تحقيقات وتقارير

رئيس إسرائيل السابق: تسوية الصراع النازف مع الفلسطينيين تكمن بكونفدرالية من البحر إلى النهر

رئيس إسرائيل السابق: تسوية الصراع النازف مع الفلسطينيين تكمن بكونفدرالية من البحر إلى النهر

الناصره /وديع عواودة

الناصرة-

يرى رئيس إسرائيل السابق رؤوفين ريفلين في حديث واسع لصحيفة “يديعوت أحرونوت” أن حل الصراع الدامي مع الشعب الفلسطيني يكمن بكونفدرالية إسرائيلية فلسطينية من البحر إلى النهر، محذّرا من أن تسوية الدولتين وهمٌ وليست ممكنة، داعيا لتشكيل حزب يهودي عربي لخوض انتخابات الكنيست القادمة، وأعرب عن قلقه من حالة اليأس الملازمة للإسرائيليين منذ السابع من أكتوبر.

وتأتي هذه المقابلة الصحافية مع ريفلين بمناسبة إصداره كتابا جديدا بعنوان: “رئيس على مياه هائجة”، وفيها يقول عن السابع من أكتوبر إنه لم يصدّق في البداية ما جرى: “في ذلك اليوم، يوم فرحة التوراة، استيقظت داخل بيتي في القدس، فقالوا إن هناك هجمات من حماس، فقلت: هذا هراء، فهم لن يستطيعوا تجاوز الجدار، فسلاح الجو سيجهز عليهم، والفرقة هناك ستنهي القصة. لم أفهم حجم الحدث. المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ممتازة وستبقى كذلك، لكن ينبغي أن تفهم وتصلح أخطائها، ومن أجل الأجيال القادمة، على المسؤولين عن هذا الفشل تسديد الثمن وهذا يحتاج للجنة تحقيق رسمية، أما لجنة تحقيق حكومية فستكون غير جديرة ولن يصدقها أحد”.

حزب عربي يهودي

وعن خلاصات ريفلين ابن الخامسة والثمانين، تقول “يديعوت أحرونوت” إنه بعد السابع من أكتوبر بالذات، وهو يقترح بديلا سياسيا استثنائيا للواقع الإسرائيلي وللقومجية والكراهية السائدة في إسرائيل. وتقول الصحيفة إن ريفلين الذي طالما عارض تسوية الدولين وأي فكرة تقسيم، لا يتنازل عن الحياة المشتركة لليهود والعرب في البلاد، ويتحدث بجرأة عن الخطاب السياسي السائد في إسرائيل بعد السابع من أكتوبر.

ونوهت أن ريفلين الذي ما زال يتمسك برؤية “أرض إسرائيل الكاملة” يقترح إقامة حزب عربي يهودي مركزي يحاول تغيير الواقع الإسرائيلي، ينجح في الفوز بـ15-18 مقعدا، وبعمل على إلغاء الفجوات في الحقوق بين اليهود والعرب.

وتشير “يديعوت أحرونوت” إلى أن الكتاب الذي سيعرض للبيع عما قريب، يتضمن تفاصيل الفكرة السياسية الجديدة لريفلين حول المساواة والحياة المشتركة. ويرى ريفلين أن الحل للصراع الدامي مع الشعب الفلسطيني يكمن بكونفدرالية إسرائيلية فلسطينية.

وتتابع الصحيفة: “هناك ما هو أعمق: يرشح من صفحات كتابه حنين معيّن للحياة المشتركة في البلاد قبل 1948 والتي عايشتها عائلته”. وفي هذا المضمار، يروي ريفلين أنه تحدث مرة بصفته رئيسا للكنيست مع بيل كلنتون بصفته رئيسا سابقا للولايات المتحدة، وذلك في أعقاب تصريح إيهود باراك عن ضرورة الفصل بين العرب واليهود في البلاد “نحن هنا وهم هناك” فقد أخذت كلينتون وفتحت له نافذة مكتبي في الكنيست وقلت: أنظر: تلك بيت لحم، فهي على بعد رصاصة ولا حاجة حتى لصاروخ ولو صعدنا للسقف سترى أكثر، وعندها قال كلينتون: فلنصعد للسقف.. فصعدنا وشاهدنا رام الله، فقلت له: هل رأيت ما معنى مقولة: نحن هنا وهم هناك؟”.

وردا على سؤال الصحيفة حول العبرة، يقول ريفلين: “هم هناك وهنا ونحن هنا وهناك أيضا. نحن معا، وبدلا من الخصومة والنزاع، على الجميع أن يعتاد الحقيقة أننا جميعا هنا، ولذا قلت لكلينتون: من المحظور علينا صياغة خطة لدولتين لشعبين. نحن لن نرضى لأننا لا نريد أن يحصل الفلسطينيون على أكثر من حكم ذاتي، وهم لن يوافقوا على شيء دون دولة كدولة إسرائيل. لدينا مطار بن غوريون الدولي، وهم يريدون مطارا عرفاتي الدولة وهكذا سلاحا للجو وللبحر. أثّر ذلك على كلينتون، ولاحقا رويتها على مسامع أوباما، لكنه أصغى أقل من كلينتون”.

الصداقة مع عائلات فلسطينية

كما يروي ريفلين الكثير عن طريقه السياسية، وعن علاقاته مع أرئيل شارون، الخيبات والآمال، مثلما يتحدث عن نتنياهو. وعن ذلك تقول “يديعوت أحرونوت” إن ريفلين يكشف عن خصومته مع نتنياهو وزوجته، حيث قال لها ذات مرة بعدما هاجمته لتوجيهه انتقادات لزوجها: “أنا لا أراكِ، وأنت بالنسبة لي غير موجودة”.

ويكشف ريفلين في حديثه مع الصحافي نداف أيال عن فزع اليهود في فلسطين خلال الحرب العالمية الثانية حينما كان الجيش النازي بقيادة رومل يتقدم في شمال إفريقيا نحو مصر والبلاد: “بالنسبة لليهود، كانت تلك الأيام مرعبة. كانت علاقة عائلتي بعائلة نسيبة وفريج والحسيني متينة، وكنا نتحدث بالعربية. فوالدي يوسيف يوئيل ترجم القرآن للعبرية، وأذكر في طفولتي زيارة لعائلة فريج في بيت لحم عام 1942، حيث جلس الجميع على شرفة البيت وتحدثوا عن الحرب عشية معركة العلمين. وكان أصدقاؤنا العرب في تلك المحادثة في بيت لحم يقولون لوالدي: الألمان سينتصرون في الحرب، ولكن لا تقلقوا فعندما سيصلون للبلاد سنقوم نحن بحراسة عائلتكم، فكان والدي يبتسم ويقول: لا، سينتصر مونتيغومري في الحرب، وسيعمق الإنجليز انتدابهم في البلاد. وسيمكوننا من إقامة دولة يهودية بناء على قرار مؤتمر سان ريمو عام 1923، وفي دولة إسرائيل لن أحتاج لحراستكم لأن القوانين فيها ستحميكم وتحمي حقوقكم”.

وعن ذلك يقول نداف أيال: “أنا أسمع قصة ريفلين هذه وأفكر في سري: عائلة ريفلين وعائلة الحسيني. من واحدة جاء عبد القادر الحسيني قائد القوات العربية في منطقة القدس خلال حرب 1948، ومن الثانية خرج رئيس إسرائيل”.

ما هي العبرة من هذه القصة حسب رأيك؟

ريفلين: “هاجرت عائلتي للبلاد عام 1890، وطالما تعاملت مع العرب كأبناء البلاد أبناء الوطن. وهكذا تعاملنا مع أنفسنا في القدس. لا يوجد ما هو أهم من عودة اليهود إلى وطنهم. معضلة جابوتنسكي كانت هل خلق الله الفرد أولا أم الأمة أولا؟ وطبعا تحدث بعد ذلك عن حيوية بناء دولة لليهود لأن أبناء البلاد العرب سيرفضون عودتنا لوطننا التاريخي ولا بد من بناء جدار حديدي لأهداف دفاعية. في نهاية المطاف، سيعيش الشعبان جنبا إلى جنب”.

ويتضمن الكتاب انتقادات لـ”خطة ترامب”، ويقول إنها لن تعمل بسبب الهيمنة والاستعلائية اليهودية التي لن يقبل بها الفلسطينيون.

بين شارون ونتنياهو

يقول الصحافي نداف أيال، إن الجميل في الكتاب، هو أنه ليس كتابا تاريخيا مرتبا، فتارة يروي ريفلين طفولته، وعن كلبتهم التي عضت جارتهم التي رفعت دعوى على عائلته، فقال للقاضي بصفته ولدا، إن الكلبة طيبة ولا تعض، فسأله القاضي لماذا إذن عضت هذه السيدة، فقال ريفلين له: أنت تسألني؟ اسألها هي.

من وقتها بدا واضحا أنه سيكون محاميا لامعا. هنا وهناك لاحظت أن كتابات ريفلين في كتابه شخصية الطابع، ويحاول تجميلها وتحسينها أحيانا. على سبيل المثال، يقول إن شارون قام باقتحام الأقصى عام 2000 خوفا من أعمال هيئة الأوقاف الإسلامية، بينما نحن نعلم أنه زار الأقصى كي يتغلب على إيهود باراك في انتخابات الكنيست عام 2001، حتى لو تفجر الشرق الأوسط على الطريق، فلم لا، بينما تبدو الزيارة هذه بالنسبة لريفلين مدفوعة باعتبارات موضوعية.

ويقول أيال إن الكتاب مليء بالقصص عن علاقة ريفلين مع نتنياهو التي بدأت بصداقة وانتهت بخصومة كبيرة: “بعدما خسر شامير المنافسة مع رابين في انتخابات 1992، قال شامير لي: لا تخطئ يا ريفلين، فأنا أعلم أنك معني بنتنياهو لأنك تريد للليكود أن يقوى وينجح، ونتنياهو يتمتع بقدرات بيانية كبيرة. أنا عيّنته نائبا لوزير الخارجية، وأنا أيضا تعاملت معه كشخص يدفع الليكود للأمام، لكنه حالة شريرة مرضية، وهو لا يرى سوى نفسه، وهو ملاك الخراب من شأنه أن يهدم كل شيء. أعلم أن الدولة مهمة لك، ولذا كن حذرا من دفعه للأمام، وهو لن يفي بأي وعد يقطعه”.

ويكشف ريفلين في كتابه أن نتنياهو زاره كرئيس حكومة، والتقيا في ديوانه كرئيس الدولة، فطلب أن يمنح الجندي ليؤور أوزاريا عفوا بعد اعتقاله لإطلاقه النار على الشاب عبد الفتاح الشريف في الخليل عام 2016 رغم أنه كان ممدا نازفا على الأرض.

وحسب “يديعوت أحرونوت” غضب ريفلين لطلب نتنياهو فقال: “ما فعله أزاريا عمل سيئ غير جدير ويستحق الرد. لو كان شقيقك يوني نتنياهو بيننا الآن لكان كرر ما أقوله لك. لكن نتنياهو استشاط غضبا وقال لريفلين: لا تدخل يوني بيننا في المحادثة”.

ويقول أيال إن ريفلين قال له في محادثتهما عن الكتاب وعن مسيرته، إن بن غفير رجل فاشي جدا ويمعن في تصديع المجتمع الإسرائيلي ويقيم ميليشيات مسلحة.

ويشير أيال إلى أن ريفلين كتب كتابا كوثيقة شخصية لا تأريخا، ولذا لا أحد يشكو منه. وينقل عن ريفلين قوله إن ما يقلقه ويقض مضاجعه اليوم، أن “الشعب يائس وابتعد عن السياسة ابتعاده عن المياه العادمة، ولذا اقترح على الإسرائيليين الطيبين دخولهم السياسة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب