مقالات
العلاقة بين الدين والسلطة ( الحلقة – 5 والأخيرة) عرض وتلخيص : علي رهيف الربيعي
عرض وتلخيص : علي رهيف الربيعي
![](https://sawtoroba.com/wp-content/uploads/2024/05/robaiei-ali.jpg)
العلاقة بين الدين والسلطة ( الحلقة – 5 والأخيرة)
عرض وتلخيص : علي رهيف الربيعي
خامسا، كثير ما يستند الإيمان الديني إلى عاطفة الخوف من قوى مجهولة لا يقوى الإنسان على فهمها والتحكم بها . يقول لنا عدد كبير من منظري الطبقات الحاكمة إن الشعب فقط عن طريق الإحساس بقوى مخيفة غامضة تتهدده فيسعى لاسترضائها واكتساب رحمتها . قديما قال ارسطو إن الدين يرى ان الجماهير لا يمكن السيطرة عليها عن طريق الإقناع بل عن طريق الرعب الغامظ والمخاوف المآساوية . ويعلق مونتسكيو بأن المشرعين الرومان أرادوا ان يوحوا للشعب الذي لا يخاف شيئا بالخوف من الآلهة واستخدموا هذا الخوف في توجيهه حيث أرادوا (1).
تجاه هذه الأوضاع نستطيع أن نفهم مقولة ” ان الناس على دين ملوكها “، أو لماذا يسهل استخدام الدين كأداة سيطرة . وفي ظل سيادة الأوضاع التقليدية تتمكن السلطة من تهميش ومعاقبة الأفراد والحركات التي ترفض أن تكون على دين ملوكها. وباسم الدين يكون العقاب صارما لا يناقش وتكثر المكبوتات . وما أكثر المكبوتات العربية التي لا يجرؤ البعض حتى على أن يناقشها مع نفسه وفي وحدته.
وكما يستخدم الدين كأداة سيطرة ، يمكن أن يستخدم أيضا كأداة تحريض ضد السلطة وذلك من قبل بعض قوى الطبقات الوسطى الناشئة وخصوصا في ازمنة انحلال المجتمع المدني نتيجة لاستبدادية السلطة وإلغاء الحريات . وخير مثال على ذلك الحركات السياسية الدينية كالإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية الأخرى في مصر وسوريا والعراق والثورة الإيرانية الخمينية ( خصوصا قبل وعند نجاحها عام ١٩٧٩) التي ما ان اسقرت حتى اخذت تستخدم الدين كأداة سيطرة في الداخل وأداة تحريض في الخارج.
وتتوزع هذه الحركات الدينية التحريضية بين تيارين رئيسيين : التيار اليميني الذي يتمثل بالإخوان المسلمين وبكتابات مفكريه من أمثال حسن البنا وسيد قطب وحسن الهضيبي وحسن الترابي ، والتيار اليساري الذي يتمثل ببعض كتابات علي شريعتي وحسن حنفي.
ان نشوء هذه الحركات الدينية اقترن بالأزمات الاقتصادية والسياسية ، وضعف أو فشل الحركات القومية والاشتراكية ، واستبدادية الحكومات التي حاربت الحركات والمنظمات المدنية ( كالأحزاب والنقابات والجمعيات المهنية) وشجعت قيام الحركات الدينية ، وقيام دول دينية ( إسرائيل) وأنظمة طائفية ( لبنان) في المنطقة ، والحداثة الاستهلاكية المشوهة، والفروقات الطبقية المتزايدة ، والتبعية السياسية والاقتصادية للغرب ، وتهدم القيم التقليدية من دون أن تحل محلها قيم جديدة ، والهجرة الواسعة من الريف إلى المدينة ، وانتشار الفساد بانحلال العلاقة بين الوسائل والأهداف ، إلخ. ثم إن بعض الحكومات استعملتها في خدمة أهدافها الداخلية والخارجية وخصوصا في محاربتها للقوى الوطنية واليسارية العلمانية.
إن استخدام الدين كأدوات فعالة في الصراع القائم لا تقتصر على الإسلام . في بلدان أمريكا اللاتينية، مثلا، استعملت المسيحية ولاتزال كأداة سيطرة ( كما يتجلى من خلال ارتباط الكنيسة بالأنظمة المحافظة بما فيها الأنظمة العسكرية المستبدة)، كأداة تحريض ( كما يتجلى من خلال حركة ثيولوجية التحرير )، وكاداة مصالحة واستكانة ( أو ما سماه بولو فرايري ثقافة الصمت في كتابه تربية المضطهدين).
انتهى..
الهوامش
(1) حليم بركات، المجتمع العربي المعاصر، ص٣٦٨.
(2)حليم بركات، الهوية أزمة الحداثة والوعي التقليدي، رياض الريس، بيروت ٢٠٠٤.
2025 /02 /12