مقالات
كيف تريدون العدالة في عالمٍ يتحكّم به مجرمُّ ومجنون ! بقلم نبيل الزعبي
بقلم نبيل الزعبي -طليعة لبنان-
كيف تريدون العدالة في عالمٍ يتحكّم به مجرمُّ ومجنون !
بقلم نبيل الزعبي
باستثناء رئيس وزراء الكيان الصهيوني وحلفائه من اليمين الديني الذين يقودون مجتمعهم إلى المزيد من التطرُّف والعنصرية ، لم يلقَ موقف الترامب الاميركي من افراغ غزة من ساكنيها وتوزيعهم على مصر والاردن ايّ ترحيبٍ او مجرّد تأييدٍ لفظي من مختلف دول العالم ، الحلفاء منهم للبيت الأبيض والخصوم على السواء او حتى الذين وقفوا دائماً على الحياد في قضية الصراع العربي – الصهيوني ، غير ان ما أثار العجب في تلك المقترحات الترامبية هو تراجع الرئيس الاميركي المنتخب عن وعوده التي تعهّد بتنفيذها للعرب والمسلمين الاميركيين كما جاء في الوثيقة التي أُعلِنَ عنها من احدى مناطق ولاية ميتشيغان ذات الثقل العربي والإسلامي الانتخابي إبان الانتخابات الرئاسية بأنه سيكون منصفاً وعادلاً بشأن معاناة الفلسطينيين على عكس ادارة اوباما التي تخبطت بين الوعود ونكثها فلم تُرضِ الصهاينة ولم وزادت من غضب العرب .
لقد بلغ الصَلَف الاميركي في تعامله مع حلفائه إلى حد اذلالهم وهو يعلّق على موقفي حاكمي مصر والأردن من التسفير الجماعي بقوله : “انهم بالنهاية سيقبلون”،متجنبّاً القول : انهم عملاؤنا في المنطقة والقول الأخير لنا وليس لهم ، وكم كان من المُريح له ولهم ان يقولها علناً لاستشراف مشهدية الايام المقبلة ، الأَمَرّ والأقسى التي تنتظر الشعب الفلسطيني دون رتوش ومواد
“حافظة”تجميلية لطالما استعانت بها هذه الأنظمة للحفاظ على الصورة التي تسوّقها لنفسها امام شعوبها غير مُتَحَسِّبة للتسونامي الجديد الذي سيكشفها على حقيقتها ولن تعود كل “طلاءات” العالم لتنفعها غداً .
ماذا ينقصنا كعرب ومسلمين ان نقول(لا)لليانكي الاميركي الجديد المتربّع على حِكم العالم او كما هو يعمل لذلك ولم يكن ليمرّ عليه ايامُّ معدودات في البيت الأبيض حتى شَغَلَ العالم كلّه بقرارات لم يعد من الممكن التمييز فيها بين الجَدّ والجنون او الأحرى هذا الاستهتار المتمادي بسيادة الدول وكرامات شعوبها وعزّتهم الوطنية ، ونحن العرب الذين اكتوينا منذ اغتصاب فلسطين بهذا الاستهتار الجهنمي ، ندرك اكثر من غيرنا من كل الامم ما سوف ينتظرها ان ساومت او تخلّت او ضعفت امام هذا الجموح الاميركي الجديد الذي لن يوقفه سوى
“المواقف”الكفيلة بعدم اراقة “ماء الوجه” على الاقل إمام التهديدات التي لم تعد تطال كياناً او دولةً بحد ذاتها ، وانما بات جليّاً ان ادارة ترامب بصدد فَرْدْ جناحيها على كل المعمورة شرقاً وغرباً مستثتيةً الكيان الصهيوني الغاصب لارض فلسطين ومعلنةً عن سابق تصوُّرٍ وتصميم دعمها المطلق له في ابادة الشعب الفلسطيني في غزة وتحويل مدنه وحواضره إلى ركام غير قابل للسكن ، ما تنوي علناً إلى تهجيرهم منها بِنِيَّة اعادة بنائها وتحويلها إلى”ريفييرا” جديدة تيمناً بالريفييرا الشهيرة على الساحلين الإيطالي والفرنسي كمقصد لليخوت وأندية القمار ومواخير الدعارة وفنادق الخمس نجوم وملتقى اثرياء العالم وليعِش الفلسطيني بعدها على فتات موائد العالم ولتندثر قضيته إلى الابد فلا يُسمَع له سوى اصوات الاستغاثة المطالبة بالطحين والمياه الملوثة وبيوت”الكرافان” الجاهزة .
واذا كان التاريخ سيسجل ان ابناء غزة والضفة الغربية سيكونون في مقدمة اصحاب ال( لا) التي ستحرق شرارتها الجميع لتقلب السحر على الساحر ، فإن موقف رئيسة المكسيك الذي واجهت به تدابير ترامب بشأن الهجرة والحدود والضرائب وما سينتج من خسارة متوقعة للاقتصاد الاميركي مستقبلاً قبل غيره من اقتصاديات العالم في ظل السياسة الترامبية الجديدة ، يضاف اليها مفاجأة الصين بإنزال الولايات المتحدة عن عرش التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي عن طريق تطبيق الdeep seek إضافة إلى السعي الحاصل من قِبَل بعض الديموقراطيين لمحاكمة ترامب ولو رمزياً حتى بوجود أغلبية جمهورية داخل الكونغرس الاميركي بمجلسيه ، وليُضاف ايضاً تنديد المحكمة الجنائية الدولية مؤخراً بالعقوبات التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على المحكمة، متعهدةً بـ”مواصلة إحقاق العدالة في العالم”،إلى خروج صوت من داخل الكيان الصهيوني يرفض اقتراح ترامب “بالسيطرة” على غزة، على لسان رئيس الوزراء الأسبق ايهود أولمرت الذي اكد أن هذه”الخطة غير قابلة للتطبيق لأن الأراضي ليست ملكاً لإسرائيل حتى نمنحها لأحد”، مشيراً في ذلك إلى تصريح لترامب بأن “إسرائيل” ستسلم قطاع غزة إلى الولايات المتحدة بعد انتهاء القتال ، فان ما تقدم ليس سوى مؤشرات ايجابية تشي باننا امام مرحلة جديدة من التحدي اهم ما يميزها اننا لم نعد وحدنا في معاركنا المصيرية التي لم تعد دول العالم ، شرقاً وغرباً ، بمنايً عنها سواء بأقرب الحلفاء إلى اميركا في كندا والمكسيك او بالقارة الأوروبية مجتمعة التي سيفرض ترامب عليها”الخوّة”غداً مقابل حمايتها دون ان يكتفي بمطالبته بضم كندا والغرينلاند وقناة باناما , ومن سخرية القدر ان الجميع اعتقد يوماً ان هذا الترامب ليس سوى مضارب عقاري من الممكن التعامل معه بتقديم المزيد من الالتزامات لتنفيذها ، غير انه فات الجميع ان من اخطر سمات المرحلة هي ولادة مجنون حقيقي يحكم العالم ويزيد من خطورته ان مجرماً يقبع في الكيان الصهيونبي سيكون شريكاً له غداً ليبقى هذا الغد في عداد المجهول حتى إشعارٍ آخَر .