مقالات

الذهنيّة التعميمية وفعلها في حياتنا العربية بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق -سوريا –

بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق -سوريا -

الذهنيّة التعميمية وفعلها في حياتنا العربية
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق -سوريا –
في المجتمعات التي تشكل قربى الدم المحدد الرئيس، للعلاقات الاجتماعية،تولد من هذه العلاقة الثقافة الجامعية،بعاداتها وتقاليدها وأعرافها، وقيمها الكبرى،التي تخص الاٰداب الاجتماعية،وقيم الحلال والحرام ،وآداب اجتماعية،المتعلقة بالاحترام المتبادل بين الصغير والكبير ،وبين مستويات القربى وآداب الجلوس،
والحديث،ومالها من قيم تشكل محدداً للتخاطب بين مستويات القربى،وما للعمر والسن من قيمة أيضاً تنظم علاقة الصغار مع الكبار،وما يتفرد به كبار السن من احترام ،وجاهة ومرجعية معرفية مجتمعية،بين أفراد القربى،وتعدد مستوياتها وفي هذه المجتمعات القرابية،،وفي سياق ثقافة القربى،إذا جاز هذا التعبير،تولد قيم التعاطف والمجاملة ،ومن تشابك هذه القيم،ومالها من مفردات ثقافية،تولد أو تتشكل الذهنيّة التعميمية،التي ترى الفرد في أسرته،فإذا أخطأ ألإبن،على سبيل المثال،يتوجه الشتم إلى والده وأسرته،وأخواله وأعمامه ،وقد تصل الشتيمة،إلى الباط القرابي،الذي ينتمي إلي هذا الشاب،كأن يقال :أبوه واللي خلفوه،والباط اللي طلع منو،وقد تصل إلى العشيرة والقبيلة.وهذه الذهنية التعميمية،موجودة في ثقافة المدينة،بحكم وجود روابط القربى الدموية،فتجد إن الفرد الذي يسكن حارة إكس،إذا أخطأ،فان حارته تتعرض للشتم،بمعنى أنّ الذهنية
التعميمية دائما تعمم في حكمها وتقييمها،الكثير من الأقوال والأفعال،مثل الأقوال:أبوه لأبو بلده،وقريته ،وعشيرته،وحزبه و………إلى آخره.
الكلام عن الذهنيّة التعميمية،وما يصدر عنها من أقوال وأفعال له مقاصده،كأن نتبيّن مشاهده وأقواله ،في حياتنا السور ية في أعقاب التغيير الذي حدث غداة يوم الثامن من كانون الأول عام2024،فقد دلت ألمعطيات والمؤشرات،على جرائم قام بها نظام بشار الأسد،فأخذت منها الذهنيّة التعميمية،مادة وسبباً
لشتم كل عائلة الأسد كمستوي قرابي أول في التعميم،والذهنية التعميمية،وتمد هذه الذهنية الشتم إلى  مستوى القربى الثاني،وهو المتمثل في إنتماء الأسد إلى الطائفة العلوية.علما أن الأخطاء والجرائم التي تمت في مرحلة بشار الأسد،شاركت فيها أطراف من كل الطوائف التي تشكّل مكونات البناء المجتمع العربي السوري.وننتقل في الذهنيّة التعميمية إلى مستوى آخر،هو المستوى العائلي،فخطأ أي فرد من عائلة،وبحكم علاقة القربى الدموية،فإن عائلة هذا الفرد تدفع ثمن هذا الخطاً،،وبهذه الحالة/العينة من قربى الدم،ومالها من عصبية قربى ،نجد أن الثار العائلي والقبلي والحزبي والمناطقي،والنادي،والمحلة و….إلخ
هو وليد الذهنية التعميمية،فالمناصرة،على رأي علامتنا العربي ابن خلدون،هي في نهاية الأمر يحسب على العقلية التعميميةدون أن نشرح في تفاصيلها.
والذهنية التعميمية عادة توجد أين وجدت ثقافة القربى،وعصبية القربى،ومالها من قيم ومحددات،وان اختلفت مضامينها،وتباينت خلفياتها،وتنوعت محدداتها،بتنوع المجتمعات ،وتنوع ثقافاتها القرابية.
قال لي صديقي ماذا تفسر هذه المغالبة بين هذا النادي وذاك من النوادي العربية والفرنسية و…إلى آخره.،وما تلد من صراعات وشتائم وضرب وكر وفر،؟
في هذه الحالات التي أتيت بها ذهنية التعميمي تكون حاضرة،وقربى النوادي تولد الذهنيّة التعميمية،والفعل التعميمي ورد الفعل التعميمي ،إذا جاز هذا التعبير.وأكملت لصديقي ،يبقى القول في الذهنية التعميمية اجراء دراسات متخصصة،وتريد تأويلات وتفسيرات تمت للتحليل والتفسير الثقافيّ الأنثروبولوجي،الذي يضع النقاط على الحروف،أكثر وأبعد مما جئت به،في هذه المداخلة التي تريد إن تؤشر على ظواهر ووقعات بنائية في الحياة العربية،لها كلفتها وخسائرها،تكمن وراءها العقلية التعميمية.
د-عزالدين حسن الدياب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب