مقالات
سيدي الرسول سقاني بكأسه رواني
![](https://sawtoroba.com/wp-content/uploads/2025/02/د-محمد-غاني.jpg)
سيدي الرسول سقاني بكأسه رواني
د محمد غاني
كاتب المغرب
عنوان هذا المقال مقتطف من قصيدة زجلية صوفية معروفة مشتهرة على ألسنة جميع المغاربة في مختلف المناسبات العائلية، تنشد سواء كقصائد دينية أو طربيات أندلسية على انغام العود، تنسب للولي الصالح الشهير دفين بجعد ابو عبيد الشرقي الذي عاش خلال القرن السادس عشر الميلادي، و الذي جعلني اكتب عن هاته القصيدة هو فهم يتجدد لهذا المعنى حيث كنت اظن ان مضمون هذا البيت يختص به الاكابر من الاولياء و الصالحين الذين تحصل لهم الرؤية النبوية في المنام او انعم الله عليهم بزيارة الحرم النبوي بالشروط الشرعية و سلامة الصدر ، في حين أن كل المسلمين من يوم خلق الله الدنيا و الى يوم القيامة يشربون من ماء زمزمه الروحي و هو ماء محبته صلى الله عليه و سلم الذي يشعر به في قلبه كل مسلم و مومن و محسن بالتعبد بمختلف التعبدات الشرعية لانها قنوات الماء الغيبي الذي يسري في القلوب لترتوي ارض التوحيد فتفلح فلاح المومنين فينجون من دار البوار.
و كلهم من رسول الله ملتمس…غرفا من البحر او رشفا من الديم
ارض التوحيد التي هي القلب أو طور سيناء القلوب دائما متواجدة لدى كل محب لله تعالى لذلك فعيون الماء الغيبي تنفجر كلما تجلى ربه للجبل فجعله دكا فيخر موسى القلب صعقا من سجدته الابدية، حيث ان سجود القلب خضوعه و هو المطلوب وهو غير سجود الجسد ، فإنما يتدرب الجسد على السجود خلال الصلوات ليحقق سجود القلب ، كما يتدرب الجسد على الحج لبيت الله الحرام اما بنية الحج او العمرة ليحقق الحج القلبي لله تعالى دائما و ابدا فتعمر اسواق التجارة الروحية مع الله كما يضيف صاحب قصيدة اخرى للعارف بالله عبد الرحمان المجذوب طلع النهار على القمر الى أن يقول : السوق عامر في قلبي و حوانيته قيسارية، فالحج القلبي الدائم تجارة لن تبور و البوار ضد الفلاح . و الفلاح مقصد كل مومن بدليل قد أفلح المومنون.
ان الفلاح الذي يشير إليه المولى عز وجل في كتابه الحكيم هو نتيجة حتمية لمن شرب ورد القرآن الكريم الذي قدمه الرسول الاكرم شرابا مستساغا من عسل مصفى في كأس لذة للشاربين، كأس معنوية لا يشرب من حوضه الشريف صلوات ربي و سلامه عليه غدا يوم القيامة الا لمن سبق له أن شربه من يده المعنوية التى تقدم لنا كؤوسا معنوية كل صلاة و كل تسبيحة و كل تكبيرة و كل تهليلة و كل صلاة على النبي المختار صلى الله عليه وسلم .
قال احد العارفين منشدا في هذا المعنى؛
فذقت شهد الرضا في حال صفوكم
والحال رقَّ لـــــــــشامخ الأطواد ِ
وشموس معرفة سرت في هيكلي
فحق يقيني مثــــــــــبتا إشهادي
فحال الأحبة محجب عـــــن منكر
لفيض الإله متوجا ًلــــــــــعبادي
أقصد حماهم طالبا رضــــــــاهم
نفس المعنى تجدد لي في فهم مطالع قصائد مماثلة كنت اسمعها من كل المغاربة طول صغري اذكر منها على سبيل المثال لا الحصر : قدوم الحبيب تمام السرور وكأس المحبة علينا يدور
فأهلا وسهلا بمن زارنا أمير الملاح وتاج البدور.
حيث كنت اظن ان هذا المعنى بعيد الحصول الا لمن حصل له اجل رواية الرسول في المنام في حين أن قدومه صلى الله عليه وسلم في كل صلاة عليه حيث يرد علينا السلام كما ورد في مختلف الأحاديث الصحيحة ، او قل فهو يقدم الينا حين نكبر كل صلاة لان ماءه الغيبي الذي يتخلل الصلاة ما كان ليصل الينا من حوضه الشريف لولا قنوات الشرائع و العبادات المشروعة لذلك كان الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم كمعنى باب لكل فتح رباني على كل محب لله تعالى .
لفهم هذا المعنى يقول احد العارفين بالله و هو عبد الرحمن المجذوب الذي عاش خلال القرن السادس عشر و دفن بمكناس
الخلق نوار…و انا ارتعت فيهم….هم الحجب الكبار و المدخل فيهم
يشير بذلك إلى معنى ورد في الحديث الشريف الذي رواه الإمام أحمد والبخاري في الأدب المفرد و أبو داود وابن حبان والطيالسي عن أبي هريرة مرفوعا: لا يشكر الله من لا يشكر الناس. وهو حديث صحيح صححه الألباني . ورواه أحمد