سحب الجنسية من عائلة الأسد… العيون على الإعلاميين والفنانين السوريين
أنور القاسم
شاهد السوريون واللبنانيون والعالم معهم عبر وسائل التواصل، مراسلة تلفزيون “الجديد” اللبناني، تذيع بعض الأخبار السارة، وهي في غاية السعادة من على طاولة استوديوهات التلفزيون السوري الأعتق عربيا، وحرصت على أن يكون كل من في الاستوديو معها في كادر الفيديو، حتى ضباط الأمن.
هذا المكان الذي حقن السوريين والعالم بكل أصناف السموم والنفاق وتلال الرياء وتأليه الرئيس النافق وابنه المنافق، بعد أن أشبع السوريين والعالم مراجل خُلبية.
طبعا، احتفاء معظم شبكات الإعلام الدولي والعربي بانتصار ثورة السوريين شيء يبعث على السعادة الغامرة. ونقل كل صغيرة وكبيرة مما يحدث في سوريا الجديدة كان حلما وهميا طوال خمسة عقود.
هذا المظهر الحضاري الآسر، الذي نقله لي أصدقائي من معظم شبكات التلفزة العربية والغربية من قلب دمشق، وهم يدخلون أقبية السجون ويقابلون الناس في الشوارع والمقاهي والحدائق، دون رقيب أو حسيب أو غول مخابراتي، كان يخيم على أنفاس السوريين قاطبة، كانت تؤذيه الحقيقة وتسنفر الدولة بمؤسساتها القمعية لمجرد حديث إعلامي عن سعر البصل أو أي مظهر من مظاهر الخلل في الدولة، حتى لو كانت ساطعة سطوع الشمس.
سوريا الآن عروس المتوسط الجديدة، بحاجة ليس لوزارة إعلام، بل لتلفزيون وطني حقيقي، ينقل ذخائرها وكنوزها الحضارية والبشرية، ويكون رديفا لنبض السوريين الصابرين المحتسبين، ليس في الداخل فحسب، بل يجب أن يكون هناك تلفزيون وطني ثان ينقل ابداعات حوالي ثمانية ملايين مهاجر قسرا، أبدعوا في كل قارات العالم، رغم جبال الألم والقمع والقتل الذي تعرضوا له من قبل طغمة المقبورين.
الآن أصبح للكلمة معنى وللمفردات أرواح وللأضواء بعد الظلام إشراق. تابعت مقابلة السيد أحمد الشرع من عين إعلامية، فما وجدت أبسط وأسلس منها، لم تكن هناك أي كلمة عائمة أو مشوشة أو مقعرة، لقد كانت لغته بسيطة ونافذة وسهلة ولأول مرة يسمعها السوريون!
فنحن شعب كنا تعودنا على مصطلحات رئاسية وتلفزيونية خشبية قميئة لا يفهمها أحد، كالديماغوجية، والبراغماتية، والإمبريالية، والجماعات الإرهابية، والمؤامرات الكونية، بالإضافة لشوية مربعات ومثلثات ودوائر ومنعطفات إستراتيجية، وتعريف التفريق بين الثور والثيران في قواعد اللغة العربية والنحو الصرف.
بالإضافة لحديث ديني وقليل من الأحداث التاريخية المزيفة، تتبعها بعض الضحكات والنكات البايخة مع قهقه بصوت عال، وتنتهي المقابلة بعزف النشيد الوطني!
فليس من المنطق والمقبول، بعد أربعة أسابيع على سقوط نظام “إلى الأبد”، أن نسمع تصريحات السادة المسؤولين في حكومة تصريف الأعمال الحالية ومقابلات الشرع فقط عبر القنوات ووسائل الإعلام الأجنبية، خاصة التركية والخليجية فقط!
ورغم استحسان خطوة تعيين متحدث باسم الحكومة يوم الاثنين، لكن ذلك غير كاف. مع التحديث أيضا واستخدام منصة اكس والتلغرام وغيرها باعتبارها وسائل حديثة لنشر أخبار البلاد.
في انتظار فناني سوريا
مثلما ملأ الفنانون السوريون الدنيا ابداعا وفنا ودراما، وتقطعت بهم السبل في بقاع الأرض، هم الآن مدعوون للعودة الى البلاد وإطلاق أعمالهم وتصويرها من ربوع سوريا الكبيرة، فالعالم العربي والمغتربون يتوقون شوقا الى إبداعاتهم.
كم هو عظيم لقاء الفنانة يارا صبري وزوجها الفنان ماهر صليبي بالمواطنين السوريين في دمشق والسويداء، وكم هو عظيم منظر مكسيم خليل وهو يخاطب الجموع في ساحة الأمويين ويساعد في كنس الشوارع في حمص.
نحن في انتظار الفنان البطل عبد الحكيم قطيفان والرائع مازن الناطور والمبدع مهند قطيش ومؤرخ الحدوتة السورية في “ضيعة ضايعة” و”الخربة” التي تحولت الى “الحرية” ممدوح حمادة.
والسوريون في انتظار صاحب “ابتسم أيها الجنرال” للمبدع سامر رضوان، وفارس الحلو وجهاد عبدو ونوار بلبل، وجمال سليمان وسامر المصري وكوكبة من النجوم، الذين أحبهم الجميع.
سحب الجنسية السورية
من عائلة الأسد
هذه دعوة لسحب الجنسية السورية من عائلة الاسد، الوحش سابقا ولاحقا، لما خربته ودمرته ونهبته من مقدرات هذا الشعب، وما فعلته في هذه البلاد، بحيث عجز كل الأعداء تاريخيا عن الحاق جزء يسير مما ألحقته هذه الأسرة بسوريا وشعبها طوال ٥٤ عاما هو العمر السياسي لهؤلاء الدخلاء.
هذا النظام حرم آلاف السوريين الأصلاء من جنسيتهم وحقوقهم المدنية، كما أقصى الملايين عن وظائفهم، وإذا استثنينا بعض أفراد هذه الأسرة وهم يعدون على أصابع اليد الواحدة فقط، مثل فراس الأسد. ويجب أن يتم سحب الجنسية منهم وفق القانون السوري وآلياته العادلة، وهنا فقط يكون قد تحقق، ولو بعض العدل لملايين الضحايا السوريين وأيضا لأشقائهم من المواطنين العرب.
لماذا نحب سوريا؟
حينما سقط الطاغية، سقطت معه كل الدولة ومؤسساتها وعلى رأسها وزارة الداخلية المسؤولة عن فروع الأمن والشرطة والانضباط، لكن رغم غياب كل هذه المؤسسات وعدم وجود حكومة أو دولة، لم يسرق بنك واحد أو محل ذهب واحد، ولم تحطم أو تنهب أي وزارة أو مؤسسة، هذه أخلاق السوريين ماضيا وحاضرا، غابت الدولة لكن المواطنين بدأوا بالتعمير وتنظيف الشوارع والتكاتف في كل المحافظات، ولم يطلبوا من أحد مساعدات وبدأوا فورا يعمرون بلدهم بأنفسهم ولم يلتهوا بصراصير الطغمة الهاربة، وهمهم مسابقة الزمن لعودة الحياة وبدء إعمار ما دمرته الحرب خلال 14 عاما. لهذا سوريا كانت أوروبا العرب تاريخيا وستعود كذلك تحب أشقاءها ويحبونها دائما، وأستعير هنا رائعة سعيد عقل في وصف عاصمة الأمويين قائلا:
قرأتُ مجدَكِ في قلبي وفي الكُتُـبِ.. شَـآمُ، ما المجدُ؟ أنتِ المجدُ لم يَغِبِ
أيّـامَ عاصِمَةُ الدّنيا هُـنَا رَبطَـتْ.. بِـعَزمَتَي أُمَـويٍّ عَزْمَـةَ الحِقَـبِ.
كاتب من أسرة “القدس العربي”