا تفاوض. ورغم أن هذه الشعارات لم تتحول جميعها إلى برامج عملية، إلا أنها مثّلت رسالة سياسية واضحة بأن العرب قادرون على صياغة موقف جماعي صلب. وفي المقابل، شهدنا في قمة القاهرة عام 2000، عقب اندلاع الانتفاضة الثانية، مواقف داعمة للشعب الفلسطيني، لكنها لم تُترجم إلى استراتيجية ردع، ما أتاح لإسرائيل الاستفراد بالشعب الفلسطيني وإدامة الاحتلال.
اليوم، قمة الدوحة تواجه معضلة شبيهة ولكنها أكثر تعقيدًا. فإسرائيل لم تعد تكتفي باستهداف الفلسطينيين، بل باتت تجرّ المنطقة إلى صراع إقليمي أوسع، في محاولة لإعادة رسم خرائط النفوذ. العدوان على قطر يحمل رسالة تهديد مبطنة لكل الدول العربية، مفادها أن المشروع الصهيوني لا يعرف حدودًا.
أمام هذا الواقع، فإن القمة مطالبة بما هو أبعد من البيانات. المطلوب بناء قوة ردع عربية وإسلامية تستند إلى ثلاثة محاور:
1. قرار سياسي موحّد يعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية كقضية مركزية.
2. مقاطعة شاملة لإسرائيل على المستويات الاقتصادية والسياسية والإعلامية، بما يعيد تفعيل سلاح الضغط الشعبي والدولي.
3. تنسيق أمني واستراتيجي يضع خطوطًا حمراء لأي عدوان على سيادة الدول العربية والإسلامية.
إن أخطر ما يمكن أن تخرج به قمة الدوحة هو إعادة إنتاج بيانات إنشائية لا تغيّر شيئًا من موازين القوى. الشعوب تنتظر فعلًا لا قولًا، والمرحلة لا تحتمل المزيد من التردد.
باختصار، إما أن تكون قمة الدوحة محطة تحول تبني مشروع ردع عربي وإسلامي يواجه التهديدات الصهيونية، أو تُسجّل في التاريخ كفرصة ضائعة أخرى. والتاريخ لا يرحم من يتقاعس عن واجبه في لحظات المصير.