مقالات
إضاءات في ليل الخطاب السياسي الدامس، والعمل العام السوداني.. بقلم محمد حماد عبدالمنعم -السودان –
بقلم محمد حماد عبدالمنعم -السودان -
إضاءات في ليل الخطاب السياسي الدامس، والعمل العام السوداني..
بقلم محمد حماد عبدالمنعم -السودان –
#الهدف_آراء_حرة
من البديهيات القول بأن المجتمع السوداني ضمن المجتمعات العربية والإفريقية التي لا تمتلك خبرة ديمقراطيّة حديثة، حتى الاستثناء اللبناني والجنوب إفريقي كان مهدد بفقد هذه الصفة.
إذًا يمكن القول أن الديمقراطيّة تعزرت في البيئة السودانية، فهي لم تولد أساسًا، التي ظهر بريقها في ثورة 19ديسمبر2018م ولدت متهمة في ملائمتها للواقع التاريخي المحلي من المنظور الوطني العلماني وفي أصالتها من المنظور الديني الإسلامي، في عدالتها الاجتماعية من المنظور الاشتراكي.. أتهامات المتأسلمين للفترة الانتقالية أكسبها وهجًا جذابًا علىٰ ضوء ما بدأ حينها من إنجازات باهرة لنموذج (صيغة تحالف قوىٰ إعلان الحرية والتغيير ** تجمُّع المهنيين السودانيين) المهندس لحكومة الفترة الانتقالية ممثلة في رئيس وزراء د/عبدﷲ حمدوك وولاة ولايات. وما يدعوا هنا للأسف والحسرة أن (صيغة التحالف-التجمُّع) ولجان المقاومة باعتبارهم الرافعة المحلية الأساسية لحكومة الفترة الانتقالية عجزوا عن المقاومة في الدفاع عن حكومة الثورة، حتىٰ حل الوقت المناسب وانقض عليها الانقلابيون في يوم 25أكتوبر2021م وعلىٰ الثورة التي لم تكتمل بعد شعاراتها المتمثلة في (الحرية والسلام والعدالة) دون الغوص في الحديث عن نشاط قوىٰ الردة، ولطالما أن هذا المقال مقال نقدي في الأساس سنواصل النقد في مقالات عدة إن مد ﷲ سبحانه وتعالى في الآجال مواصلة لهذا المقال.
قوىٰ الحركة المدنية السياسية السودانية بكلِ تأكيد نسبي كانت وما زالت في بواكير انبثاقها عن التركيبة “الاجتماعية
-الثقافية” التقليدية، التي لم تتخلص بعد كلية من تداخلها المعرفي معها، وغير مؤهلة كذلك لدفاع سجالي يتطلب اقتناعًا راسخًا بالديمقراطيّة! ولا تطبيقي يتطلب أداءً برلمانيًا حكوميًا أو معارضًا كفؤاً.
بعد ذلك تولىٰ من (بالتحالف-التجمُّع) بالإضافة لنشاط لجان المقاومة المتواصل، الأحداث التي تشكل فيها الوعي بالقضايا والقضايا المطلبية، مقرونًا ذلك بالوعي الثوري إبان فترة الانتقال التي لم تكتمل، مع تمسك بالوعي التقليدي متشربًا خصائص تلك المرحلة أي مرحلة: ما قبل اندلاع ثورة 19 ديسمبر 2018م، مما أدىٰ إلى خلخلة تماسك الثورة والقائدين لها (بالتحالف-التجمُّع) لجان المقاومة، وسرعان ما ظهرت قوىٰ الردة والظلام بالتقاء خطوطها مع “مجموعة سلام جوبا” وحظوا بتأييد شعبي عدائي كاسح “لقوىٰ الثورة القائده للحراك” عداءً مصنوع ومدفوع الأجر بالدرجة الأولىٰ تمثل في (اعتصام الموز) الذي أتاح صعود قيادات المجلس السيادي للفترة الانتقالية “الفصيل العسكري منه متصدرًا وقائدًا لانقلاب
25 أكتوبر 2021م”.
بعد ذلك تشتت قوىٰ الثورة بين من هو مؤيد للانقلاب وبين من هو يدعوا لإسقاطه، دون حتىٰ طرح الوسائل والآليات لذلك من ترتيب وتنظيم..إلخ وبين من تقوقع في مواثيق لجان المقاومة! وهكذا اكتملت دائرة العجز حتىٰ جاء اتفاقً إطاريٌ عارضه البعض وأيده البعض وانقلب عليه أخيرًا من وقع عليه! لتكتمل الدائرة الشريرة التي جاءت بح-رب 15 أبريل 2023م لتساوي الناس جميعًا؛ سوىٰ داعميها فقط حتىٰ وإن كانوا ذات يوم يدافعون عن الشعب السوداني وقضاياه في الوحدة والحرية والسلام والعدالة.. وبدلاً من خلخلة المكون الإنقاذي وتصفية ركائزة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، أصبحت بعض القوىٰ السياسية السودانية المدنية، مساهمة في تمادية العنفواني الباطش؛ وعجزت حتىٰ عن إعادة إنتاج “البديل الوطني الديمقراطي” بشكل أكثر فعالية وفاعلية من السابق، وإضعاف معسكر الح-رب سياسيًا (داخليًا وخارجيًا) سنًا ومهنة، بدايةً بعدم التراجع المطلق عن أهداف ثورة 19ديسمبر2018م وخوض معارك الإصلاح الأمني والإصلاح المؤسسي والاقتصادي..إلخ وخوض المعارك حتىٰ ضد الفهم الرجعي المغلق للدين الإسلامي الحنيف.
مشاكسة القوىٰ السودانية المدنية القائدة للحراك الجماهيري وصراعاتها الداخلية، جعل المناخ خصبًا للولادة الثانية للإسلام السياسي واليسار المزيف، وذلك بسبب الطبقة الفوقية والتلقينية للتثقيف (المدني- الديني- الأكاديمي- العلمي) دون معاناة فكرية حقيقية، تنتج عن التنافس المفتوح مع الأيديلوجيات والتيارات العلمانية والوسطية والتجديدية..إلخ كما ترافق ذلك مع إبطال المحاولات الأولية باتجاه “التجديد والتغيير العام” في الساحة السودانية، والتفاعل مع المنتجات الفكرية والفلسفية وتجربة التنوير الغربية الأوربية، التي بقيت مسامات تسربها مفتوحة خلال العقود الماضية والفترة الانتقالية ومغلقة بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021م وحتىٰ الآن.
الإنقاذ قامت علىٰ نظام ذات بعد واحد لا تسع وتسمح حتىٰ للنقد الصديق، استخدمت مزيجًا من نفوذها المعنوي الشعبوي وأدوات الدولة لحرمان البؤر الحية في حركات وتيارات التغيير اليسارية واليمينة والوسط، من تطوير قابليتها الأفضل لتطوير تلك المحاولات بحكم انشغالها الجدي بالقضايا الفكرية والتخطيط المستقبلي بإرغام جزء منها إما علىٰ حصر جهودها الفكرية ضمن خطوط محددة قبليًا (شرحًا على المتون) أو الانشغال الكلي بالاحتماء من مطاردات السلطة إذا اختارت مسارًا مختلفًا يدعوا إلىٰ التحريض بالثورة والتحرر من الاستبداد، والانشغال بالتخطيط لقيام الفعاليات والأنشطة التي تتحدث عن قضايا الحرية والسلام والعدالة.
علىٰ أي حال نخلص إلىٰ الآتي: أدىٰ غياب الحصانة بعدم الارتداد علىٰ السلطة الانتقالية الثورية إلىٰ هذا الواقع المأساوي الحضيضي الكارثي بكل ما تحمل الكلمة من معنىٰ.. وأيضاً بسبب إهدار الفرص الثمينة لتطوير تلك القابليات بقطع الصلة والتفاهم والتعاون فيما بين قوىٰ الثورة والتغيير المتمثلة في الأحزاب السياسية والحركات المسلحة ولجان المقاومة والنقابات..إلخ وبذلك ضاعت فرصة تاريخية كانت ستكون أرقىٰ من عصر النهضة والتنوير الغربي الأوربي والنموذج الجنوب إفريقي.
داخل السرب:
نعمَ الفتىٰ أنتَ يوْمَ الرّوْعِ قد علموا
كفءٌ إذا التفَ فرسانٌ بفرسانِ
سَمْحُ الخَلائِقِ مَحمودٌ شَمائِلُهُ
عالي البناءِ إذا ما قَصّرَ الباني
مأوَىٰ الأراملِ والأيتامِ إنْ سغبُوا
شَهّادُ أنجيَةٍ مِطْعامُ ضِيفانِ
حلفُ النّدىٰ وعقيدُ المجدِ أيّ فتىٰ
كاللّيثِ في الحْـ.ـربِ لا نِكسٌ ولا وانِ