“كدت أطلق النار على رأسي”.. جنود إسرائيليون: قيادتنا حرمتنا تلقي العلاج النفسي
“كدت أطلق النار على رأسي”.. جنود إسرائيليون: قيادتنا حرمتنا تلقي العلاج النفسي
كان يوماً حاراً. السماء صافية والعصافير تغرد؛ إذا استثنينا الأصوات من حولي، كان الجو رائعاً تماماً. بطاقة بريدية مصورة للحرب، يقف أمامها خمسة جنود عند مدخل أحد الكيبوتسات على الحدود الشمالية محدقين. تنعكس في عيونهم منازل إحدى قرى جنوب لبنان. جنود لواء جولاني الذين أنهوا كميناً للتو، وقفوا هناك لفترة طويلة، خلافاً للأوامر، مكشوفين. يقول ناعوم (اسم مستعار، مثل الأسماء الأخرى في المقال) وهو أحد الخمسة: “الحقيقة أننا لم نكن خائفين”. كانت لدينا نكتة ثابتة مفادها أن القتال مثل لعبة النرد. يمكنك أن تصبح المقاتل الأفضل في العالم، ولكن في النهاية إذا حصلت على نرد سيئ فسينتهي الأمر”.
قبل لحظة من توجههم إلى المبنى المتروك الذي ناموا فيه، قرر أحد ما في حزب الله رمي النرد، وسمع صوت صفارة هادئة: يتذكر ناعوم قائلاً: “لقد أصابت الطائرة منزلاً قريباً منا، ولكن لم يكن لدينا وقت للانحناء”. يسترجع ناعوم “أتذكر أن قلبي كان ينبض بجنون، وكنت على يقين بأنني سأموت”.
كما يبدو، لم يحدث شيء. لم يصب أحد. “عاد الجميع مباشرة إلى ضحكاتهم المعتادة، ولكنني شعرت بأن كل شيء يضيق الخناق علي”، يقول. بعد عدة ساعات عانى فيها من الدوخة والشعور بالخوف، استجمع شجاعته ليتحدث مع قائد فصيله. طلبت أن أرى قادة الأمن. وبدأ يقول لي جملا مثل “هنا هذا جولاني، الجميع هنا مجانين، ولكن المخنثين هم من يذهبون إلى ضابط الصحة النفسية. بعد إصراري، اختفت ابتسامته وبدأ يهددني”.
حدث هذا في أيار الماضي. بعد نصف عام من الحرب. في الوقت الذي مر منذ أن بدأت، تفاخر الجيش الإسرائيلي، بعشرات المنشورات التي أصدرها، بالثورة في مجال الصحة النفسية. يتحدث الجيش عن توسيع جهاز ضابط الصحة النفسية إلى ألف معالج، وكذلك يتحدثون عن إنشاء مراكز تعطي إجابة للجنود الذين لديهم متلازمات ما بعد الصدمة، ويتحدثون عن تشغيل مركز للدعم النفسي. ولكن على الأرض، بعيداً عن أروقة وزارة الدفاع وتل هشومير، تتضح أمامنا صورة مختلفة. تحدثت “هآرتس” مع جنود وضباط ورجال صحة نفسية، وهؤلاء شهدوا على سلسلة حالات منع فيها الضباط العلاج النفسي عن الجنود خلال الحرب. عدد منهم هكذا يتضح من الشهادات، فعلوا ذلك بسبب نقص متزايد في القوى البشرية في الألوية المقاتلة، ما يصعب استكمال المهام؛ وآخر بسبب اعتقادات قديمة فيما يتعلق بمجال الصحة النفسية.
حالة ناعوم تطرح اندماجاً ما بين ظاهرتين. حسب أقواله، فإن قائد الفصيل -وهو ضابط بدرجة ملازم وهو أكبر منه بعام وربما بعامين- اتهمه باختلاق الأمور، وأنه يحاول إيجاد الذرائع للذهاب إلى البيت. “لقد هاجمني واتهمني بأنني أخون زملائي لأني أزيد من نوبات حراساتهم، وأنني إذا تجرأت على الاحتجاج فلن يذهب أي منهم إلى المنزل. في النهاية، قال لي: سيظل هذا بيننا، وإذا تجاوزتني وذهبت إلى قائد السرية وطلبت منه، فإنني أقسم بأنني سأجد طريقة لإلقائك في السجن. لا تحاول معي، هذا خط أحمر بالنسبة لي”.
هذه المحادثة التهديدية فعلت فعلها، وبدلاً من مقابلة شخص مهني شق ناعوم طريقه نحو نوبة حراسة أخرى في أحد المواقع المرتجلة التي أقيمت في الكيبوتس. “جلست هناك ليلاً، هدوء تام. هو يسترجع. سرعان ما بدأ كل شيء يطفو. المخاوف، وكذلك المحادثة مع قائد الفصيل. “هذا قضى علي. لقد جعلني أشعر وكأنني صفر لا قيمة له. أذكر أنني نظرت داخل فوهة السلاح وبدأت بالتفكير في الطريقة الأفضل لقتل نفسي. لقد ترددت هل من المفضل إطلاق النار على رأسي أم صدري، وما الطريقة الأفضل للتصويب؟ أخرجت المخزن، فككته وبدأت أجرب”. في مرحلة ما، حضر زميلي في الفصيل ليحل محلي في الموقع. “صرخ: ما الذي تفعله؟ ومباشرة، اخترعت ذريعة بأنني كنت أنظف السلاح. اليوم، يبدو لي هذا بأن فيه بعض الغباء. ولكن، لو لم يأتِ، فلا أعرف ماذا حدث. أتذكر أنني شعرت تماماً بأن ليس لدي سبب للاستمرار وأنني أريد الموت.
توم لفينسون
هآرتس 13/1/202