الصحافه

هل ستحتدم المعركة بين نتنياهو والجيش بشأن فشل 7 أكتوبر؟

هل ستحتدم المعركة بين نتنياهو والجيش بشأن فشل 7 أكتوبر؟

ناحوم برنياع

في نهاية كانون الثاني، وفي أقصى الأحوال في منتصف شباط، سينشر الجيش الإسرائيلي تحقيقاته عن الحرب، والخطة هي توحيد كل التحقيقات في كتاب سميك واحد: هذا هو الأمر الصائب من ناحية تاريخية والمريحة من ناحية إعلامية. عندما تزال الضمادة دفعة واحدة، تؤلم أقل. بعد ذلك، تبدأ مسيرة طويلة من الحوار مع الجماعات الذين ذبح سكانها في 7 أكتوبر: نير عوز، كفار عزة، نوبا، نتيف هعسرا، سديروت، اوفاكيم وغيرها وغيرها. هذا سيستغرق أسابيع، لكنه لن يحل محل الجدال على المسائل الجوهرية: كيف ولماذا قصرنا؛ من ينبغي له أن يرحل ومتى؛ وما هي الدروس.

بترتيب زمني: المفهوم على أجياله، والأخطاء في الليلة الأخيرة، والانهيار في 7 أكتوبر، وإعادة البناء والحرب منذئذ. بكلمتين يمكنهما أن يكونا عنوان الكتاب – القصور وعقابه. في الماضي، كان يمكن للجمهور أن يتوقع تقرير لجنة تحقيق رسمية يجري الترتيب، لكن ما دام نتنياهو هناك، فلن يحدث ترتيب.

كان ينبغي لرئيس الأركان أن يعتزل فوراً بعد أن توضع التحقيقات العسكرية على طاولته، في نيسان أو أيار. هو قرر ألا يفعل ذلك. وإذا اعتقد أنه بذلك ينقذ قيادة الجيش الإسرائيلي من الهجمات من اليمين واليسار، فقد أخطأ. بدلاً من أن يعتزل طواعية، بقراره، بروايته، سيعتزل غصباً. لفعل النهاية في حياته المهنية أبعاد مأساوية.

يسير نتنياهو في هذا الصراع على حبل رفيع: 1. هو ملزم بإلقاء بكامل المسؤولية عن القصور على قيادة الجيش و”الشاباك”؛ هم المذنبون وهو الضحية 2. هو ملزم بإلقاء حظوة على كل ما تحقق منذئذ 3. هو في مواجهة جبهوية معهم: هم يدعون لإنهاء الحرب وهو يشدها إلى الأمام؛ هم يدفعون نحو صفقة مخطوفين وهو يخربها.

ما دام الطلب هو ذهاب الجميع – هو وهاليفي أيضاً –سيسير نتنياهو على الخط مع رئيس الأركان. في اللحظة التي تراجع فيه التهديد، مارس كل قوة السم ضد هاليفي. في الماضي، توزع السم بين غالنت وهليفي. تنحية غالنت أبقت رئيس الأركان وحده.

دخل ثلاثة لاعبين فرعيين إلى هذه الساحة المشحونة: مراقب الدولة متنياهو إنجلمان، ووزير الدفاع إسرائيل كاتس، والناطق العسكري دانيال هاجاري. يطلب انجلمان التحقيق في الحرب من يومها الأول. ويصده الجيش الإسرائيلي. والحجة: مراقب الدولة لم يسبق له أن حقق في حرب ما قبل انتهائها. الاشتباه: إنجلمان هو الذراع الذي سيسمح لنتنياهو بإلقاء كامل المسؤولية على الجيش.

إنجلمان كسب الاشتباه بجدارة: خطواته الأولى كمراقب عرضته كمراقب ضعيف ومتعاون مع الحكومة. لكن رجاله يدعون بأنه تعلم الدرس: نتنياهو سيتلقى الضربات في تقريره بقدر لا يقل عن الجيش. تشهد على ذلك الأسئلة التي طرحها على وزراء الكابنت الذين حقق معهم.

اختار كاتس أن يكون وزيراً كدياً: ليس مع هيئة الأركان بل ضدها. هذا ليس خياراً بسيطاً – معظم وزراء الدفاع حرصوا بداية قبل كل شيء على كسب ثقة هيئة الأركان. هم كانوا جنوداً بدون بزة. لكن الدائرة التي يسعى كاتس لكسب ثقتها ليست جنرالات هيئة الأركان، بل قاعدة الليكود التي ترى في قيادة الجيش عدواً.

أخذ على عاتقه مهمة عرف مسبقاً أنه سيفشل فيها: تمرير قانون تجنيد يعفي من التجنيد. الجيش يرفض التعاون معه في المناورة. تهجماته على لابسي البزات لا تختلف في فظاظتها عن تهجمات لفين على القضاة، وكرعي على وسائل الإعلام. الفظاظة معدية. في هذه الأثناء، هو لا يبدو كوزير دفاع ولا يُسمع كوزير دفاع. في الساحة السياسية يشبهونه بالممثل الأخرق من مسرحية قديمة.

بالنسبة لهاجاري، تعثر حظه ليكون الناطق العسكري في عهد كله سياسة وكله استقطاب وكله مشحون. وكل جندي هو ناطق عسكري. في الجدال على قانون فيلدشتاين، ثمة مقترح رشوة يسعى لإسكات شاهد في تحقيق جنائي ويدفع الثمن بمصلحة أمنية – كان محقاً موضوعياً ومخطئاً في التعبير. بالإجمال، هو ناطق عسكري فائق. التحدي الأكبر لا يزال أمامه – نشر تحقيقات الحرب بشفافية، في ظل التحكم بالرواية، دون فقدان ثقة الجمهور. أمام هذه التحدي، تبدو تصريحات كاتس لعبة أطفال.

بعوض وخدم

الكابوس الذي يقض مضاجع القانونيين في النيابة العامة والجيش يبدأ ببشرى طيبة: الحرب تنتهي. عشرات آلاف جنود الاحتياط يتسرحون دفعة واحدة. قبل العودة لحياتهم الاعتيادية، يقفزون لإجازة انتعاش قصيرة في الخارج. الشبكات الاجتماعية تمتلئ بتجاربهم: بحر، شمس، جبال، مشتريات – أبعد ما يكون من خرائب غزة. يحاولون النسيان، لكن الشبكة تتذكر. أجهزة القضاء في سلسلة من الدول تغمر بالشكاوى. قانون الأعداد الكبيرة يفعل فعله: مئات الشكاوى ترد رداً باتاً، لكن بعضها تترجم إلى تحقيق شرطي، وربما إلى اعتقال أيضاً. تبدأ الملاحقة صغيرة وتكبر: تسونامي. الآثار على حرية حركة الإسرائيليين، على معنوياتهم، على أمنهم في دولتهم – ستكون قاسية جداً.

لهذا تستعد دائرة القانون الدولي في النيابة العامة العسكرية. لكن قبل أن أفصل الوسائل المضادة، يجدر بي أن أذكر سلسلة الخطايا التي أدت بنا إلى الهاوية. الخطيئة الأولى هي القرار بتسوية غزة بالأرض؛ وبقدر ما أعرف، لم يتخذ رسمياً في أي مرة، في قرار مرتب، لكنه نفذ على الأرض. كانت المبررات عملياتية، في المستوى التكتيكي. النتائج قاسية، بما في ذلك بالمس بغير المشاركين وبالمس بالبنى التحتية أيضاً. أما الخطيئة الثانية فكانت في فقدان السيطرة على القوات المقاتلة؛ ظواهر نعرفها من حروب سابقة تعاظمت في هذه الحرب. نزعة الثأر لعبت دوراً، والأكثر سكرة القوة لدى القادة واستخفافهم بالأوامر التي تأتي من أعلى، فيما على أكتاف مصدري الأوامر كل ثقل القصور. الإهمال ولد إهمالاً.

تحدثنا هنا عن جزء من هذه الظواهر؛ قسم شطب في الماضي عن النشر، وأقصد الاستخدام غير المنضبط بالذخيرة، والتدمير لغرض التدمير، والطرد لغرض الطرد، والسلب والنهب، والزعرنة، وإرسال المحليين [أهالي غزة] لتمشيط البيوت بدلاً من الكلاب المدربة للمهمة أو المقاتلين. إن وهن الانضباط كلفنا حياة مقاتلين وحياة مخطوفين وكذا، على الطريق، تبذير ذخيرة فاقم تعلقنا بالإدارة الأمريكية. بدلاً من لجم القوات، ملأوهم بالخطابية القتالية، وأحياناً بنزعة دينية شجعتهم على الشذوذ عن المعايير.

عند الاستخدام للمحليين كدرع بشري، أو ما كان يسمى ذات مرة “نظام الجار” يجدر بنا أن نتوقف للحظة. موقع “المكان الأكثر حرارة في الجحيم” نشر هذا الأسبوع نبأ جاء فيه أن ضابطاً في لواء “الناحل” أطلق النار فقتل فلسطينياً كان مع قوة من الجيش الإسرائيلي في منزل في قطاع غزة. أخطأ إذ اعتقد أنه مخرب. الجيش الإسرائيلي أكد التفاصيل وأوضح بأن “الحالة حقق فيها من قائد اللواء، وستطبق دروس التحقيق وستغرس في عمل القوات”. رد الجيش لم يشرح ما الذي فعله الفلسطيني هناك ومن جنده.

يدور الحديث عن ظاهرة منتشرة ومقلقة جداً. القوات في الميدان لاحظوا وجود معاونين فلسطينيين عملوا إلى جانبهم كوحدات مخولة، ودُربوا على مهامهم. الفكرة أعجبت ضباطاً في الميدان. المحلي الذي جندوه، بخير متاع أو قسراً، ألصقوا به اللقب المهين “بعوضة”. وحدات المدرعات والمدفعية فضلت لقباً آخر: “شاويش”. الشاويش بالعربية هو الخادم. وظيفة المحلي هي استباق القوة في تمشيط منزل أو طريق. أحياناً، تكون له وظائف أخرى؛ إعداد القهوة مثلاً؛ إحضار الطاولة؛ إلقاء القمامة. وعليه، فإنه يسمى شاويش. قبل سنوات كثيرة، في خدمة الاحتياط استدعينا لحراسة سجن عوفر في الضفة. دهشنا إذ اكتشفنا بأن السجناء الأمنيين المسجونين هناك يطبخون وجبات المساجين، بالسكاكين وبالنار، بإذن وصلاحيات، ينظفون أوانيهم ومراحيضهم. مخربون شاويشيون. إذا لم نستيقظ في الوقت المناسب، فهناك سيسير احتلالنا في غزة.

 يديعوت أحرونوت 10/1/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب