تحقيقات وتقارير

من مقاعد الدراسة إلى ساحات القتال.. مصريون في قبضة أوكرانيا بعد انضمامهم للجيش الروسي- (فيديوهات)

من مقاعد الدراسة إلى ساحات القتال.. مصريون في قبضة أوكرانيا بعد انضمامهم للجيش الروسي- (فيديوهات)

تامر هنداوي

القاهرة- كشفت مقاطع فيديو نشرها الصحافي الأوكراني ديميتري كاربينكو عن وجود أسرى مصريين في أوكرانيا بعدما تم توقيفهم خلال مشاركتهم في عمليات للجيش الروسي.
وظهر الطالب المصري محمد رضوان في فيديو يتحدث باللغة الروسية عن واقعة أسره من قبل الجيش الأوكراني، وتحوله من طالب قادم لدراسة الطب إلى مجند في الجيش الروسي.
أثار الفيديو حالة من الغضب والحزن في قرية المريس بمحافظة الأقصر، جنوب مصر، مسقط رأس رضوان.
وتواصل الصحافي مع والدة محمد خلال الفيديو، حيث طمأنها محمد على نفسه، مؤكدًا أنه ينتظر تحركاً لتبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا.
وظهر في الفيديو شاب آخر، قال إنه وقع في الأسر قبل6 أشهر، ولا يعرف مصيره، وينتظر عملية تبادل الأسرى، مؤكدًا أنه حال ترحيله إلى مصر سيتعرض للسجن.

قصة محمد رضوان: من دراسة الطب إلى الأسر في أوكرانيا

بدأت قصة رضوان في ديسمبر/كانون الأول 2021، عندما توجّه إلى روسيا لدراسة الطب، بعد أن حصل على 88% في نتيجة امتحانات الثانوية العامة، وهو مجموع لم يمكنه من الالتحاق بكليات الطب في مصر، حيث كان الحد الأدنى للقبول بكليات الطب 90.7%.
قرر الشاب السفر إلى موسكو، حيث تقبل جامعاتها الطلبة المصريين بمجموع أقل في الثانوية.
بدأ رضوان دراسة اللغة الروسية لمدة عام، قبل الالتحاق بكلية الطب في الجامعة الفيدرالية الروسية في مدينة كازان، لكنه لم يستطع تحمل تكلفة الدراسة المرتفعة، وسرعان ما قرر التحول إلى دراسة الاقتصاد، الأقل تكلفة.
اتجه رضوان إلى البحث عن عمل يساعده على استكمال الدراسة، في ظل عدم قدرة أسرته على تحمل كامل التكلفة، خاصة بعد تدهور الأوضاع الاقتصادية في مصر، وانخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار.
رفض رضوان العودة إلى مصر، رغم وضعه غير القانوني، إذ كان يعتقد أن عمله في روسيا يوفر له دخلًا أفضل من العمل في أي وظيفة في القاهرة.

من طالب إلى متهم في قضية مخدرات

نتيجة انشغاله بالعمل بدوام كامل، وإهمال الدراسة، فُصل رضوان من الجامعة، ما أدى إلى إلغاء تأشيرته وإقامته.
بدأ العمل في توصيل الطلبات (ديليفري)، وفي إحدى الرحلات حمل طردًا من مدينة كازان إلى مدينة أخرى، دون أن يطلع على محتواه.
لكن خلال كمين أمني على الطريق، اكتشفت الشرطة وجود 10 كيلوغرامات من المخدرات في الطرد. لم يتمكن رضوان من إثبات عدم صلته بالمخدرات، أو الوصول إلى صاحب الطرد، فتمت محاكمته بتهمة حيازة المخدرات، وحُكم عليه بالسجن 7 سنوات.
التجنيد مقابل الحرية والجنسية
بعد قضاء أشهره الأولى في السجن، عرضت عليه السلطات الروسية الانضمام إلى الجيش مقابل إسقاط الحكم ومنحه الجنسية الروسية.
وافق رضوان على العرض دون تفكير، لكنه فوجئ بعد تدريب قصير لمدة 10 أيام، بأنه نُقل إلى الخطوط الأمامية للجيش الروسي في مواجهة القوات الأوكرانية مباشرة.

ولم تمر سوى 4 أيام حتى وقع رضوان في أسر الجيش الأوكراني.

أسرى مصريون آخرون في قبضة أوكرانيا

لم يكن رضوان الأسير المصري الوحيد، ففي 11 يناير/كانون الثاني الماضي، نشر الصحافي الأوكراني ديميتري كاربينكو فيديو لأسير مصري آخر لدى الجيش الأوكراني.
الشاب، الذي لم يُفصح الصحافي الأوكراني عن اسمه، كان يعيش مع أسرة ميسورة الحال في الإمارات، حيث يعمل والده محاسبًا، ووالدته ربة منزل.
بعد إنهائه الثانوية في دبي عام 2015، عاد إلى مصر لاستكمال دراسته الجامعية، لكنه لم يتأقلم مع الحياة في القاهرة، فعاد إلى دبي، ومنها إلى مدينة أوديسا في أوكرانيا عام 2020، حيث التحق بالأكاديمية البحرية الأوكرانية.
مع اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا عام 2022، لم يستطع استكمال دراسته في أوديسا بسبب ظروف الحرب، فانتقل إلى موسكو عام 2023.
بعد عام من الدراسة، عُرض عليه في مارس/آذار 2024 الانضمام إلى الجيش الروسي.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، نشر موقع “أر بي سي” الأوكراني تقريرًا يفيد بأن قوات المظلات التابعة للجيش الأوكراني أسرت جنديًا روسيًا، اتضح فيما بعد أنه طالب مصري، انتقل إلى روسيا لدراسة تكنولوجيا المعلومات قبل تجنيده في الجيش الروسي، وإرساله للقتال في مدينة كوراخوف الأوكرانية.

موجة هجرة الطلاب المصريين إلى روسيا

خلال السنوات الماضية، لجأ الكثير من الطلاب المصريين إلى السفر إلى روسيا ودول شرق أوروبا والسودان، للالتحاق بتخصصات جامعية بعد فشلهم في تحصيل مجموع يؤهلهم لكليات القمة في مصر.
وكشفت إحصائيات روسية عن زيادة عدد الطلاب المصريين في الجامعات الروسية بمقدار 5 مرات عنها خلال السنوات الأربع التي سبقت الحرب.
ووفقًا للإحصائيات، ارتفع عدد الطلاب المصريين في روسيا من 2300 طالب في 2018 إلى 12,357 طالبًا في 2022، كما زادت الحصة السنوية للمصريين إلى 110 أماكن للعام الدراسي 2022/2023.
وتشمل التخصصات الأكثر شعبية بين المصريين في روسيا الطب العام، الهندسة، الميكاترونيك والروبوتات، الفيزياء النووية والتكنولوجيا، العلاقات الدولية.

ارتفاع تكلفة التعليم في مصر يدفع الطلاب للخارج

لم يعد الالتحاق بالجامعات في مصر مقتصرًا على تنسيق الثانوية العامة الذي تحدده وزارة التعليم العالي كما كان سابقًا، بل توسعت الجامعات الخاصة، ما جعل التعليم الجامعي مكلفًا جدًا للطبقة المتوسطة.
نتيجة لذلك، اضطر الكثيرون للتفكير في السفر إلى الخارج للحصول على شهادات جامعية من خلال مكاتب متخصصة في التسفير.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، تنتشر صفحات متخصصة في إلحاق الطلاب بالجامعات في الخارج، خصوصًا في روسيا، دول شرق أوروبا، والسودان.

 

“القدس العربي”:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب