لبنان: رسائل استقواء لـ «حزب الله» على طريق المطار تحاول محاصرة العهد والحكومة

لبنان: رسائل استقواء لـ «حزب الله» على طريق المطار تحاول محاصرة العهد والحكومة
بيروت / سعد الياس
قبل أسبوع على تشييع أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله وخليفته السيد هاشم صفي الدين في مدينة كميل شمعون الرياضية في بيروت تحت شعار «إنَّا على العهد»، يضع «حزب الله» ثقله ليكون الحشد الشعبي أكبر من الحشد في الذكرى العشرين لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري في ساحة الشهداء، ولإيصال رسالة إلى الداخل والخارج على احتفاظ «الحزب» بفائض القوة ورفض التعاطي معه كحزب مهزوم في مقابل إسرائيل، وهو ما حاول التعبير عنه في أكثر من مناسبة أولها عندما حاول توظيف مشهد عودة الأهالي إلى قراهم الحدودية على أنه انتصار وتحرير جديد، فسيّر مواكب الدراجات النارية من الضاحية في اتجاه أحياء سنية ومسيحية ودرزية في بيروت وشبعا والشويفات في استعادة لتجربة القمصان السود على عتبة تشكيل الحكومة والكباش حول التمثيل الشيعي.
ثانيها عند قطع طريق مطار رفيق الحريري الدولي 3 مرات في المرة الأولى اعتراضاً على تفتيش ركاب طائرة إيرانية وفي المرتين الثانية والثالثة الأكثر تعبيراً وتجاوزاً للحدود لدى منع طائرة «ماهان إير» الإيرانية من الهبوط في مطار بيروت حيث قام مناصرو «حزب الله» بعراضة كبرى وعمدوا إلى أعمال شغب قطعوا في خلالها أكثر من طريق يؤدي إلى المطار ولم يوفّروا باعتداءاتهم المارة من مدنيين أو عسكريين، وتجرّأوا على اعتراض موكب لقوات «اليونيفيل» يضم 3 سيارات جيب وإحراق إحداها وجرح نائب القائد العام في القوة الدولية الجنرال النيبالي شوك بهادور داكال، ما جعل «اليونيفيل» تعتبر هذا الاعتداء «انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وقد يشكل جريمة حرب»، وما دفع بالسلطة السياسية في لبنان المتمثلة برئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ووزارة الداخلية إلى إتخاذ مواقف صارمة أمام هول المشهد وإعطاء التوجيهات للجيش اللبناني للتدخل بكل حزم لتوقيف المخلين بالأمن ومنع المساس بالسلم الأهلي وفتح طريق المطار. وبناء لهذه الأوامر تم توقيف أكثر من 25 متظاهرا ثم جرت مداهمات من قبل القوة الضاربة في الضاحية الجنوبية التي بقيت لسنوات طويلة ملاذاً آمناً للمطلوبين للعدالة وأبرزهم من إتهموا بالقيام بسلسلة الاغتيالات السياسية.
اعتبرت اليونيفيل اعتراض موكبها انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وقد يشكل جريمة حرب، ما دفع بالسلطة السياسية في لبنان إلى إعطاء التوجيهات للجيش اللبناني للتدخل بكل حزم لتوقيف المخلين بالأمن
واللافت أن هذه التحركات الاحتجاجية من قبل مناصري «حزب الله» والتي حاول «الحزب» التبرؤ منها ونسبها إلى عناصر فوضوية وغير منضبطة، ترافقت مع حملة تحريض علنية على العهد الجديد المتمثل برئيس الجمهورية العماد جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام واتهامهما بالخضوع للقرار الإسرائيلي بأسلوب مذل إضافة إلى توجيه الإهانات للجيش اللبناني والتحذير من عدم الرهان على مستوى الانضباط لدى قواعد «حزب الله» إذا شعرت بنية لإذلالها. وفي محاولة لاستثارة المشاعر وإبقاء جمهور «الحزب» في حال استنفار حتى موعد التشييع تحدث هذا البعض عن رغبة في قطع العلاقات بين لبنان وإيران من خلال منع شركات الطيران الإيرانية من الهبوط في مطار بيروت لمنع الإفادة من أي دعم مالي أو غير مالي من أجل إعادة الإعمار بموازاة التضييق على مؤسسة «القرض الحسن» ومنعها من التداول بالأموال وصولاً إلى اعتبارها مخالفة للقانون.
وإلى موضوع الطائرة الإيرانية، يبقى موضوع تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701 بكامل مندرجاته محور تفسيرات متعددة وإذا كان محصوراً بجنوب نهر الليطاني أم يشمل شمالي الليطاني أيضاً وكل لبنان. وإذا كان الرئيس نواف سلام أكد أن «ما يجب أن يُطبّق على مساحة لبنان من النهر الكبير إلى الناقورة هو ما ورد في وثيقة الوفاق الوطني لجهة بسط سلطة الدولة اللبنانية بقواها الذاتية على كامل أراضيها»، منتقداً «التذاكي» في السنوات الماضية حول المنطقة المنزوعة السلاح جنوب الليطاني، فإن رئيس مجلس النواب نبيه بري أعاد فتح النقاش حول السلاح شمال نهر الليطاني من خلال قوله «إن هذا الأمر يعود للبنانيين ولطاولة حوار تناقش استراتيجية دفاعية» وهذا ما كان أكد عليه نائب أمين عام «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم ويتناقض مع ما ورد في خطاب القسم للرئيس جوزف عون حول احتكار الدولة لحمل السلاح.
وعلى هذا الأمر، يستعير الوزير جو عيسى الخوري وهو أحد أعضاء صياغة البيان الوزاري ما ورد في قصيدة الشاعر نزار قباني ليرد على الفصل بين جنوب الليطاني وشماله بأنه «لا توجد منطقة وسطى ما بين الجنة والنار». وما لم يقله عيسى الخوري الذي سمّته «القوات اللبنانية» في الحكومة لوزارة الصناعة أكدته أوساط سياسية لـ «القدس العربي» من «أن التذاكي لم يعد يمر، ولا يجوز لمن وافق ووقّع على اتفاق وقف النار تحميل رئيسي الجمهورية والحكومة وزر ما ورد في الاتفاق من تعهدات بتفكيك البنية العسكرية للحزب في استعادة لتجربة 2006 التي دفع أبناء الطائفة الشيعية ثمنها في الطليعة ازهاقاً لآلاف الأرواح وتدميراً لعشرات القرى وتهجيراً لمئات الآلاف».
ويقول أحد المواكبين لإعداد البيان الوزاري بأنه إذا كان جمهور «حزب الله» يلجأ إلى التصعيد في الشارع بهدف فرض أمر واقع في متن البيان من خلال الإشارة صراحة أو مواربة إلى الاستراتيجية الدفاعية انطلاقاً من رفض إسرائيل انسحاب كامل قواتها من جنوب لبنان، فهذا الضغط لن يجدي، سائلاً «ماذا فعل هذا السلاح وهل حمى فعلاً لبنان أم هو استدرج إسرائيل لتحتل مجدداً جنوب لبنان؟». أبعد من ذلك، يسأل البعض هل يدرك «حزب الله» أنه بمثل هذه الممارسات على طريق المطار يقدّم هدية مجانية لإسرائيل التي ستزعم أن الدولة اللبنانية غير القادرة على بسط سلطتها في محيط مطار بيروت لن تكون قادرة على بسط سيطرتها على الجنوب وقد تنتهز هذه الممارسات للإبقاء على احتلالها النقاط الخمس.
وفي انتظار بت هذه المسألة، فإن مناسبة تشييع نصرالله وصفي الدين الأحد المقبل وما قبلها وما بعدها ستكون اختباراً لكيفية تعامل «حزب الله» وخصوصاً جناحه الأمني مع المتغيرات الجديدة وإذا كان سيتخلى عن حلم «الدويلة» ويسير بمشروع «الدولة» ولاسيما بعد انضمام الرئيس سعد الحريري إلى أغلبية اللبنانيين، ودعوته الصريحة للبيئة الشيعية الحاضنة «بوجوب كسر أي انطباع من السابق عن أنها قوة تعطيل واستقواء وسلاح».
ـ «القدس العربي»: