العلاقة بين الدين والسلطة ( الحلقة – 3 – 5)
عرض وتلخيص : علي رهيف الربيعي
تستخدم بعض الأنظمة السياسية والطبقات الحاكمة الإسلام كأداة فعالة في تثبيت شرعيتها وسيطرتها. وربما يمكننا أن نقول إن السلطة تمكنت من أن تسيطر على الدين منذ معاوية وتحوله إلى أداة في خدمتها وليس بالضرورة في خدمة الأمة ولأهداف سياسية اقتصادية، وليس في سبيل العبادة . وفي العصر الحديث لم تكتف السلطات في تدعيم سلطتها بالاعتماد على الجيوش والأحزاب الموالية والحماية الأجنبية، بل استخدمت أيضا القبلية والدين والطائفية في تعزيز شرعيتها والقضاء على المعارضة الداخلية مقارنة خوف الله بخوف السلطة . في مصر استولى محمد علي على المؤسسة الدينية وجعل العلماء موظفين في مجالات التنشئة السياسية ومحاربة اعدائه ووسيلة للعلاقات العامة. تذكر المؤرخة عفاف لطفي السيد ان عالما في الأزهر هو الشيخ خليل ابن أحمد الرجبي وضع بإشارة من سيده كتابا عنوانه تاريخ محمد علي خصص فيه فصلا حول خدمة الجيش واستعان بنصوص من القرآن والحديث ليظهر ان الجندي الذي يموت في المعركة يذهب إلى الجنة (1). وتأسست في عدد من البلدان العربية الأخرى أسر حاكمة على اساس تحالف قبلي – ديني متين كما يتجلى في الوهابية والسنوسية والمهدية وغيرها.
هذه أمثلة لظواهر نعرفها جيدا ويكفي ان نشير إلى الحكم في المملكة العربية السعودية لنعرف مدى ومجالات استعمال الدين في الداخل والخارج في عملية السيطرة السياسية . المهم هنا هو أن نبحث بمصادر قدرة الدين على ضبط الشعب وتطويعه، فقد برهن الدين على فاعليته القصوى في هذا المجال لأسباب عديدة تشمل ما يلي :
أولا، في حين يمكن مناقشة القوانين المدنية باعتبار انها من صنع الإنسان ويفترض بها الخطأ أو الصواب في ضوء التجارب الإنسانية والنتائج العملية ، تكاد تتعذر مثل هذه المناقشة في حالة الشرائع الدينية باعتبار انها تمثل الإرادة الإلهية وتصدر عن الله وليس الإنسان ، وبذلك يمكن للحاكم ان يدعي انه ينفذ إرادة الله في عباده . نشرت جريدة الشرق الأوسط السعودية في عددها الصادر في ٢٦ حزيران / يونيو ١٩٨٠ ردا لأحد كتابها جاء فيه :
” سبق لي وان كتبت موضوعا… تحت عنوان ” الرجال قوامون على النساء “. وبعد مدة… فوجئت ببعض الأقلام النسائية تعترض على ما كتبته وتهاجمني وقد حاولت التزام الصمت .. ولكن يبدو أن الأمر قد زاد عن حده … فوجدت نفسي مضطرا للرد … بالمختصر المفيد … اقول لجميع اللواتي اعترضن … نعم ” الرجال قوامون على النساء ” شئتم ام ابيتم ، وهذا قول الخالق عز وجل وليس قولي انا فلماذا الاعتراض على قول الله ؟ “.
يتبع..
(1) حليم بركات، الهوية أزمة الحداثة والوعي التقليدي، رياض الريس بيروت، ٢٠٠٤،
(2) المجتمع العربي المعاصر ، بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية، ١٩٨٤
2025 /02 / 10
