“حتى الأردن ساحة حرب”.. لجنة “نيغل” توصي بـ 133 ملياراً: هل يبقى ترامب “لنا ومعنا”؟

“حتى الأردن ساحة حرب”.. لجنة “نيغل” توصي بـ 133 ملياراً: هل يبقى ترامب “لنا ومعنا”؟
لا توجد هناك بشرى وطنية أو اقتصادية عسكرية أو سياسية في توصيات لجنة نيغل الخاصة بميزانية الدفاع في حكومة إسرائيل. ثمة وفرة من التهديدات القديمة، الحالية والجديدة، وتوصية لتمويل الاستعداد لها بمبلغ 133 مليار شيكل على مدى عقد، إضافة إلى ميزانية الدفاع الجارية التي ستكبر هي الأخرى.
في اللجنة بضعة معتمري “الكيبا” ممن أجندتهم العلنية والمعلنة قومية وإلهية أكثر مما هي اقتصادية أمنية. واضح أن تسوية تحرير الكل مقابل الكل في غزة مثل تسويات أخرى في لبنان وسوريا، لن تسعر كعنصر في ميزانية الدفاع التي هي ميزانية حرب.
ليس لدي أدنى فكرة عن الأعداد التي يفترض أن تمثل مشاكل دولة إسرائيل الأمنية، المشكلة أنه ليس لدى أعضاء اللجنة أي فكرة أيضاً. الرب لا يراهن بإلقاء النرد، لكن ألبرت آينشتاين، له في التفسير الحالي للجنة “نيغل” (للرب وليس لآينشتاين وليعقوب نيغل) قرارات قاطعة تسمى فرائض. ويعلو كل هذه الفرائض فريضة بلاد إسرائيل الكاملة، فيما يكون الملحق العملي ميزانية الدفاع وسلامة الحكومة.
المشكلة الأكثر حدة في مستوى رقم الحظ الفائز في مشروع اليانصيب للجنة نيغل هي الحرب ضد إيران. الرقم، أي ميزانية هذه الحرب، غير قابل للتوقع. سواء في مستوى تاريخ تحققها أم كلفتها الاقتصادية. سياسة الحكومة تجاه التهديدات في المديات الزمنية المنظورة للعيان هي استمرار القتال وحيازة مناطق الضفة والقطاع ولبنان وسوريا، أو بلغة البوق الكبير عميت سيغال: “هناك أماكن ستبقى فيها إسرائيل سنوات طويلة”. هذه فرضية عمل تتطابق والتقدير بأن هذه الحكومة ستبقى سنوات طويلة.
بالتوازي، يوجد استمرار للزحف الاستيطاني العنيف في الضفة. أقيمت في السنة الأخيرة عشرات البؤر الاستيطانية غير القانونية التي تجبي أثماناً دموية. لقد ساء وضعنا لدرجة أن حددت لجنة نيغل الأردن كساحة ستؤثر على ميزانية الدفاع. فرضية العمل تقول إننا ملزمون لمقاتلة كل جار عربي وليس السلالة الهاشمية فحسب. هذا هو ذات التفكير الفزع الذي ساد في المنفى وافترض بأن محمد الجولاني، الزعيم الحالي في سوريا، بات تهديداً فورياً يفترض سيطرة على مجال أمني في سوريا وتواصل المنازعات، الجديدة والقديمة.
ربما يكون الجولاني متطرفاً خطيراً. في المدى المنظور، هذا النموذج يتخذ صورة من جاء ليبني دولة ويجدر أن نتصدى له برأس بارد وليس كجيران متحفزين بقبضة ملوحة. ناهيك عن قدرات عسكرية لجيش الجولاني في المدى المنظور.
السؤال هو: هل نملك الوقت الكافي كي تنظم حكومة عاقلة نفسها على صيغة هدوء ما؟ في هذه المرحلة، تفعل الحكومة كل شيء وفي كل جبهة كي تفلت بأن ليس هناك من يمكن الحديث معه. نأمل أن تكون لدى جهاز الأمن مبادرة تنظيمية داخلية لإدارة هادئة من التفاهمات من خلف ظهر الحكومة الحالية.
شهية عظيمة
في الحدود السورية، يأمل الجيش الإسرائيلي بأن يذكرنا بكل ود بحملة “الجيرة الطيبة” في 2016. في حينه، أيد الجيش الإسرائيلي معالجة مئات الجرحى ووفر الوقود والمال والسلاح للثوار في الحرب الأهلية في سوريا ضد بشار الأسد. كان الحساب أننا إذا كنا نساعدهم ضد الأسد فسيوافقون على سيادة إسرائيلية في الجولان. مثل كل فكرة يشارك فيها نتنياهو، انهارت هذه الفكرة أيضاً. عاد الأسد وسيطر على الثوار الذين دفعوا الثمن كما هو دارج للخاسرين في الشرق الأوسط. نتنياهو، بالمناسبة، توجه في ولايته الأولى التي بدأت في 1996، إلى القناة الدبلوماسية في محاولة للتوصل مع الأسد الأب إلى تسوية لاقتسام الجولان. وفشل هناك أيضاً. في نهاية 1999 انتصر إيهود باراك على نتنياهو، وفشل هو أيضاً حين حاول التوصل إلى تسوية. في الخلفية كانت أصوات الاحتجاج من جانب رئيس شعبة الاستخبارات “أمان” في حينه، أوري سغي، الذي ادعى أنه كان ممكناً الوصول إلى تسوية. في هذه الأيام، فتحت لعبة إسرائيل – سوريا من جديد، وهذه المرة شهية متطرفي نتنياهو لإسرائيل الكبرى ليست أقل من شهية الأسد الأب لسوريا الكبرى.
الوضع لدى الجارة الشمالية الثانية، لبنان، يحتاج إلى صيانة ونصيب خاص له في ميزانية الدفاع. بدلاً من إبداء سخاء المنتصرين وعرض تسوية ما على لبنان وحزب الله والرئيس الجديد الذي انتخب لتوه، يسيطر الجيش الإسرائيلي على مناطق عاجلة تحت رعاية صدمة المذبحة في الغلاف ونزول سكان الجليل، وبتشجيع المستوطنين. هؤلاء يستخدمون الخراب اليهودي دليلاً على عدالة طريقنا، لشدة فرح دانييلا فايس وشركائها وحزن عائلة غور كهاتي الذي قتل على مذبح الجنون الاستيطاني، هذه المرة في لبنان.
مثل غزة، سوريا والضفة المشتعلة ولبنان وحزب الله أيضاً هم تهديدات ربما تتحقق، وهذا منوط بنا بالتأكيد أيضاً. كل الدول ذات الصلة بلبنان تريد أن تصل إسرائيل إلى تسوية: روسيا، وفرنسا، وبريطانيا، والولايات المتحدة وحتى السعودية. غير أن الحكومة تعيش في عصر “النصر المطلق” في مزاج الاحتلال، والتدمير، والإبادة والضياع، بروح ذكرى “ما فعل لك عملاق، امحُ ذكر عملاق من تحت السماء”.
عن عمق الفجوة بين المناهج، يشهد حوار عرضي في برنامج “سبت” ما بين غيال شوريش، ضابطة استخبارات سابقة في الموساد، ويارون بوسكيلا مقدم احتياط في لواء قتالي. وكلاهما برتبتين متوسطتين أمنياً وهوة تفغر فاها بينهما.
شوريش: “علينا الخروج من التكتيك والتحدث عن تسويات مع إيران وحزب الله”.
بوسكيلا: “هل ترين تسوية مع حزب الله وإيران؟ هل ترين واقعاً كهذا؟”.
شوريش: “نعم، نعم”.
بوسكيلا: “يخيل لي أنكِ لا تفهمين ما هما إيران وحزب الله. هؤلاء ليسوا جهات تريد التوصل معنا إلى أي تسوية”.
هذا حوار طرشان، والفجوة في المفهوم الأمني هي جزء من الهوة السياسية والأيديولوجية في إسرائيل. بوسكيلا يشغل منصب مدير عام حركة البيبي أمنيين، وشوريش عضو في حركات الاحتجاج. أفترض أن الموضوع المشترك الوحيد هو ميزانية أمن كبيرة: هو كي يقاتل، وهي كي تضمن السلام.
عودة إلى إيران، التي يفترض أن تكون حاضرة في ميزانية لجنة نيغل. الجيش الإسرائيلي لن يخرج وحده إلى حملة تصفية النووي الإيراني، باستثناء حالة يكون فيها ايفي إيتام، من أعضاء لجنة نيغل، وزير الدفاع، وعوفر فينتر رئيس الأركان. الأساس العملياتي هو تعاون إسرائيلي وأمريكي. معركة الوعي على الحاجة إلى حرب وقائية هي “معلومات استخبارية” بأن إيران على مسافة خطوة من القنبلة.
على حد فهمي، في نهاية اليوم ستكون للجمهورية الإسلامية (ستكون) قنبلة تنتج تهديداً نووياً إيرانياً – مثل العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي منذ الحرب الباردة. رهان نتنياهو أن يأمر ترامب الجيش الأمريكي بالارتباط بالجيش الإسرائيلي كي يشارك في الجهد. هذه الفكرة تقوم على أساس فرضية العمل بأن ترامب “منا” و”معنا”. فرضية عمل لا تنشأ حتى في عقل ميلانيا، زوجة ترامب. ربما لدى أستورني دانييلز، لكن حتى عندها وعند ترامب، هذه فكرة صحيحة لساعتها.
إجمالاً، تنفيذ ميزانية دفاع ينشأ عن نوايا المستوى السياسي. النية اليوم هي “انتصار مطلق” في كل الجبهات ومع احتمال غير سيئ لتخريب إسرائيل بالدم والنار وعواميد الدخان.
ران أدليست
معاريف 17/1/2025